إنتاج الحرير في السعودية – أخبار السعودية

إنتاج الحرير في السعودية – أخبار السعودية

هل بالإمكان تحويل هذه الفكرة إلى واقع ملموس؟ خاصة أن المملكة اليوم أصبحت نموذجًا رائدًا في تنويع التجارب، وتمضي بخطى متسارعة نحو تقليل الاعتماد على الاستيراد في العديد من القطاعات.منذ فترة لفت نظري خبر عن توجه السعودية لزراعة العود، رغم أنها من أكبر مستورديه عالميًا.وفي ذات السياق ورد خبر مماثل عن توصل فريق بحثي سعودي في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية (كاكست) إلى تطوير فكرة زراعة الزعفران باستخدام تقنيات مبتكرة.وهو ما يفتح الباب أمام تساؤل يجول في خاطري: هل يمكن أن تتكرر التجربة مع الحرير؟ هل بإمكان السعودية أن تفعلها وتنجح في إنتاج الحرير محليًا، بدلًا من استيراده بالكامل؟الحرير بُردة الجمال، ليس مجرد مادة فاخرة، تجوب العالم، وتغري الأسواق بنعومتها المتفردة، بل هو جزء أساسي من صناعة كسوة الكعبة المشرفة، التي تتفرد بها المملكة منذ أكثر من مئة عام. لكم أن تتخيلوا في كل عام يتم استهلاك ما يفوق 1000 كيلوغرام من الحرير الخام لصناعة حُلة البيت المعظم، ما يعني أن إجمالي الاستهلاك على مدى قرن يتجاوز مئات الأطنان، جميعها مستوردة من الخارج، حيث تصل هذه الكميات إلى المملكة على هيئة شلل خام، مغطاة بطبقة السيريسين، وهو الصمغ الذي تفرزه دودة القز أثناء بناء شرنقتها، ليتم لاحقًا معالجته في معامل متخصصة داخل مجمع الملك عبدالعزيز لصناعة كسوة الكعبة المشرفة بمكة المكرمة. هذا الاعتماد الدائم على الاستيراد يطرح تساؤلًا يتبادر إلى الذهن دائمًا: لماذا لا يتم استزراع هذا المورد محليًا؟ولبحث إمكانية تحقيق ذلك، يجب أولًا دراسة مدى ملاءمة البيئة السعودية لاستزراع دودة القز، التي تعتمد في غذائها على أوراق التوت.المملكة لا ينقصها التنوع الجغرافي فهو واسع، ما بين المرتفعات المعتدلة، والسهول، والأودية الخصبة، وحتى المناطق الساحلية، مما يجعل من الممكن تحديد مواقع مناسبة لإنشاء مزارع التوت، سواء في بيئة طبيعية أو داخل مزارع يتم التحكم في مناخها لضمان الإنتاج المستدام.الهدف من المشروع في بدايته لا يجب أن يكون تحقيق الاكتفاء الذاتي فورًا، بل خوض تجربة عملية لتحديد مدى ملاءمة الظروف البيئية، ثم التوسع لاحقًا وفقًا للنتائج.التجارب العالمية أثبتت أن تربية دودة القز ليست حكرًا على مناطق معينة، بل يمكن تهيئة الظروف المناسبة لها حتى في بيئات غير تقليدية. ومع توفر الإرادة والاستثمار في البحث والتطوير يمكن للمملكة ليس فقط إنتاج احتياجها السنوي من الحرير، بل ربما تصبح مستقبلًا أحد المصدرين لهذه المادة النادرة.السعودية أكدت من خلال تجارب كثيرة أنها ليست مجرد مستهلك للأسواق العالمية، بل أصبحت دولة قادرة على خلق صناعات جديدة وتحقيق الاستدامة الاقتصادية.إذا نجحت تجربة زراعة العود، وغيرها من التجارب التي تخوضها في هذا الجانب، واتجاهها الملحوظ نحو تعمير الأرض أشجارًا، فأعتقد أننا أمام تحدٍ جديد ربما نراه في المستقبل القريب لإنتاج الحرير السعودي.الفكرة ليست بعيدة، والتحديات تستحق المحاولات.أخبار ذات صلة