رئيس الصومال يخطب ود المعارضة وسط أزمات سياسية وأمنية

رئيس الصومال يخطب ود المعارضة وسط أزمات سياسية وأمنية

مشاورات جديدة جمعت الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، ومعارضين ومسؤولين سابقين بينهم سلفه الأسبق شريف شيخ أحمد، بعد خلافات ومقاطعة منتدى مشاورات وطنية بخصوص 4 قضايا خلافية، أبرزها الدستور والانتخابات المباشرة المقررة في 2026 بعد عقود من الاعتماد على نظام قبلي.

تلك المشاورات سيتلوها أخرى في يوليو (تموز) المقبل حسب اتفاق الرئيس الصومالي والمعارضين، وهو ما يراه خبير في الشأن الأفريقي تحدث لـ«الشرق الأوسط»، محاولةً لفتح صفحة جديدة وخطب لود المعارضة لإنهاء الأزمات السياسية والوقوف صفاً في وجه الاضطرابات الأمنية قبل الذهاب للانتخابات الصومالية التي يرجح أن تؤجل عاماً إلى 2027 تحت غطاء البحث عن التوافق.

وعقد منتدى المشاورات الوطنية في العاصمة مقديشو في 16 يونيو (حزيران) لأيام عدة لمناقشة 4 قضايا، هي: تعزيز وحدة البلاد، واستكمال الدستور، والعملية الانتخابية، ومكافحة الإرهاب، وسط غياب للمعارضة ورئيسي إقليمي بونتلاند سعيد عبد الله دني، وغوبالاند أحمد مدوبي، بينما أكد حسن شيخ محمود في افتتاحية المنتدى أن «القادة الذين لديهم مخاوف بشأن العملية الانتخابية سينخرط معهم في حوار للتوصل إلى حل مستدام وشامل».

وبعد نحو أسبوع، عقد حسن شيخ محمود، اجتماعاً تشاورياً، الأربعاء، مع قيادة الملتقى الصومالي للإنقاذ (ائتلاف يضم قوى سياسية معارضة) برئاسة الرئيس الأسبق شريف شيخ أحمد، في لقاء «جرى في أجواء إيجابية سادها التفاهم وتبادل الآراء»، حسب ما نقلته وكالة الأنباء الصومالية الرسمية (صونا).

وانتهى الاجتماع بالاتفاق على «فتح حوار شامل حول أربع قضايا محورية، هي: تعزيز وحدة وسيادة الدولة (ترسيخ النظام الفيدرالي)، وآلية مراجعة الدستور، والأمن ومكافحة الإرهاب والتطرف (في مواجهة حركة الشباب الإرهابية)، والتوافق على نظام انتخابي مشترك»، بخلاف «توسيع قاعدة المشاركة السياسية، والاتفاق على إشراك السياسيين الذين لم يشاركوا بعد في اللقاء، لضمان حوار وطني أكثر شمولاً وتمثيلاً لمختلف الأطراف وتحديد الأسبوع الأول من يوليو 2025 موعداً مبدئياً للجولة المقبلة من الحوار».

الرئيس الصومالي يلتقي قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)

كما استقبل الرئيس الصومالي أيضاً في اليوم ذاته «مسؤولين سابقين شغلوا مناصب قيادية مختلفة في البلاد، في إطار المشاورات الوطنية، لبحث القضايا الأربع أيضاً»، حسب «صونا»، دون تحديد المشاركين أو مخرجات الاجتماع.

وأعلن الرئيس الصومالي، مطلع يونيو الحالي، انطلاق منتدى «المشاورات الوطنية» بهدف مناقشة القضايا الأربع. وكان الهدف من إعلان تدشين ذلك المنتدى في 29 مارس (آذار) الماضي – حسب إعلان حسن شيخ محمود وقتها – ضمان أن تكون آراء القادة وجهودهم جزءاً من الجهود الوطنية لمكافحة الإرهاب، وتعزيز بناء نظام ديمقراطي وفيدرالي في البلاد عبر الانتخابات المباشرة.

الخبير في الشؤون الأفريقية، مدير مركز دراسات شرق أفريقيا في نيروبي، الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم، يعتقد أن هذا الاجتماع يفتح صفحة جديدة بين الرئيس والمعارضة وبمثابة خطب ود للمعارضة وتمهيد لحوار موسع سيناقش النقاط الأربع، وذلك في اجتماع يوليو المقبل، مؤكداً أهمية استمرار تلك الحوارات لإنهاء أي خلافات سياسية مع منتدى الإنقاذ الذين بدورهم لديهم تنسيق كبير مع رئيسي ولايتي بونتلاند وغوبالاند.

ومنتدى الصومال للإنقاذ اشترط في بيان سابق لحضور المشاورات الوطنية، أن «تشمل جميع الأطراف، بمن فيهم قادة الولايات والسياسيون المعارضون، مع التركيز على القضاء على الجماعات الإرهابية، وحل الخلافات السياسية (الانتخابات) والدستورية»، وفي النهاية لم يشارك.

وسبق أن صرح وزير العدل في بونتلاند، محمد عبد الوهاب، بأن الولاية «لن تُجري أي محادثات مع الحكومة الفيدرالية إلا بعد تنفيذ شروط عدة؛ منها عودة الحكومة إلى الدستور المتفق عليه في أغسطس (آب) 2012، وإجراء انتخابات وطنية متفق عليها وشاملة».

وتلك الملفات الأربعة هي محل نقاشات مستمرة منذ سنوات، وخلاف مع المعارضين وفي مقدمتها قضية استكمال الدستور المؤقت في 2012، قبل أن يوافق برلمان الصومال أواخر مارس 2024، على تعديلات دستورية تشمل تغيير نظام الحكم من البرلماني إلى الرئاسي، واعتماد نظام الاقتراع العام المباشر، وتمديد الفترة الرئاسية من 4 إلى 5 سنوات، ورفضت ذلك القرار ولايتا بونتلاند وغوبالاند.

ويشتد الجدل داخل البلاد بشأن الانتخابات المباشرة المرتقبة في البلاد عام 2026 بعد 57 عاماً من آخر اقتراع أُجري عام 1968، بديلاً عن نظيرتها غير المباشرة في عام 2000 التي تعتمد بشكل رئيسي على المحاصصة القبلية، في ولايات البلاد الخمس التي جرى العمل بها بعد «انقلابات وحروب أهلية».

ويعدّ انفصال إقليم «أرض الصومال» والخلافات المتصاعدة مع رئيسَي بونتلاند سعيد عبد الله دني، وغوبالاند أحمد مدوبي، أبرز تحديات الوحدة وترسيخ النظام الفيدرالي، بخلاف القضية الرابعة المتعلقة بـ«حركة الشباب» التي تصاعدت هجماتها في الأشهر الأخيرة، وأبرزها في 18 مارس، حين أعلنت مسؤوليتها عن تفجير قنبلة كادت تصيب موكب الرئيس.

وفي مطلع أبريل (نيسان)، أطلقت قذائف عدة قرب مطار العاصمة، في حين تشن الحكومة حالياً حملة موسعة ضد عناصرها في الجنوب.

واشتدت الخلافات بين الرئيس الصومالي والمعارضة بعد تأسيس حسن شيخ محمود في 13 مايو (أيار) الماضي «حزب العدالة والتضامن» وتسميته مرشحاً له في الانتخابات المباشرة المقبلة، برفقة قيادة الحكومة الفيدرالية، وقادة الولايات الإقليمية، باستثناء رئيس بونتلاند سعيد عبد الله دني، وغوبالاند أحمد مدوبي، اللذين غابا عن اجتماع المجلس الاستشاري للبلاد قبل تأسيس الحزب بأيام.

ولاقى الحزب الجديد رفضاً من ولايتَي بونتلاند وغوبالاند وقتها في مواقف رسمية منفصلة، تلاها إصدار 15 شخصية سياسية بارزة في الصومال بياناً دعوا خلاله إلى عقد مشاورات عاجلة لإنقاذ البلاد.

وباعتقاد إبراهيم، فإنه لا يمكن أن يستمر حوار الرئيس الصومالي مع المعارضة دون أن يشارك لاحقاً رئيسا ولايتي غوبالاند وبونتلاند، موضحاً أن حسن شيخ محمود سيعمل أولاً على إجراء توافقات مع المعارضة، ثم ينتقل بعد ذلك لغريميه بالولايتين؛ لأن الخلاف بينه وبينهما كبير للغاية.

ويؤكد أنه الاتفاق الأول مع المعارضة لن يستقيم ويحقق نجاحاً دون التفاهم مع رئيسي الولايتين، موضحاً أن لهما تنسيقاً مع قيادة الملتقى في كل القضايا الأربع المثارة.

ويرجح إبراهيم، أن يسعى الرئيس الصومالي في هذه الحوارات إلى مد فترته الرئاسة عاماً تحت غطاء المشاورات مع المعارضة والولايتين، متوقعاً أن تجرى الانتخابات الصومالية في عام 2027 وليس 2026 على أمل توافق واسع.