
انطلقت اليوم فعاليات ملتقى القاهرة التاريخية الذي ينظمه وزير السياحة والآثار شريف فتحي بالشراكة مع المكتب الإقليمي لليونسكو في القاهرة، وذلك بهدف مناقشة المبادرات المستقبلية والمقترحات المتعلقة بتطوير وإعادة تأهيل القاهرة التاريخية. يهدف الملتقى إلى دعم جهود الحفاظ على الطابع الفريد للعاصمة المصرية من خلال مناقشة نتائج منتدى الجامعات التراثي الأخير والبحث في آليات التطبيق على أرض الواقع.
وشهد الملتقى حضور شخصيات رسمية بارزة من بينهم محافظ القاهرة الدكتور إبراهيم صابر، ورئيس مجلس إدارة صندوق التنمية الحضرية اللواء خالد صديق، والأمين العام للمجلس الأعلى للآثار الدكتور محمد إسماعيل خالد، وممثلون عن وزارة السياحة والآثار، كما شارك مدير عام المكتب الإقليمي لليونسكو بالقاهرة الدكتورة نوريا سانز، إلى جانب خبراء من غرفة شركات ووكالات السفر والسياحة وعدد من المتخصصين والجامعيين في مجال التراث.
وفي كلمته خلال الجلسة الافتتاحية، أكد شريف فتحي على حرص الوزارة والجهات المعنية على الاستفادة من الرؤى المطروحة والاستماع إلى كافة الأفكار من أجل التوصل إلى خطط فعالة تترجم مشاريع تطوير القاهرة التاريخية إلى خطوات ملموسة، مع استعراض الإمكانيات الحالية وتحديد أدوار جميع الشركاء لضمان التنفيذ الأمثل.
كما لفت الوزير إلى أهمية فتح النقاش وتبادل وجهات النظر كخطوة أساسية لتحقيق تطور يعكس قيمة القاهرة التاريخية المتميزة، مركّزاً على ضرورة إحياء الصناعات والحرف التقليدية وتشجيع أصحابها عبر تخصيص أماكن لهم لعرض منتجاتهم ضمن المناطق التاريخية دون رسوم مالية بهدف دعم نشاطهم وضمان استدامته، بالإضافة إلى ربط منتجاتهم بمنظومات التسويق الرقمي.
وكشف الوزير عن بدء مرحلة جديدة من التعاون العملي بين الوزارة ومحافظة القاهرة وصندوق التنمية الحضرية لوضع آليات تنفيذية لمشاريع التطوير بناءً على الأولويات الوطنية. كما أعلن عن إمكانية مشاركة ملخصات المشاريع المطروحة على المنصة الرقمية التي أطلقتها الوزارة الاسبوع الماضي، بما يسمح للمعنيين بتقديم عروض تعريفية بأهداف وآليات هذه المبادرات.
وأكد وزير السياحة والآثار خلال المناقشات على أهمية تخصيص معرض دائم للحرف التراثية داخل منطقة الجمالية لربط الحرفيين بالسوق السياحي مباشرة وتعزيز تسويق منتجاتهم إلكترونياً، مع ضرورة إنشاء مركز متكامل للزوار يوفر خدمات متنوعة بغية تطوير التجربة السياحية للمنطقة وتنظيم حركة الزائرين استناداً إلى خريطة توضح أبرز المواقع الأثرية.
وأبرزت الدكتورة نوريا سانز من جانبها الجهود المشتركة المبذولة على مدى عامين في إعداد خطط الحفاظ على القاهرة التاريخية، مشيرة إلى استعداد اليونسكو لمواصلة تقديم الدعم اللازم لضمان نجاح المشروعات التي تكرس التعاون بين الجهتين، وثقتها في استمرار فرق العمل نحو إتمام المهام القادمة.
من جانبه شدد الدكتور محمد إسماعيل خالد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار على ضرورة العمل المتوازي والتكاملي بين مختلف مشروعات تطوير القاهرة التاريخية بهدف إخراجها في أفضل صورة تليق بأهمية النسيج التاريخي والمعماري للمدينة.
وخلال الملتقى، عبّر ممثلو غرفة شركات ووكالات السفر والسياحة عن تقديرهم لما تم طرحه من مشروعات، وأبدوا رغبتهم في تنسيق البرنامج النهائي لمسارات الزيارة المقترحة في القاهرة التاريخية. كما دعوا إلى تنظيم جولات تعريفية لهذه المسارات لصالح شركات السياحة والمرشدين لتعزيز معرفتهم بالمواقع.
وتضم قائمة المشاريع المطروحة خلال الملتقى سبعة مشروعات رئيسية، من بينها مشروع منطقة آثار القلعة الهادف إلى تقليل استهلاك الطاقة عبر دمج مصادر الطاقة المتجددة في مباني القلعة وتعزيز الوعي التاريخي باستخدام التقنيات الحديثة كالواقع الافتراضي والمعزز لتحقيق بيئة مستدامة وتقليص الانبعاثات.
أما مشروع منطقة آثار الفسطاط فيركز على إشراك المجتمع المحلي في الحياة اليومية وتعزيز التراث الثقافي والاستدامة الاجتماعية والاقتصادية من خلال تطوير المساحات الخضراء والبيئة العمرانية.
ويسعى مشروع منطقة آثار الجمالية إلى دمج الصناعات الإبداعية مع التراث غير المادي في مجالات التخطيط الحضري وتقديم تجربة سياحية متكاملة قائمة على الحفاظ والتنمية الاقتصادية بما يناسب خصوصية المنطقة، مع إنشاء خارطة للمواقع الأثرية ومركز خدمات الزوار، وإقامة معرض للحرف المحلية وربطه بالبيع الإلكتروني لزيادة الانتشار.
كما يتناول مشروع منطقة آثار الدرب الأحمر استخدام أساليب التمويل المبتكرة لإحياء المباني التاريخية وتطوير مراكز ثقافية واقتصادية واجتماعية متعددة الوظائف، مع تشجيع إعادة الاستخدام التكيفي للمباني وتحسين تجربة المشاة عبر وسائل نقل صديقة للبيئة، وتعزيز التكامل بين الجهات المعنية لدعم النشاط السياحي والتراثي.
ويسعى مشروع منطقة آثار شرق القاهرة إلى تنفيذ خطة متكاملة لمسار زيارات سياحية تبدأ من مجموعة الأمير بن برقوق، مرورًا بمواقع تاريخية منها مقابر الشهداء ومدفن الأميرة شويكار، وينتهي المسار عند مجموعة برقوق من جديد، ويشمل المشروع إقامة مركز زوار متخصص لتوفير جولات افتراضية وأنشطة لنشر التوعية بالتراث وإحياء الحرف اليدوية المحلية.
ويركز مشروع منطقة آثار الإمام الشافعي على معالجة التداعيات المناخية وتوسعة المساحات الخضراء في الموقع لمقاومة تغير المناخ والاستفادة من المياه الجوفية للزراعة، مع العمل على إحاطة المحاور المرورية بغطاء نباتي يسهم في تقليل التلوث وإنشاء حديقة مجتمعية تعتبر المدخل الرئيسي للمنطقة.
أما مشروع منطقة آثار الأزهر والغوري فيستهدف إعادة فتح مجموعة من المباني التاريخية وتوظيفها لتكون مراكز ثقافية وتدريبية للحرفيين والفنانين، وتوفير مساحات للأنشطة الاجتماعية المحلية، بما يعزز من دور المجتمعات المحلية في إدارة المنطقة التراثية اجتماعياً وثقافياً.