
أبقى بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بدون تغيير للمرة الرابعة على التوالي، مما يمنحه مزيداً من المرونة لتقييم تأثير سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترمب على الاقتصاد، مراهناً على تماسك سوق العمل في وقت تتزايد المخاوف -والضغوط أيضاً- بشأن النمو، فضلاً عن تفاقم عدم اليقين في ظل التوترات الجيوسياسية المتزايدة.
صوتت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، اليوم الأربعاء، بالإجماع لصالح الإبقاء على سعر الفائدة المرجعي ضمن نطاق 4.25% و4.5%، بعدما خفضته 3 مرات متتالية في اجتماعات سبتمبر ونوفمبر وديسمبر بإجمالي نقطة مئوية كاملة.
قال الاحتياطي الفيدرالي في البيان المرافق للقرار اليوم إن حالة عدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية “انحسرت، ولكنها لا تزال مرتفعة”.
وأبقى البنك المركزي الأميركي على صياغة البيان السابق التي تشير إلى أنه “على الرغم من أن تقلبات صافي الصادرات أثرت على البيانات، إلا أن المؤشرات الأخيرة تشير إلى استمرار نمو النشاط الاقتصادي بوتيرة قوية. ولا يزال معدل البطالة منخفضاً، وظروف سوق العمل مستقرة. ويظل التضخم مرتفعاً بعض الشيء”.
وعلى الجانب الآخر، حذف صناع السياسات النقدية عبارة من البيان السابق كانت تشير إلى أن المخاطر المتعلقة بالبطالة والتضخم ارتفعت.
رفع مسؤولو السياسة النقدية لدى الاحتياطي الفيدرالي متوسط توقعاتهم لمعدل التضخم في توقعاتهم الاقتصادية المحدثة من 2.7% إلى 3% بنهاية العام. بينما خفضوا متوسط توقعاتهم لنمو الاقتصاد الأميركي من 1.7% إلى 1.4% بنهاية العام الحالي.
ومع ذك أبقى مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي على توقعاتهم بخفض الفائدة مرتين خلال العام الحالي، إذ لا يزال متوسط توقعات اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة يشير إلى خفض الفائدة 50 نقطة أساس في 2025.
ورغم ذلك، خفّض عدد من المسؤولين توقعاتهم لخفض الفائدة. إذ يتوقع سبعة مسؤولين الآن عدم خفض أسعار الفائدة هذا العام، مقارنةً بأربعة في مارس. وأشار اثنان آخران إلى خفض واحد هذا العام.
يهدف القرار للتريث حتى التأكد من أن التضخم ينخفض نحو المستوى المستهدف البالغ 2%، دون استنزاف خيار خفض الفائدة قبل تقييم تأثير رسوم ترمب الجمركية على الاقتصاد الأكبر في العالم. كما تأتي خطوة الفيدرالي في وقتٍ تتفاقم فيه المخاطر الجيوسياسية في ظل القصف المتواصل بين إيران وإسرائيل.
حذّر صناع السياسات النقدية من أن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب قد تؤدي إلى ارتفاع التضخم وزيادة البطالة. لكن حتى الآن، ساهم التوظيف المستقر وتراجع التضخم في إبقاء أسعار الفائدة من دون تغيير هذا العام.
ورغم التباطؤ المفاجئ في التضخم، حيث بلغ المقياس المفضل للفيدرالي 2.1% على أساس سنوي حتى أبريل، أشار صانعو السياسة النقدية في أكثر من مناسبة إلى المخاطر المتمثلة في احتمال عودة الأسعار للارتفاع، لا سيما إذا دخلت الرسوم الجمركية الإضافية حيّز التنفيذ في وقت لاحق من الصيف كما هو مقرر.
يأتي قرار اليوم الأربعاء رغم انتقادات دونالد ترمب المتكررة لرئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول مطالباً إياه بخفض الفائدة. كما وجّه الرئيس انتقادات لاذعة للبنك المركزي الأميركي، ووصفه بـ”المتأخر للغاية”، كما أطلق على باول لقب “العاجز”، وقال: “أنا أعلم عن أسعار الفائدة أكثر منه”.
وفي أحدث تصريحاته اليوم، كرر ترمب هجومه على رئيس الاحتياطي الفيدرالي، وقال إن أسعار الفائدة “ينبغي أن تكون منخفضة بنقطتين مئويتين” عن مستوياتها الراهنة.
ومع نهاية الشهر الماضي، وفي أول اجتماع مباشر بينهما منذ تنصيب ترمب، حث الرئيس الأميركي جيروم باول على خفض أسعار الفائدة، وقال لرئيس الاحتياطي الفيدرالي إنه يعتقد أن باول يرتكب خطأ بعدم خفض الفائدة، حسبما قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت في إفادة صحفية حينها. إلا أن باول أبلغ الرئيس بأن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي يتخذون قراراتهم بناءً على “تحليل دقيق وموضوعي وغير سياسي”، وفقاً لبيان صدر عن البنك المركزي الأميركي حينها.
أكد رئيس الفيدرالي، الشهر الماضي، استهداف استقرار التضخم، ليحافظ على مكتسبات دورة تشديد السياسة النقدية السابقة، وقال: “نلتزم بالحفاظ على توقعات التضخم على المدى الطويل”، والتأكد من أن الزيادات المؤقتة في الأسعار “لا تتحول إلى مشكلة تضخم مستعصية”.
وفي وقت سابق، طالب الرئيس بتخفيض الفائدة بمقدار نقطة مئوية كاملة، مشيراً إلى أن تكاليف الاقتراض المنخفضة من شأنها أن تساعد في تخفيف عبء الدين الأميركي.
باول أشار في تصريحاته عقب قرار الاحتياطي الفيدرالي في مايو على أن مسؤولي السياسة النقدية ليسوا في حاجة للاستعجال في تعديل أسعار الفائدة، مؤكداً أن “تكلفة الانتظار منخفضة نسبياً”، خاصة أن “الاقتصاد صامد
اقتصاد الشرق