محمد بن زايد يبحث مع الرئيس الإيراني اتفاق وقف إطلاق النار

محمد بن زايد يبحث مع الرئيس الإيراني اتفاق وقف إطلاق النار

الجمعية النووية السعودية لـ«الشرق الأوسط»: شبكة وطنية للرصد الإشعاعي… ومخاطر المفاعلات الإيرانية داخل حدودها

ألقت الضربات الأميركية في عملية «مطرقة منتصف الليل» على منشآت إيران النووية، فجر الأحد الماضي، بظلالها على الدول المجاورة لإيران. واتخذت دول الخليج عدداً من الإجراءات «الاحترازية» التي شملت تفعيلاً جزئياً لـ«مركز مجلس التعاون لإدارة حالات الطوارئ» وفقاً لما أعلنه جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لـ«الشرق الأوسط».

ومنذ الأحد، تفاعلت دول الخليج العربي مع التطورات الإقليمية المتمثّلة في الضربات الإسرائيلية والأميركية لمرافق نووية في إيران، واتخذت دول كالبحرين والكويت إجراءات تحسباً لحالات «الطوارئ»، في الوقت الذي أكدت فيه أمانة مجلس التعاون الخليجي أن المؤشرات البيئية والإشعاعية ما زالت ضمن المستويات الآمنة والمسموح بها فنياً.

ومع أن الرئيس الأميركي أعلن في وقت مبكّر فجر الثلاثاء وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، فإنه عاد في وقتٍ لاحق ليعلن أن الجانبين انتهكا وقف إطلاق النار، مؤكداً عدم رضاه عن البلدين، ما أعاد المخاوف من أي تطوّرات إلى الأذهان.

تلوُّث إشعاعي داخل نطنز… وعدم وجود تأثير خارجها

رداً على أسئلة وجَّهتها «الشرق الأوسط»، أكدت «الجمعية النووية السعودية» أنه بناءً على المعلومات المتاحة لوكالة الطاقة الدولية، لم يحدث أي تغيير في مستوى النشاط الإشعاعي خارج مواقع المفاعلات النووية الإيرانية، وظل في مستوياته الطبيعية، ما يشير إلى عدم وجود أي تأثير إشعاعي خارجي على السكان أو البيئة جرَّاء هذا الحادث، غير أنه «يوجد تلوث إشعاعي وكيميائي داخل منشأة نطنز»، وبالنظر إلى نوع المواد النووية في هذه المنشأة «من المحتمل أن تنتشر نظائر اليورانيوم الموجودة في سادس فلوريد اليورانيوم، وفلوريد اليورانيل، وفلوريد الهيدروجين داخل حدود تلك المنشأة».

الجمعية -وهي جهة علمية تُعنى بالتقنيات والعلوم النووية- سلَّطت الضوء على أن الإشعاع الذي يتكون أساساً من جسيمات «ألفا»، يشكّل خطراً كبيراً في حال استنشاق اليورانيوم أو ابتلاعه، ومع ذلك، يمكن إدارة هذا الخطر بفعالية من خلال اتخاذ تدابير وقائية مناسبة، مثل استخدام أجهزة حماية الجهاز التنفسي في أثناء الوجود داخل المنشآت المتضررة. ويتمثل مصدر القلق الرئيسي داخل المنشأة في «السمّية الكيميائية لسادس فلوريد اليورانيوم ومركبات الفلوريد المتولدة» عند ملامستها للماء.

خطة وطنية للاستجابة للطوارئ

وحول الإجراءات التي تتخذها الدول علمياً لرصد ومتابعة أي تسرب إشعاعي عابر للحدود، وحول منظومات الرصد في السعودية ودول الخليج، قالت الجمعية إن عمليات الاستجابة للطوارئ الإشعاعية والنووية في السعودية تتم وفقاً للخطة الوطنية للاستجابة للطوارئ الإشعاعية والنووية، الصادرة بقرار مجلس الوزراء، ويشارك في تنفيذها 33 جهة حكومية، معتبرة أن مهام «هيئة الرقابة النووية والإشعاعية» في هذه الخطة «أساسية ومحورية».

وتتضمّن مهام الهيئة -وفقاً للجمعية- تسلُّم وتلقي البلاغات من داخل البلاد وخارجها عن الحوادث النووية والإشعاعية وتقييم مخاطرها، وإجراء عمليات استقراء لسلوك انتشار المواد المشعة في الأوساط البيئية المختلفة، والتوصية بتنفيذ الإجراءات الاستباقية الوطنية لتقليل تداعيات تلك الحوادث، والرصد الإشعاعي البيئي المستمر والإنذار المبكر وتقييم مستويات التلوث البيئي الإشعاعي، والمشاركة في تنفيذ عمليات الاستجابة الميدانية والسيطرة على الحوادث، وإجراء عمليات التحليل والتقييم الإشعاعي بالقياسات المخبرية.

وإلى جانب تولِّيها رئاسة اللجنة الوطنية الدائمة للاستجابة للطوارئ الإشعاعية والنووية، استناداً إلى ما تضمنه قرار تأسيس الهيئة، تقوم الهيئة بتنسيق اجتماعات اللجنة الوطنية للاستجابة للطوارئ الإشعاعية والنووية ومتابعة قراراتها، واقتراح وتنفيذ فرضيات لحوادث نووية وإشعاعية، وعمليات اختبار جاهزية المنظومة الوطنية للتأهب والاستجابة للطوارئ الإشعاعية والنووية، علاوة على العمل على تنفيذ التزامات السعودية في اتفاقية «التبليغ المبكر عن وقوع حادث نووي»، من خلال التواصل المباشر مع «مركز الطوارئ والحوادث الدولي» في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لتسلُّم بلاغات وبيانات الطوارئ الدولية وكذلك الإبلاغ عن الحوادث المحلية.

شبكة رصد من 400 موقع

أما الجانب المتعلّق بمنظومات الرصد، فقالت الجمعية إن لدى «هيئة الرقابة النووية والإشعاعية» شبكة وطنية للرصد الإشعاعي البيئي المستمر والإنذار المبكر، تعمل على رصد الجرعات الإشعاعية في 400 موقع بالسعودية؛ حيث تتوزع هذه المواقع في نقاط حدودية للبلاد ومنصات بحرية ومدن وتجمعات سكانية، وترتبط بمركز عمليات الطوارئ النووية والإشعاعية بالهيئة، كما تقوم محطة الرصد الإشعاعي في كل موقع برصد الجرعات الإشعاعية بصفة مستمرة، والإنذار عن أي حالات غير طبيعية.

هذه الشبكة -طبقاً لما ذكرته الجمعية- ترتبط بـ«النظام الدولي لمعلومات مراقبة الإشعاعات» ويعتمد مفهوم هذا النظام على «بيانات الرصد الإشعاعي لشبكات الإنذار المبكر الوطنية» للدول الأطراف في اتفاقية التبليغ المبكر عن حادث نووي أو إشعاعي، للتكامل ولدعم القرار فيما بينها، وبوجه خاص للدول التي يحصل فيها الحادث النووي أو الدول المجاورة لها، لمواجهة أفضل للطوارئ النووية.

خريطة توضح مواقع شبكة وطنية للرصد الإشعاعي البيئي المستمر والإنذار المبكر (هيئة الرقابة النووية والإشعاعية)

إجراءات وقائية وطنية في حالات الطوارئ النووية والإشعاعية

وحول حالات الطوارئ لأسباب نووية، والإجراءات التي تتخذها الدول عادة في هذا الإطار، أكدت الجمعية أن «هيئة الرقابة النووية والإشعاعية» في السعودية، تعمل على دعم جهود الجهات الوطنية المسؤولة عن تنفيذ الإجراءات الوقائية الوطنية في حالات الطوارئ النووية والإشعاعية، والتنسيق مع وزارة الصحة على إعداد مسودة أولية لهيكلة خطة توزيع عقار «اليود المستقر» كإجراء وقائي ضمن الاستجابة للطوارئ النووية والإشعاعية. وأضافت أن هذه الخطة تتناول مهام الجهات الوطنية في حال توزيع العقار، ومقترحات الخزن الاستراتيجي، وفئات التوزيع والأولويات، والطرق المثلى للتوزيع على الجمهور وعمال الطوارئ، وفترات التوزيع، ومدة الاستخدام، وجرعاته.

كيفية عمل يوديد البوتاسيوم لحماية الغدة الدرقية في أثناء حالات الطوارئ النووية والإشعاعية (الجمعية النووية السعودية)

كما تشتمل الخطة على التنسيق مع الدفاع المدني لتطوير آليات الإخلاء في حالات الطوارئ النووية والإشعاعية، لتتضمن المفاهيم والاعتبارات والتحديات التي يتعين معالجتها في خطط الإخلاء، وأدوار الجهات الوطنية المستجيبة، والاعتبارات الفنية التي تجب مراعاتها في تنفيذ عمليات الإخلاء في حال وجود تلوث إشعاعي في الهواء، ومراكز الاستقبال والإيواء، وآليات إنذار الجمهور، ومواقع إزالة التلوث الإشعاعي واحتواء النفايات المشعة.

الإجراءات المناسب اتخاذها في حالات الطوارئ الإشعاعية (وزارة الصحة الأميركية– الجمعية النووية السعودية)

مبادئ الحماية من الإشعاع

وحول أساليب وتوصيات الحماية الذاتية في حالات الطوارئ الإشعاعية، قالت الجمعية إن اتخاذ الإجراءات الصحيحة في الوقت المناسب يكون هو الفرق بين التعرض للخطر أو البقاء في أمان، وأردفت بأن مبادئ الحماية من الإشعاع تستند إلى 3 قواعد رئيسية، تشمل: تقليل زمن التعرض، والحفاظ على مسافة آمنة، واستخدام الحواجز الواقية (الدروع)، مؤكّدة أنه بناءً على هذه المبادئ، توصي بعض الدول -مثل المملكة المتحدة- باتباع 3 خطوات بسيطة ولكنها فعالة: الدخول إلى مكان مغلق بسرعة، والبقاء في الداخل وتقليل التهوية الخارجية، بالإضافة إلى متابعة الأخبار من المصادر الرسمية.