دبلوماسية الإنقاذ حين يفشل الجميع

دبلوماسية الإنقاذ حين يفشل الجميع

في خضم التوتر المتصاعد الذي يلف منطقة الشرق الأوسط، ومع تزايد التحذيرات من انزلاق الأمور نحو تصعيد كارثي، تتجه الأنظار نحو “القاهرة” فبينما يلوح شبح “خيار شمشون” وتتراقص خيارات “الاستسلام” أو “التورط” أمام الأطراف المتنازعة والقوى الكبرى، يبرز الدور المصري كخشبة خلاص محتملة، ليؤكد أن مفتاح الحل قد يكون في يد الدبلوماسية المصرية، تمامًا كما كان على مر التاريخ.إن المشهد الإقليمي اليوم يعكس تحديًا كبيرًا للقوى الغربية، التي، ووفقًا لبعض المحللين، قد أخطأت في تعاملها مع دول ذات وزن حضاري وقوة إقليمية كـ”جماعات إرهابية”. هذا النمط من التعامل، الذي شوهد في الأزمات السابقة مع روسيا والآن مع إيران، قاد إلى “تورط” مكلف ودفع الأطراف إلى زوايا ضيقة، حيث يبدو الخيار العسكري هو الأوحد. هنا، تبرز حكمة “احترام القوة” كدرس تاريخي تتجاهله بعض القيادات، مما يقود إلى مآزق لا حصر لها.لماذا القاهرة؟ الحكمة في الحياد والقدرة على التأثيرفي هذا السياق المعقد، يبرز الموقف المصري الحيادي، كركيزة أساسية لاستقرار المنطقة ومصداقية للوساطة.
إن هذا الحياد ليس مجرد موقف سلبي، بل هو استراتيجية حكيمة:درع للاستقرار الإقليمي: تدرك مصر أن أي انحياز لأحد الأطراف سيدفع المنطقة نحو فوضى عارمة، وهو ما يتعارض تمامًا مع مصالحها القومية العليا ورؤيتها للاستقرار.حماية المصالح الوطنية:بالبقاء على الحياد، تحمي مصر نفسها من التداعيات المباشرة لأي صراع مسلح، سواء كانت أمنية أو اقتصادية، وتحافظ على قدرتها على التركيز على أولوياتها التنموية الداخلية.
بوابة للحل الدبلوماسي:الأهم من ذلك، أن الحياد يمنح مصر مرونة وقدرة فريدة على التواصل مع جميع الأطراف المعنية، حتى تلك التي تبدو في عداء مستحكم. هذا التوازن في العلاقات يفتح الباب أمام القاهرة لتكون وسيطًا مقبولًا وموثوقًا عندما تفشل كل الطرق الأخرى.فشل الحلول الأخرى.. نداء إلى الدبلوماسية المصريةعندما تستنفد الخيارات العسكرية، وتصل المفاوضات المتعثرة إلى طريق مسدود، ويصبح شبح التصعيد الكارثي وشيكًا، ستجد الأطراف نفسها مضطرة للبحث عن مخرج حقيقي. في هذه اللحظة الحرجة، ستتجه الأنظار نحو الدبلوماسية المصرية.تاريخ من النجاح: سجل مصر الحافل في حل النزاعات الإقليمية، من عملية السلام إلى أزمات الجوار، يمنحها رصيدًا هائلًا من الخبرة والمصداقية.قنوات الاتصال المفتوحة: بفضل علاقاتها المتوازنة مع القوى الدولية والإقليمية، بما في ذلك الولايات المتحدة والدول الأوروبية و الكيان الصهيوني، وكذلك قنوات الاتصال غير الرسمية مع أطراف أخرى، تستطيع مصر أن تكون الجسر الذي يربط بين المتخاصمين.فهم عميق للتعقيدات: تمتلك القاهرة فهمًا عميقًا للنسيج المعقد للشرق الأوسط، بما في ذلك الدوافع التاريخية والسياسية للجهات الفاعلة، مما يمكنها من صياغة حلول واقعية ومستدامة.لقد تورط الكيان الصهيوني في مأزق صعب، وتواجه أوروبا خطر التورط تحت “نيران” التصعيد إذا تدخلت بصورة معلنة. في ظل هذه الظروف، لا يبدو خيار “شمشون” مقبولًا لشعب الكيان الصهيوني الذي يتمسك بالحياة، بينما “الاستسلام” قد يعني تغييرات جيوسياسية كبرى يصعب على البعض تقبلها. 
هنا، يمكن أن تبرز القاهرة بمقترح دبلوماسي يهدف إلى وقف إطلاق النار، وتهدئة التوترات، وفتح مسارات لحل سياسي يجنب المنطقة كارثة شاملة.إن مصر ليست مجرد وسيط، بل هي لاعب استراتيجي يدرك أن أمن المنطقة هو جزء لا يتجزأ من أمنها القومي. 
لذا، من المتوقع أن تبذل القاهرة، بكل ثقلها الدبلوماسي وخبرتها، جهودًا حثيثة لإنقاذ الموقف عندما يفشل الجميع، مؤكدةً على أن الحكمة والحياد هما مفتاح الحل في عالم مضطرب