بكين تشترط على أوروبا… المشروبات مقابل السيارات الكهربائية

بكين تشترط على أوروبا… المشروبات مقابل السيارات الكهربائية

في تطور جديد في العلاقات التجارية المتوترة بين الصين والاتحاد الأوروبي، كشفت مصادر مطلعة عن أن بكين وافقت مبدئياً على صفقة مع مصنّعي المشروبات الروحية الفرنسيين تتضمن تحديد أسعار استيراد دنيا إلى السوق الصينية، لكنها ربطت توقيعها النهائي بتحقيق تقدم في مفاوضات منفصلة حول الرسوم الجمركية التي فرضها الاتحاد الأوروبي على السيارات الكهربائية الصينية.

ويأتي هذا الربط في وقت تعاني فيه صادرات الكونياك الفرنسي إلى الصين، السوق الأعلى قيمة لهذا المشروب الفاخر، من تراجع حاد في ظل تدابير مكافحة الإغراق التي فرضتها الصين. ووفقاً لبيانات مجلس مهنيي الكونياك الفرنسي، انخفضت الصادرات إلى الصين بنسبة وصلت إلى 70 في المائة منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ما ألحق أضراراً كبيرة بكبرى الشركات.

الاتفاق المبدئي الذي توصّلت إليه شركات الكونياك يتضمن تحديد أسعار دنيا للاستيراد تتراوح بين 46 يواناً (6.39 دولار) و613 يواناً (85 دولاراً). ووفق مصادر صناعية، وقّعت الشركات الكبرى مثل «هينيسي» و«مارتيل» و«ريمي مارتان» على هذه الأسعار، لكنها لا تزال تنتظر موافقة رسمية من السلطات الصينية.

ومع اقتراب مهلة الخامس من يوليو (تموز)، التي حدّدتها بكين لاستكمال تحقيق مكافحة الإغراق، فإن غياب اتفاق نهائي قد يؤدي إلى تثبيت الرسوم المؤقتة الحالية التي تصل إلى 39 في المائة، ما سيزيد من الضغط على مصدّري الكونياك المتأثرين أصلاً بتراجع المبيعات في السوق الأميركية بسبب التضخم وعدم اليقين الاقتصادي.

ووفق ما نقلته وكالة «رويترز»، فإن الصين تسعى إلى استخدام ملف الكونياك كأداة ضغط في مفاوضاتها مع بروكسل بشأن السيارات الكهربائية. إذ تريد بكين أن يحلّ اتفاق مماثل لتحديد الأسعار الدنيا محلّ الرسوم الجمركية التي فرضها الاتحاد الأوروبي على المركبات الكهربائية الصينية بعد اتهامه لبكين بدعم غير عادل لصناعتها المحلية.

ويبدو أن فرنسا، التي كانت من أشدّ الداعمين لفرض تلك الرسوم، باتت تجد نفسها في موقف حساس. فقد نقل مصدر حكومي فرنسي أن السلطات الصينية تربط بشكل واضح بين الملفين، رغم أن باريس تحاول فصل المسارين. إلا أن مصدرين مطلعين على المفاوضات أكدوا لـ«رويترز» أن الصين ترفض التوقيع على صفقة الكونياك دون تنازلات في ملف السيارات.

وانعكست تداعيات النزاع التجاري سلباً على أداء أسهم شركات المشروبات الفرنسية؛ حيث خسر سهم «ريمي كوانترو» نحو 35 في المائة من قيمته منذ أكتوبر الماضي، في حين تراجع سهم «برنود ريكار» بنسبة 33 في المائة، نتيجة انخفاض مبيعاتهم في الصين وتزايد الضغوط التنافسية.

وكانت شركات الكونياك قد عرضت تحديد أسعار دنيا للواردات كحل وسط لتجنب استمرار الرسوم الباهظة، وهي خطوة غير مألوفة لكنها تعكس صعوبة الظرف التجاري الراهن. ويشير مراقبون إلى أن بكين قد تستخدم هذه الصيغة كنموذج لتسوية نزاعات أخرى، بما في ذلك نزاعها مع بروكسل بشأن السيارات الكهربائية.

وتتجه الأنظار إلى قمة الاتحاد الأوروبي والصين المقررة في بكين يومي 24 و25 يوليو المقبل؛ حيث من المتوقع أن يتصدر الملف التجاري جدول الأعمال، في الذكرى الخمسين للعلاقات بين الطرفين. وفي ظل استمرار المفاوضات بشأن ملفي الكونياك والسيارات، تأمل باريس أن يتم التوصل إلى اتفاقات متوازنة تتيح حماية مصالحها الاقتصادية دون تقويض سياسات الاتحاد التجارية.

ويبقى الاتفاق معلقاً على خيط رفيع من التفاهمات السياسية والتجارية بين بكين وبروكسل. وبينما تسعى الشركات الفرنسية لإنقاذ أسواقها الحيوية، لا تزال الصين توظف الاقتصاد كورقة ضغط دبلوماسي، ما يضع باريس أمام تحدي الموازنة بين حماية منتجيها واحترام التزاماتها الأوروبية.