
تضغط شركات أمريكية على واشنطن لخفض الرسوم الجمركية على فيتنام، مشيرةً إلى أن هذا البلد في جنوب شرق آسيا أصبح عنصراً محورياً في استراتيجيتها لتقليل الاعتماد على الصين، المعروفة باسم “الصين زائد واحد”.
وقد كانت هانوي، من أكبر المستفيدين من الحرب التجارية التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال ولايته الأولى، مع انتقال العديد من المصنّعين من الصين إليها.
وتُعد شركات “أبل” و”إنتل” و”نايكي” من أبرز الأسماء الأمريكية التي تعتمد بشدة على الإنتاج في فيتنام.
نتيجة لهذا التحول في سلاسل الإنتاج، ارتفع فائض فيتنام التجاري مع الولايات المتحدة بشكل كبير، متجاوزاً 125 مليار دولار العام الماضي، لتحتل المرتبة الثالثة بعد الصين والمكسيك.
وكانت إدارة ترامب قد فرضت في أبريل رسوماً جمركية بنسبة 46% على فيتنام، وهي من أعلى المعدلات بعد الصين، قبل أن تُجمد مؤقتاً في انتظار نتائج المفاوضات التجارية.
وأشارت “غرفة التجارة الأمريكية في هانوي”، التي تضم في عضويتها فروعاً فيتنامية لمستثمرين كبار مثل “أبل”، إلى أن مثل هذا الإجراء قد يتعارض مع المصالح الاستراتيجية الأمريكية في جنوب شرق آسيا، حيث تسعى واشنطن إلى تنويع مصادرها بعيداً عن الصين.
وقالت الغرفة في رسالة وجهتها إلى مسؤولين في الولايات المتحدة وفيتنام، وحصلت صحيفة “فاينانشيال تايمز” على نسخة منها، إن فيتنام أصبحت شريكاً مهماً للولايات المتحدة في سياق تنويع سلاسل التوريد.
رغم أن الرسالة لم تذكر الصين بالاسم، فقد أضافت: “نحث الحكومة الأمريكية على اعتبار هذا الاتجاه في العجز التجاري دليلاً على نجاح الرئيس ترامب خلال ولايته الأولى في تنويع سلاسل الإمداد في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. ونحث الولايات المتحدة على تجنب إجراءات جمركية انتقامية وقطاعية ضد النتيجة المنطقية لأهداف سياساتها نفسها”.
أكدت الغرفة أن الرسوم الجمركية تُعد “قضية بالغة الأهمية” بالنسبة للشركات الأمريكية العاملة في فيتنام، لأن رفعها “سيؤثر سلباً على أعمال أعضائنا وزبائنهم، وعلى العلاقات التجارية الأوسع بين البلدين”.
تُعد فيتنام محوراً أساسياً في سلاسل الإمداد الخاصة بعدد من الشركات الأمريكية، فهي مسؤولة عن نصف إنتاج “نايكي” من الأحذية، التي تعتزم الآن رفع الأسعار بسبب الرسوم.
ويتوقع المحللون أن تعتمد “أبل” على فيتنام في تصنيع ثلثي سماعات “إير بودز” بحلول نهاية العام.
تأتي مساعي الضغط من الشركات الأمريكية في وقت تسابق فيه الدول الزمن للتوصل إلى اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة قبل انتهاء فترة تعليق الرسوم في 9 يوليو.
ومن المقرر أن يعقد مسؤولون أمريكيون وفيتناميون جولة ثالثة من المحادثات بحلول منتصف يونيو، بحسب هانوي.
وقد يكون لرسوم نسبتها 46% وقع مدمر على الاقتصاد الفيتنامي، نظراً لأن الولايات المتحدة تمثل قرابة ثلث صادرات البلاد.
كما ستؤثر هذه الرسوم سلباً على تدفق الاستثمارات الأجنبية الجديدة إلى فيتنام.
وقد وعدت فيتنام بشراء مزيد من المنتجات الأمريكية، بما في ذلك طائرات “بوينج” والغاز الطبيعي المسال، كما تعهدت بإزالة الحواجز غير الجمركية أمام الشركات الأمريكية.
خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي، قال وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك إن حتى لو أزالت فيتنام جميع الرسوم والحواجز غير الجمركية على السلع الأمريكية، فإن واشنطن لن ترفع الرسوم المفروضة على فيتنام طالما بقيت بمثابة قناة للبضائع الصينية لتفادي العقوبات الأمريكية.
وأضاف لوتنيك: “يشترون بـ90 مليار دولار من الصين، ثم يضيفون هامش ربح ويعيدون إرسالها إلينا. إنهم مجرد ممر من الصين إلى الولايات المتحدة”.
أكد مسؤولون فيتناميون الأسبوع الماضي أنهم يتعاملون مع القضايا المطروحة من الجانب الأمريكي بـ”تصميم ونية طيبة”.
قد تُضيف البيانات التجارية الجديدة ضغوطاً إضافية على فيتنام، إذ أظهرت أرقام أمريكية أن الفائض التجاري لصالح فيتنام ارتفع في أبريل ليحتل المرتبة الثانية متجاوزاً المكسيك.
كما أظهرت البيانات الفيتنامية استمرار ارتفاع الصادرات إلى الولايات المتحدة في مايو.
وفي رسالتها إلى حكومتي البلدين، دعت غرفة التجارة الأمريكية إلى تعاون بين سلطات الجمارك في فيتنام والولايات المتحدة لمعالجة مسألة إعادة التصدير غير القانونية، وهي فكرة يقول مطلعون على الملف إنها قيد الدراسة من الطرفين.
كما دعت الغرفة فيتنام إلى تسريع وتيرة شراء المنتجات الأمريكية، وتنفيذ إصلاحات في عدد من القطاعات.
واقترحت على وجه التحديد “تحريراً كاملاً” لقطاع الطاقة الفيتنامي بهدف جذب الاستثمارات.
وأضافت أن مثل هذه الخطوة “ستُحفز واردات فيتنام من التوربينات الأمريكية، ومنشآت الغاز الطبيعي المسال، والوقود، ومعدات البنية التحتية للرياح، والبطاريات، وخدمات التمويل والبناء والهندسة”، وهي عناصر قالت الغرفة إنها ستُسهم في معالجة اختلال الميزان التجاري.