
مزهر جبر الساعدي: الحرب الايرانية الاسرائيلية.. هل تستسلم ايران ام تقاوم وتصمد؟
مزهر جبر الساعدي
في الساعات الأخيرة تطور العدوان الاسرائيلي الامريكي على ايران؛ حتى انه اخذ ابعاد اخرى هي غير ما صرحوا به في اول يوم من العدوان على ايران. من ابرز هذه التطورات هو تصريح الرئيس الامريكي المثير الا هو الطلب او انه قال؛ ليس امام ايران الا الاستسلام او التدمير ويقصد هو تدمير البرنامج النووي الايراني. هذا التصريح يؤكد تماما ان امريكا ليس هي من اعطى الضوء الاخضر للكيان الاسرائيلي المجرم في العدوان على دولة مستقلة وذات سيادة وعضو في الامم المتحدة، كما انها لم تكن في حالة حرب مع الكيان الاسرائيلي، بل ان امريكا ترامب هي الشريك الفعلي مع (اسرائيل) في حملتها الاجرامية والعدوانية والتدميرية على ايران.
كما ان هذا التصريح بحد ذاته يعكس ان هذا العدوان ما هو الا بنتيجة تخطيط مسبق ومتفق عليه بين الكيان الاسرائيلي وامريكا ترامب.
السؤال هنا هل تستسلم ايران بلا شروط لأمريكا ترامب واسرائيل نتنياهو؟ الجواب ان ايران وبكل تأكيد لن تستسلم لهما بلا شروط، بل عبر مفاوضات بينهما، لا تقدم ايران فيها تنازلات استراتيجية. في هذه الحالة هل بإمكانهما اي كل من اسرائيل وامريكا بإجبار ايران على ان ترفع رايتها البيضاء امام تهديداتهما العدوانية والمجرمة؟
اولا، من المستبعد جدا ان تستسلم ايران وهي في هذه الاوضاع، لأن استسلامها لسوف ينعكس سلبا ولو بعد زمن قصير على الداخل الايراني، من جانب اما من الجانب الثاني؛ فأن هذا الاستسلام لسوف لا يقف عند حد محدد، اي عند البرنامج النووي الايراني، بل يتعداه، بما يشمل كل ملفات المنطقة.
ثم ان امريكا حتى وان هي دخلت في الحرب الى جانب الكيان الاسرائيلي، ولو ان هذا من وجهة النظر الشخصية امرا مستبعد لأسباب واضحة او ان كاتب هذه السطور المتواضعة كان قد كتب عنها اي عن هذه الأسباب في سطور سابقة؛ ليس في إمكان الكيان الاسرائيلي؛ تدمير كل البرنامج النووي الايراني وبالذات ما هو موجود في فوردو وفي اصفهان، وهما قلب النووي الايراني اوانهما جوهر وعصب الوقود النووي، فهما وبالذات فوردو في جذر جبل وعلى عمق اكثر من 100م، الا حين تتدخل امريكا في هذا العمل العدواني والمجرم. هل تقوم امريكا بهذا العمل الاجرامي؟
من غير المحتمل حتى وان دخلت امريكا مع اسرائيل في العدوان؛ ان تقوما بتدمير المنشأ النووي الايراني؛ لأن ذلك سوف يجعل كل المنطقة تتعرض لتلوث اشعاعي ولزمن مديد جدا.. اعتقد ان العملية او هذا العدوان هو ابعد من القضاء على النووي الايراني، بل هو يتعداه على احداث فوضى في ايران؛ تقود الى هز كل اعمدة النظام بعد احداث خلخلة في القوة العسكرية والأمنية بفعل قوة وسعة الضربات الاسرائيلية على مواقع العسكرية والاقتصادية وما إليهما. ان هذا ما هو الا حلم بليس بالجنة.
ان الشعوب الايرانية وبالذات الفرس والاذر، وهما قلب كل الانظمة التي تعاقبت على حكم ايران، وركائزها المهمة بل هما الاهم في صناعة القرار سواء العسكري او السياسي في ايران، وبفعل كل التراكم التاريخي عبر قرون وبالذات خلال الخمسة قرون الأخيرة؛ سوف تجبرهم كرامة وطنهم ومستقبل وطنهم، والشعور التاريخي بالكبرياء وبالقدرة على الصبر التي عرفوا بها خلال تلك القرون التي خلت والتي يستحضرها الايراني في لحظة كل معركة او منازلة لبلده اي كان من يحكم وطنه؛ عليه فأن شعوب ايران لسوف تصطف مع قادتهم بفعل كم الادراك في نفوسهم وضمائرهم، وتراكمات القدرة العقلية التي رسخها تأريخهم في اذهانهم؛ في قراءة سوء المصير ان هم جنحوا الى الفوضى.
بدفع من كل هذه التراكمات التاريخية لسوف تقف الشعوب الايرانية مع الحكومة الايرانية في منازلتها مع شياطين الشر في تل ابيب وفي واشنطن. ان قادة ايران ادركوا بان العدوان ربما يستمر لفترة طويلة، لذا، فأنهم قد اعدوا عدتهم لهذا الصراع المصيري بينهم وبين امريكا ترامب واسرائيل نتنياهو. فقد قلصوا عدد الصواريخ التي يدكون بها موطن الشر في اسرائيل في كل ليلة تمر على الاسرائيليين، وربما هناك موارد اخرى في حوزة ايران لم تستخدمها بعد. كما ان اغلاق مضيق هرمز ليس صعبا عليها حين يتواصل العدوان عليها من قبل اسرائيل وامريكا. كما ان ضرب قواعد امريكا من قبلها او من مؤيديها في دول تلك القواعد؛ هو الأخر ليس صعبا عليها سواء قانونيا او اخلاقيا؛ لأنهما امريكا واسرائيل هما من خرقا القانون الدولي والاخلاق والاعراف الدولية بشن اسرائيل عدوانها غير المبرر على ايران، وبعون ودعم وتخطيط امريكي مشترك مع اسرائيل، وربما لاحقا تشترك تنفيذا معها.
في الخلاصة ان ايران من الصعوبة الكلية ان تستسلم لمطالب ترامب. قول لابد منه في هذه السطور المتواضعة ان ايران لها ما لها وعليها ما عليها؛ لكنها وفي كل الاحوال تظل هي الدولة التي قاومت وتقاوم المشروع الامريكي الاسرائيلي في المنطقة.
ان هزيمة ايران يعني بالنتيجة الحاكمة هو سيطرة المشروع الامريكي الاسرائيلي على كل دول المنطقة واقصد هنا هي دول القارة العربية، وإعادة رسم خرائطها طبقا لما هما يريدان امريكا واسرائيل بما في هذا؛ الحلم بتصفية القضية الفلسطينية. في المقابل ان هزيمة المشروع الامريكي الاسرائيلي في ايران هو ايضا وبحكم الترابط العضوي؛ هو انتصار لكل شرفاء الاوطان العربية. في الختام اقول ان المشروع الامريكي الاسرائيلي سوف يفشل بدرجة اكبر كثيرا جدا من نجاحه، حتى لو جزئيا..
كاتب عراقي
ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع
للدعم: