
في ظل التحول العالمي السريع نحو شبكات الاتصالات المتقدمة والذكاء الاصطناعي، تضع شركة إريكسون السويدية مصر في صدارة أولوياتها الإقليمية، مؤكدة على أهمية السوق المصري في استراتيجيتها الممتدة.
وفي حوار موسع مع “البورصة”، استعرض كيفن ميرفي، رئيس شركة “إريكسون” لمنطقة شمال الشرق الأوسط وأوروبا وأفريقيا ، أبرز خطط التوسع، وأهمية تقنية الجيل الخامس لمستقبل الاقتصاد الرقمي، وتطورات الجيل السادس المنتظر.
في البداية أكد ميرفي، أن مصر تمثل سوقًا استراتيجيًا مهمًا للغاية للشركة، مشيرًا إلى أن “إريكسون” تعمل على تنفيذ عدد من المبادرات لتعزيز نموها في السوق المحلي ودعم التحول الرقمي.
وأشار إلى إن “إريكسون” أنشأت مركزًا متخصصًا في الذكاء الاصطناعي والتحليلات في القاهرة، يُعد الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، ويهدف إلى تدريب وتطوير الكوادر المصرية من علماء البيانات، المهندسين، ومطوري البرمجيات.
وأكد أن هذا المركز يُعتبر أحد الركائز الأساسية في استراتيجية “إريكسون” لدعم الأجندة الوطنية المصرية للتحول الرقمي، كما يعكس التزام الشركة بأن تكون شريكًا فعالًا في تحقيق النمو والابتكار في مصر، مع مراعاة الخصوصية الثقافية والاقتصادية للسوق المحلي.
130 عامًا من التعاون مع مصر
أوضح رئيس “إريكسون” أن الشركة بدأت عملها في مصر منذ عام 1897، وشاركت على مدار أكثر من قرن في دعم مشغلي الاتصالات المحليين.
وأشار إلى أن الشركة دعمت الإطلاق التجريبي الناجح لشبكات الجيل الخامس في عدة مواقع داخل مصر، ووفرت للمشغلين المحليين معدات حديثة متعددة التقنيات سمحت بالتحضير المبكر لإطلاق الجيل الخامس قبل نحو ثلاث سنوات من التنفيذ الفعلي.
الجيل الخامس ضرورة اقتصادية وتكنولوجية
أكد ميرفي أن شبكة الجيل الخامس توفّر سرعات أعلى واستجابة أسرع وتحسينات جوهرية في نقل البيانات، موضحًا أن التقنية الجديدة لا تقتصر على تحسين تجربة المستخدم فقط، بل تسهم أيضًا في دعم الشركات والصناعة وزيادة الكفاءة الاقتصادية.
كما أشار إلى أن الجيل الخامس أكثر كفاءة من حيث استهلاك الطاقة، وهو ما يخفض التكاليف التشغيلية والانبعاثات الكربونية، مما يجعله حلاً مستدامًا بيئيًا وماليًا على حد سواء.
وحول استراتيجية تطبيق الجيل الخامس في مصر، شدد ميرفي على أن نشر التقنية يجب أن يتم تدريجيًا وبشكل مدروس، مع إعطاء الأولوية للمناطق ذات الكثافة السكانية والاستهلاك العالي مثل القاهرة والجيزة.
وأوضح أن نشر الشبكة دفعة واحدة يمثل عبئًا ماليًا على المشغلين المحليين، لذا فإن التدرج يحقق التوازن بين تحسين جودة الخدمات وتوفير التكاليف.
عائدات واعدة من الجيل الخامس عالميًا
بحسب تقرير “G5 Business Potential” الصادر عن “إريكسون”، من المتوقع أن تمثل خدمات الجيل الخامس أساسًا لإيرادات عالمية تقدر بـ 31 تريليون دولار بحلول عام 2030.
وقد تتمكن شركات الاتصالات من اقتناص ما يقرب من 3.7 تريليون دولار من هذه القيمة إذا تبنّت التقنية بشكل استباقي.
وأشار ميرفي إلى أن تطبيق الجيل الخامس في المناطق الريفية قد يؤدي إلى زيادة الناتج المحلي في قطاع الزراعة بنسبة تصل إلى 1.8 % في بعض الأسواق الناشئة، وهو ما يعكس الأثر العميق المحتمل للتقنية على قطاعات اقتصادية متنوعة.
الجيل الخامس يخدم الأفراد والشركات معًا
رغم الاعتقاد الشائع بأن الجيل الخامس يخدم بالأساس الشركات، أوضح ميرفي أن المستهلك النهائي سيستفيد بشكل مباشر من خلال سرعات أعلى وتحميل أسرع للفيديوهات والمكالمات وتطبيقات الألعاب.
ولفت إلى أن التأثير الأكبر سيظهر في الصناعات، خاصة عند اعتماد الجيل الخامس المستقل (Standalone)، الذي يمكّن مزودي الخدمة من تقديم حلول مخصصة لكل قطاع صناعي أو تجاري أو خدمي.
هل مصر جاهزة للجيل السادس؟
أكد ميرفي أن تقنية الجيل السادس لا تزال في مراحل التصميم الأولية عالميًا، وأن “إريكسون” تلعب دورًا محوريًا في تطويرها بفضل امتلاكها لأكثر من 60 ألف براءة اختراع.
وأضاف أن الأسواق المتقدمة قد تبدأ اختبارات الجيل السادس بحلول 2030، أما بالنسبة للسوق المصري، فلا يزال الوقت مبكرًا للحديث عن جاهزية التطبيق، مشددًا على أن الأولوية حاليًا يجب أن تكون لنشر الجيل الخامس بكفاءة، ودعمه في التحول الرقمي.
وأضاف: “في عالم اليوم، السؤال لم يعد: هل تمتلك شبكة؟، بل: هل لديك شبكة ذكية وفعالة تخدم احتياجات العصر؟”.