
لماذا لم يعد يُريد ترامب “رؤية تغيير النظام” في إيران؟ والشُّكوك تُراود الإسرائيليين والأمريكيين حول تدمير المُنشآت النووية الإيرانية كيف؟.. لماذا نسّقت طهران مع الدوحة “قصف الأمريكيين”؟ وكيف يكذب نتنياهو حول إزالته تهديد صواريخ الإيرانيين؟
عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:
هي ليست أصواتًا من الداخل الإيراني، وليست أصواتًا من محور المقاومة، التي تؤكد انتصار إيران في حرب الـ12 يومًا، اللواء في الاحتياط الإسرائيلي قالها صراحةً: “إيران هي من تحكمت وحددت توقيت وقف إطلاق النار، ولا يقين بأن البرنامج النووي الإيراني قد تم تدميره فعلًا، لقد اشترينا بضع سنوات من الهدوء، بسعر باهظ، وبندبة لأجيال”.
وفيما الشّكوك تراود الإسرائيليين حول تدمير البرنامج النووي الإيراني من عدمه، يبدو أن الهجوم الأمريكي قد أضر باقتصاد واشنطن نفسها، حيث أشار تقرير لموقع “USA TODAY 21” إلى أن الهجوم الأميركي على المواقع النووية الإيرانية تسبب في ردود فعل سلبية على الأسواق في أميركا والعالم وارتفاع أسعار النفط، وأكد أن أسعار النفط المرتفعة أدت إلى ارتفاع التضخم وانخفاض ثقة المستهلك، ما قد يؤثر على خفض أسعار الفائدة، وزاد حالة عدم اليقين في السوق بسبب المعلومات المحدودة بشأن مدى الأضرار والتطورات المستقبلية في الصراع، وقال مستثمرون للموقع إنّ الهجوم الأميركي على المواقع النووية الإيرانية أدى إلى رد فعل متسرع في الأسواق العالمية عند إعادة فتحها، وارتفاع أسعار النفط وإشعال شرارة الاندفاع نحو الأمان.
ويبدو أن الإعلام الأمريكي هو الآخر مُتشكّك بجدوى الضربة الأمريكية على منشآت إيران النووية، الأمر الذي دفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشن هجوم على وسائل الإعلام، حيث أفاد الصحفيون بوجود حالة من عدم اليقين بشأن مدى الدمار الذي لحق بالمنشآت النووية الإيرانية التي استهدفتها الضربات الأمريكية منذ أيام قليلة.
وهاجم ترامب من جهته المراسلين والمديرين التنفيذيين في شبكات CNN وABC News وNBC News في أعقاب الضربات الأمريكية، بعد أن أفادت وسائل الإعلام عن الأضرار التي لحقت بالمنشآت الإيرانية وتساءلت عما إذا كانت المواقع تم تدميرها بالكامل كما زعم ترامب.
وكتب ترامب: “المواقع التي ضربناها في إيران دُمرت بالكامل، والجميع يعلم ذلك، فقط وسائل الإعلام والصحافة الفاسدة ستقول أي شيء مختلف لمحاولة التقليل من شأنها قدر الإمكان – وحتى هم يقولون إنها دُمّرت بشكل جيد!”، وأضاف: “الأمر لا ينتهي أبدًا مع الفاسدين في وسائل الإعلام، ولهذا السبب فإن تقييماتهم في أدنى مستوياتها على الإطلاق – مصداقيتهم معدومة!”.
وبينما تستمر الشكوك حول جدوى الهجوم الأمريكي على منشآت إيران النووية، ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن “إيران نسّقت الهجمات على القاعدة الجوية الأميركية في قطر مع مسؤولين قطريين، وأعطت إشعارا مسبقا بأن الهجمات قادمة لتقليل الخسائر”، ويبدو أن هذا التنسيق المُسبق مع قطر، يوحي بأن إيران ردّت بالقدر الذي يتناسب مع الهجوم الأمريكي على مُنشآتها النووية.
وأعلن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، الاثنين، أن القوات المسلحة الإيرانية نفّذت هجوما صاروخيا استهدف قاعدة العديد الأميركية في قطر، وذلك ردا على الضربات الأميركية التي طالت منشآت نووية داخل إيران.
وأفاد المجلس في بيان بأنه “ردا على العدوان والتحرك الأميركي ضد مواقع ومنشآت إيران النووية قبل عدة ساعات، هاجمت القوات المسلحة الإيرانية قاعدة العديد الأميركية في قطر”.
ولافت أن البيان الإيراني أشار إلى أن عدد الصواريخ المستخدمة في الهجوم الإيراني على قاعدة العديد الأمريكية “يعادل عدد القنابل التي استخدمتها الولايات المتحدة في مهاجمة منشآت إيران النووية”.
ويبدو أن صواريخ إيران قد أجبرت إسرائيل على القبول بوقف إطلاق النار، فجبهة الكيان لا تحتمل حرب استنزاف طويلة، كما أن التساؤلات مطروحة حول الأهداف التي يزعم نتنياهو تحقيقها، حيث زعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تصريح له عقب إعلان الهدنة أن إسرائيل وافقت على وقف إطلاق النار لأنها “حققت أهدافها الاستراتيجية كاملة”، مؤكدا أن “إسرائيل أزالت تهديدا وجوديا مباشرا مزدوجا في المجالين النووي والصاروخي الباليستي، وبالإضافة إلى ذلك، حقّق الجيش سيطرة جوية كاملة على سماء طهران.
لافت أنّ إيران اختارت أن تقصف إسرائيل حتى الدقيقة الأخيرة قبل إعلان دخول وقف إطلاق النار، ما يفند مزاعم نتنياهو حول “إزالته” التهديد الوجودي في المجال الصاروخي الباليستي، وشهدت إسرائيل خلال أقل من ساعة خمس موجات صاروخية متتالية، أدّت إلى انفجارات هائلة في عدد من المدن، وسط دمار واسع في منشآت وبنى تحتية مدنية، جاء ذلك قبل دخول اتفاق وقف إطلاق النار.
وبعد أن ألمح لتغيير نظام الجمهورية الإسلامية، يبدو أن تماسك الجبهة الداخلية لإيران، وردها الصاروخي، دفع بترامب للإدراك، والقول اليوم الثلاثاء إنه لا يريد رؤية “تغيير للنظام” في إيران، معتبرا بأن ذلك “سيؤدي إلى فوضى”، وفق وكالة “رويترز”.
وفي حديثه مع صحفيين على متن طائرة الرئاسة الأمريكية “إير فورس وان” في الطريق إلى قمّة حلف شمال الأطلسي في لاهاي، قال ترامب إن إيران لن تمتلك سلاحا نوويا.
ويبدو أن آمال نجل الشاه بالوصول إلى حكم إيران، قد ضُربت بعرض الحائط، حيث قال معهد كوينسي الأمريكي بأن المعارض الإيراني رضا بهلوي على علاقة وثيقة بنتنياهو، وتبيّن أن إعادته إلى الحكم أمر خيالي.
المشهد بكُل حال يُشير إلى انتصار إيران، والأهم عدم استنادها إلا على قوتها التي صنعها رجالها، ويُلخّص هذا وزير الدفاع الباكستاني، خواجه آصف الذي قال إن انتصار إيران على إسرائيل هو ثمرة صمود وشجاعة الأمة وقيادتها، معربًا عن إعجابه بقيادة إيران وبشجاعة الشعب الإيراني.
ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع
للدعم: