د. حسين موسى اليمني: الغزو الفكري الصهيوني وتأثيره على وعي الأمة

د. حسين موسى اليمني: الغزو الفكري الصهيوني وتأثيره على وعي الأمة

د. حسين موسى اليمني: الغزو الفكري الصهيوني وتأثيره على وعي الأمة

 
د. حسين موسى اليمني

الغزو الفكري الصهيوني… حين يسلب العقل قبل الأرض

لقد غزانا العدو قبل أن يعبر حدودنا، وقبل أن يطلق رصاصةً واحدة. غزانا من أخمص القدم إلى مفرق الرأس، وسلب منا أعز ما نملك: وعينا.

لم يعد الخطر الصهيوني مقتصرًا على الدبابة والمدفع والطائرة، بل امتد إلى ما هو أعمق: إلى الأفكار، والقناعات، والعقيدة.
صرنا اليوم نُعاني من غزو فكري صهيوني ناعم، لا يُدوّي له صوت، ولا تُرى له طائرات، لكنه يفتك بالأمة من داخلها، ويهدم أركان الوعي في العقول قبل أن يهدم البيوت في فلسطين.

هناك فكر رحماني وفكر صهيوني

الفكر الرحماني يُربي الإنسان على العزة والكرامة والثقة بالله، بينما الفكر الصهيوني يُشيع الوهن والضعف والهزيمة النفسية.
الفرق بين من يسير على نور الله، ومن يتبع السراب الذي زرعه العدو في العقول، واضح في المواقف:

عندما كانت الحرب ضد الاتحاد السوفيتي أو ضد إيران، روج الأمريكان والصهاينة لنا أننا أقوياء، أصحاب بأسٍ شديد، جاهزون للدفاع والهجوم.

أما حين يتعلق الأمر بالصهاينة وجرائمهم في القدس، وغزة، والضفة، إذا بالصهيوأمريكية تُروّج أننا ضعفاء، خائفون، مرهقون، مشوشون، حتى أصبحنا شعوبًا وحكومات نُحرّك كأدوات من قبل الصهيوأمريكية الإرهابية.
وهذا ما بتنا نراه واضحًا وجليًا في سوريا، فأمام الأطماع الإيرانية هناك تحركات وقوة، وأمام الخطر الصهيوني والاحتلال الحقيقي، نحن ضعفاء ويجب أن نبحث عن شركاء!

أي منطقٍ هذا؟!

أي فكر أعوج أوهمنا أن الاحتلال الصهيوني لا يُقاوَم، بينما يمكننا خوض حروب في أصقاع الأرض بحججٍ واهية؟!

الفكر الصهيوني… حين يُحرّف حتى فهمنا للقرآن

لقد تسلل الفكر الصهيوني حتى إلى طريقة فهمنا لنصوص القرآن الكريم.

يقول الله تعالى: “وَكَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ”، والفكر الصهيوني يُهمس في آذاننا: أنتم قليلون وضعفاء، لا جدوى من المقاومة!

ويقول الله تعالى: “وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ”، والفكر الصهيوني يُلقِّننا: لا فائدة من الإعداد، فأنتم لا تقوَون على مواجهتهم!

هكذا يُفرغنا هذا الغزو من إيماننا بالنصر، وعزيمتنا، وفهمنا لوعود الله، فيُحوّل الأمة من فئة مؤمنة متوكلة إلى كتلة من الإحباط والانهزام.

نعم، نحن ضعفاء… ولكن!

نحن في حالة من الضعف المادي، والتشرذم السياسي، والتراجع الحضاري، ولكن:

> “وَكَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ”

ليست الكثرة العددية، ولا تفوق التسليح، هو الذي يُحقق النصر، بل هو:
الإيمان، والصبر، والوعي، والإعداد، ولو باليسير.

لقد انتصر الصحابة يوم بدر وهم قلة، وصبر المجاهدون في غزة بأسلحتهم البسيطة لأكثر من 600 يوم، ليس لأنهم أقوى، بل لأنهم حملوا فكرًا إيمانيًا يقاتل لا ليقتل، بل ليُحرر، ويحيى بكرامة.

استعادة الوعي هي أول معركة

لا سبيل للتحرر قبل أن نتحرر من الانهزام العقلي والنفسي،
ولا نصر دون أن نُعيد بناء العقل المسلم على ضوء القرآن، لا على ظلال الإعلام.

المعركة الأولى التي يجب أن نخوضها هي معركة الوعي،
لنقتلع الفكر الصهيوني من عقولنا، ونعود إلى الفكر الرباني:
فكر العزة، فكر الإعداد ، فكر الجهاد والدفاع عن النفس فكر الايمان .
نحن الضعفاء اليوم ، ولكن بإذن الله سنكون الفئة القليلة التي تغلب فئة كثيرة بإذن الله .
والله من وراء القصد وآخر دعوانا ان الحمد الله رب العالمين.
كاتب وباحث في العلاقات الدولية الاقتصادية

ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع
للدعم: