
سلطت منصة Modern Diplomacy الأوروبية الضوء على أهمية خطة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب في عام 2007 لحل النزاع حول الصحراء المغربية، والذي استمر لأكثر من خمسين عاما.
وتعد هذه المبادرة المبنية على الشرعية التاريخية، والاستقرار الإقليمي، والتنمية الشاملة، الخيار الواقعي الوحيد الذي يلقى قبولا متزايدا من المجتمع الدولي كحل دائم للنزاع.
تشير المنصة إلى أن أصل النزاع يعود إلى عام 1975، عقب انسحاب إسبانيا من الصحراء، حيث أقر الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بوجود روابط قانونية وولاء بين القبائل الصحراوية والعرش المغربي، وبناء على هذه المعطيات، أطلق المغرب “المسيرة الخضراء” التي أعادت التأكيد بشكل سلمي على سيادته.
وتبرز خطة الحكم الذاتي، التي قدمت للأمم المتحدة في أبريل 2007، كامتداد لتلك الشرعية، فهي تمنح سكان الأقاليم الجنوبية سلطات تنفيذية وتشريعية وقضائية واسعة، مع الحفاظ على الوحدة الوطنية في القضايا السيادية مثل الدفاع والسياسة الخارجية والعملة.
أبرز التقرير أن خطة المغرب تلقى دعما من قوى عالمية كبرى، من بينها الولايات المتحدة، فرنسا، ألمانيا، إسبانيا والمملكة المتحدة، حيث تعتبر هذه الدول المبادرة المغربية الحل الوحيد الواقعي للنزاع الإقليمي المصطنع، كما دعمت العديد من الدول الإفريقية والعربية هذه المبادرة من خلال فتح قنصليات في مدينتي العيون والداخلة، بما يعزز الاعتراف بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.
ويعزز هذا الزخم الدبلوماسي موقف المغرب، خاصة مع الدعم المستمر من شركاء إقليميين كدول الخليج ومصر، التي ترى في الحكم الذاتي مقاربة متوازنة تلبي تطلعات السكان المحليين دون المساس بوحدة أراضي المغرب.
وتبرز المنصة كذلك الأثر الإيجابي المحتمل لخطة الحكم الذاتي في دعم الأمن الإقليمي، خاصة في ظل التحديات الأمنية العابرة للحدود بمنطقة الساحل، إذ يشكل استمرار النزاع عائقا أمام جهود مكافحة الإرهاب، وضبط الهجرة، وتعزيز التعاون الإقليمي، في حين من شأن تحقيق الاستقرار أن يتيح توجيه الموارد نحو تنمية المغرب الكبير.
وتؤكد المنصة أن استقرار الجنوب المغربي يعتبر أمرا جوهريا للتصدي لتهريب الأسلحة والبشر، ومنع تسلل الجماعات الإرهابية، مشيرة إلى أن الدعم الدولي المتزايد للمبادرة المغربية يعكس قناعة عالمية بأن الصحراء المستقرة داخل مغرب موحد تمثل مفتاح السلام في شمال إفريقيا.
تؤكد Modern Diplomacy أن خطة الحكم الذاتي ليست مجرد تسوية سياسية، بل هي تصور شامل يتضمن أبعادا ثقافية واقتصادية ومؤسساتية، عبر تعزيز الحكم المحلي وتنفيذ مشاريع كبرى مثل ميناء الداخلة الأطلسي، وتطوير الطاقات المتجددة، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وتساهم هذه المشاريع في ترسيخ مفهوم الحكم الذاتي ضمن رؤية تنموية شاملة تقوم على الإدماج والعدالة الاجتماعية، وتستجيب لتطلعات السكان المحليين.
وتختم المنصة تحليلاتها بالتأكيد على أن المبادرة المغربية تمثل خيارا واقعيا ومتوازنا يتجاوز الجمود القائم بين خيار الاستقلال أو الاندماج الكامل، وفي ظل الغموض الذي يلف السياق الدولي، تظهر هذه المقاربة كحل وسط توافقي يمكن أن يسهم في تحقيق المصالحة المغاربية.