أذربيجان تسعى إلى تأسيس صندوق استثماري مشترك مع السعودية لتنفيذ مشاريع خارج البلدين

أذربيجان تسعى إلى تأسيس صندوق استثماري مشترك مع السعودية لتنفيذ مشاريع خارج البلدين

في خطوة تعكس طموحاً لتعميق العلاقات الاقتصادية والاستثمارية، تعمل أذربيجان بجد على تحويل تفاهماتها الأخيرة مع المملكة العربية السعودية إلى واقع ملموس، وذلك من خلال مقترح تأسيس صندوق استثماري مشترك وتنفيذ مشاريع استثمارية خارج حدود البلدين. هذا ما كشف عنه سفير أذربيجان لدى السعودية، شاهين عبد اللاييف، في مقابلة خاصة مع صحيفة «الشرق الأوسط».

وقال إن بلاده تتطلع إلى مزيد من التعاون المثمر مع الرياض خلال الفترة المقبلة، من خلال ترجمة نتائج الاجتماع الثامن للجنة الحكومية المشتركة التي انعقدت في الرياض في أبريل (نيسان) 2025، برئاسة وزير الاستثمار السعودي المهندس خالد الفالح، ونائب رئيس مجلس الوزراء الأذربيجاني سمير شريفوف. وذكر أن الاجتماع شهد توقيع عدد من مذكرات التفاهم في مجالات الطاقة والنقل واللوجيستيات والمياه، إلى جانب اعتماد توصيات الاجتماع السادس لمجلس الأعمال السعودي الأذربيجاني، الذي يعد منصة حيوية لتعزيز التواصل والشراكات بين مجتمع الأعمال في البلدين.

سفير أذربيجان لدى السعودية (الشرق الأوسط)

وأشار إلى التطور الملحوظ الذي شهدته العلاقات بين أذربيجان والسعودية في السنوات الأخيرة، لا سيما في مجالات الاقتصاد والاستثمار والطاقة والسياحة والثقافة، لافتاً إلى أن شركة «أكوا باور» السعودية تعد من أبرز المستثمرين في قطاع الطاقة المتجددة في أذربيجان.

ولفت إلى أن عام 2024 شهد توقيع برنامج تنفيذي مشترك بين البلدين على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «كوب 29» في باكو، لتعزيز التعاون في مجالات تطوير ونقل الطاقة المتجددة، بحضور وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، ورئيس أذربيجان إلهام علييف.

وأكد عبد اللاييف أن الاتفاقيات الموقعة مع وزارة الطاقة الأذربيجانية وشركة النفط الوطنية (سوكار) تتضمن تنفيذ مشاريع طاقة رياح برية وبحرية بقدرة إجمالية تصل إلى 2.5 غيغاواط، إلى جانب تطوير نظام لتخزين الطاقة باستخدام البطاريات. وأوضح أن وزير الاقتصاد الأذربيجاني، ميكائيل جباروف، اقترح في زيارته الأخيرة إلى السعودية، خلال ديسمبر (كانون الأول) 2024، مع كبار المسؤولين ورجال الأعمال السعوديين، تأسيس صندوق سيادي استثماري مشترك يهدف إلى تعزيز الاستثمارات في القطاعات ذات الأولوية في الأجندة الاقتصادية للبلدين، إضافة إلى الاستثمار في دول ثالثة.

لقاء وزيري خارجية السعودية وأذربيجان بالرياض (الشرق الأوسط)

وأكد السفير أهمية توقيع اتفاقية حماية الاستثمارات بين المملكة وأذربيجان، وتقديم الحوافز والتسهيلات للمستثمرين السعوديين لتشجيعهم على الاستثمار في المناطق الاقتصادية الحرة في أذربيجان، مشيراً إلى أن الجانبين بحثا سبل تعزيز التعاون في مجالات البترول والطاقة المتجددة والصناعة والسياحة والبنية التحتية والثروة الحيوانية والزراعة والتعدين.

وأشار عبد اللاييف إلى زيادة كبيرة في عدد السياح السعوديين إلى أذربيجان، حيث تجاوز عددهم 100 ألف سائح خلال عام 2024، بزيادة تزيد على 31 في المائة مقارنة بعام 2023، متوقعاً استمرار نمو التعاون السياحي بين البلدين، مع التركيز على تطوير برامج سياحية مشتركة، وتبادل الخبرات في مجالات السياحة المستدامة، وتنظيم فعاليات ومعارض سياحية مشتركة، ما يعزز العلاقات الثنائية ويفتح آفاقاً جديدة للتعاون في القطاع.

استراتيجية تنموية

وتحدث السفير عن دور استراتيجية النفط التي وضعها رئيس أذربيجان حيدر علييف، باعتبارها أساساً للتنمية الاقتصادية في البلاد، حيث شهدت أذربيجان طفرة اقتصادية كبيرة، جعلتها من أكثر الدول تطوراً في المنطقة، مستثمرة في البنية التحتية والتعليم والصحة والتنمية المستدامة.

وأشار إلى الدور المحوري الذي تلعبه أذربيجان في ضمان أمن الطاقة على المستوى الإقليمي والدولي، من خلال مشاريع كبرى مثل خط أنابيب باكو-تبليسي-جيهان، وخط أنابيب الغاز العابر للأناضول (TANAP)، وخط أنابيب الغاز العابر لأوروبا (TAP)، التي تعزز أمن الطاقة في أوروبا والعالم.

وأوضح أن فوز باكو باستضافة الدورة التاسعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «كوب 29» تؤكد مكانة أذربيجان الدولية ودورها المتنامي في القضايا العالمية، خصوصاً في مجال العمل المناخي.

وأشار إلى أن مؤتمر المناخ أسفر عن اتفاق يدعو الدول المتقدمة لتقديم 300 مليار دولار سنوياً للدول النامية بحلول عام 2035، بهدف الحد بشكل كبير من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وحماية الأرواح وسبل العيش من تأثيرات تغير المناخ المتفاقمة.

جانب من اجتماع اللجنة الحكومية السعودية الأذرية المشتركة في الرياض (الشرق الأوسط)

العلاقات السعودية الأذرية

وشدد عبد اللاييف على أن العلاقات بين أذربيجان والسعودية تاريخية وأخوية تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، موضحاً أن المملكة اتخذت موقفاً داعماً وثابتاً تجاه أذربيجان يقوم على مبادئ احترام السيادة ووحدة الأراضي وفقاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.

ولفت إلى أن هذا الموقف «يعد تعبيراً صادقاً عن عمق العلاقات الأخوية التي تربط البلدين والشعبين، ويعزز الثقة والتعاون في مختلف المجالات، سواء على الصعيد الثنائي أو في إطار المنظمات الدولية، ومنها منظمة الأمم المتحدة ومنظمـة التعاون الإسلامي وحركة عدم الانحياز».

وأشار إلى الدعم القيّم الذي يقدمه «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» في مجال إزالة الألغام في المناطق المحررة، وأفاد بأنه تم توقيع مذكرة تفاهم في يناير (كانون الثاني) 2024 بين المركز والوكالة الوطنية الأذربيجانية لنزع الألغام، تضمنت مساهمة مالية لدعم أنشطة نزع الألغام، وأسهمت في تسريع إعادة الإعمار وتأمين عودة المدنيين إلى مدنهم وقراهم بسلام.

وختم عبد اللاييف حديثه بأن العلاقة الثنائية بين البلدين تنعكس على التعاون الاقتصادي عبر تعزيز الشراكات، مع دخول أذربيجان مرحلة جديدة من إعادة الإعمار والتنمية المستدامة، عقب عملية ناجحة لاستكمال بسط السيادة على كامل إقليم قره باغ، بالتزامن مع الاحتفال بذكرى إعلان استقلال أذربيجان في 28 مايو (أيار) 1918.