
اتجهت المصانع المصرية إلى تخصيص بنود مالية جديدة تسمى “الرسوم المفاجئة”، فى ظل غياب آلية واضحة لفرض أو تعديل الرسوم، مما يفقد القطاع الصناعي القدرة على التنبؤ ويضعف أدوات التخطيط المالي.
قالت مصادر لـ«البورصة»، إن إدارات المصانع خصصت بندا مستقلا ضمن المصروفات يعامل كاحتياطي مالي لمواجهة أى قرارات حكومية بفرض رسوم أو زيادات جديدة.
أكد طارق عابدين عضو غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، أن المصانع تتعرض لممارسات غير عادلة فى محاسبة استهلاك المرافق، خاصة المياه، إذ تفرض رسوم استهلاك جزافية دون مراعاة الاستهلاك الفعلي.
وأضاف لـ«البورصة»، أن عدداً من الشركات بدأت إضافة بنود جديدة ضمن مصروفاتها لحماية نفسها من فروق الأسعار وارتفاع تكاليف التشغيل، معتبرًا تلك الإجراءات “حلولا اضطرارية” لضمان الاستمرارية.
كشف عابدين، أن بعض الجهات تحاسب المصانع على عدادات مياه غير مستخدمة، مثل عداد خطوط الإطفاء، رغم أن تلك الخطوط لا تعمل إلا فى حالة الطوارئ، وعلى سبيل المصروفات المفاجئة فقط جرت مطالبة مصنع بدفع 43 ألف جنيه رسوم صيانة المرافق.
وأشار إلى أن محاسبة المصانع “جزافيا” يعكس خللا فى أسلوب الإدارة، ولا يراعى طبيعة النشاط الصناعي أو ظروف التشغيل الفعلية.
وأكد، أن السوق المحلي أصبح غير قادر على استيعاب مزيد من الأعباء، سواء على المصنعين أو المستهلكين، مشيرًا إلى أن شريحة كبيرة من المواطنين فقدت القدرة الشرائية فى ظل الزيادات المتتالية فى التكاليف.
وذكر أن المصنعين تقدموا بعدة مذكرات وشكاوى عبر الكيانات التمثيلية للقطاع الصناعى، إلا أن الاستجابة لا تزال محدودة، داعيا إلى إصلاحات عاجلة فى منظومة محاسبة المرافق وتكاليف التشغيل.
المنزلاوي: نتعامل بسياسة مرنة لتخفيف أثر ارتفاعات الطاقة على خطوط التشغيل
وقال مجد الدين المنزلاوي رئيس مجلس إدارة مجموعة طيبة، إن الزيادة الأخيرة فى أسعار الكهرباء، رغم محدوديتها، تمثل تحديا ضمن سلسلة الضغوط التشغيلية التى تواجهها المصانع، وجرى التعامل معه عبر دراسات بديلة وخطط امتصاص تدريجى للزيادة داخل الهياكل التشغيلية للشركة.
أضاف لـ «البورصة»، أن الشركة فضلت توزيع تأثير الزيادة على المدى المتوسط، دون تحميل المستهلك أو التأثير على استقرار خطوط الإنتاج، فى إطار سياسة مرنة للتعامل مع التغيرات الحكومية الطارئة.
وشدد المنزلاوي، على أهمية ربط الرسوم الجديدة بقدرة المصانع والمواطنين على تحملها، لضمان الحفاظ على تنافسية القطاع وعدم الإضرار بالحركة الإنتاجية، لاسيما في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة.
جنيدي: نواجه تحديات كبيرة فى ظل السياسات المالية والضريبية “غير المتوازنة”
وقال محمد جنيدي نقيب المستثمرين الصناعيين، إن المصانع المصرية تواجه تحديات كبيرة تهدد قدرتها على الاستمرار، فى ظل ما وصفه بالسياسات المالية والضريبية “غير المتوازنة”، وعلى رأسها الرسوم الإضافية التى تفرض بشكل مفاجئ، وارتفاع تكلفة الاقتراض مقارنة بالأسواق الخارجية.
أضاف أن الشركة اتجهت لتخصيص جزء من مصروفاتها للتعامل مع الزيادات المفاجئة فى التكاليف.
وتابع جنيدي : “بعض الرسوم المفروضة على المصانع شهدت زيادات حادة، منها رسوم تم رفعها من 100 جنيه إلى 5000 جنيه دون مقدمات، وهو ما وصفه بالعبء المزدوج على المستثمرين، الذين يلتزمون بدفع الضرائب وفى الوقت ذاته يفاجأون برسوم إضافية غير مبررة.
وأشار إلى أن أسعار الطاقة، خصوصا الغاز والكهرباء شهدت زيادات متتالية رغم انخفاض أسعار النفط عالميًا، كما أن الفوائد البنكية فى مصر تتجاوز 25% فى بعض الحالات، مقابل 1% إلى 3% فى دول منافسة، وهو ما يجعل تكلفة التمويل المحلي مرتفعة بصورة تؤثر مباشرة على القدرة التنافسية للصناعة المصرية.
بسادة: تقلب أسعار الكهرباء يدفع ” ألفا” لإعادة هيكلة الرسوم التشغيلية
وقال وجيه بسادة، رئيس مجلس إدارة شركة ألفا للسيراميك، إن الزيادات المفاجئة والمتكررة فى أسعار الطاقة والكهرباء تمثل أحد أبرز التحديات التى تواجه خطط الشركات التمويلية والتشغيلية، مشيرًا إلى أن هذه التكاليف تنعكس مباشرة على تكلفة الإنتاج، وتؤدى إلى ارتفاع أسعار المنتجات النهائية، بما يضعف من القدرة التنافسية محليًا وخارجيًا.
أضاف لـ «البورصة»، أن غياب التدرج فى تطبيق مثل هذه الزيادات يربك حسابات الشركات، ويقوض استقرارها المالي، مطالبا بوضع آليات واضحة ومدروسة لتوقيتات إصدار القرارات الحكومية، بما يتيح للقطاع الصناعى التكيف التدريجى دون التأثير على جاذبيته فى الأسواق الإقليمية والدولية.
أكد بسادة، أن الشركة بدأت إعادة هيكلة بنود المصروفات التشغيلية لتتضمن مخصصا ماليا مرنا، يندرج تحت بند “التحوط ضد الزيادات المفاجئة”، بهدف امتصاص أى ارتفاعات غير متوقعة فى أسعار الطاقة خلال دورات التشغيل.
أبوهبي: “أوفر سيز” تخصص 10% مصروفات احتياطية على تكلفة النقل الفعلية
وقال أحمد أبوهبي رئيس مجلس إدارة شركة أوفر سيز للحاصلات الزراعية، إن تعدد وتكرار الرسوم المفروضة على السولار والخدمات اللوجستية بات يشكل عبئا مباشرا على الشركات، خاصة مع غياب سياسة تسعير موحدة أو رؤية واضحة لهذه التكاليف.
وأضاف أن الزيادات المفاجئة فى أسعار السولار أثرت سلبا على تكلفة النقل، سواء الداخلي أو المرتبط بتنفيذ العقود التصديرية، ما أدى إلى انخفاض صافى الربح وزيادة الفجوة بين السعر المتوقع والتكلفة الفعلية.
وأوضح أبوهبي، أن الشركة قررت تخصيص مصروفات احتياطية تمثل زيادة بنسبة 10% على تكلفة النقل الفعلية، ويحسب ضمن التكاليف قبل التعاقد على أى شحنات تصديرية جديدة، بهدف الحفاظ على الاستقرار المالى فى ظل ارتفاع غير متوقع فى تكاليف التشغيل.
زيتون: “الزيتون أوتو مول” ترصد 3% من الميزانية لمواجهة تقلبات الدولار والوقود
وقال منتصر زيتون، رئيس مجلس إدارة شركة الزيتون أوتو مول، إن شركته اعتمدت سياسة مالية وقائية، تقوم على تخصيص نسبة تتراوح بين 1 و3% من إجمالى المصروفات، تستخدم كاحتياطى لمواجهة الأزمات المفاجئة مثل ارتفاع أسعار الدولار أو الطاقة.
أضاف لـ «البورصة»، أن الشركة لا تلجأ إلى تمرير الزيادة المفاجئة إلى المستهلك مباشرة إلا فى حالة تجاوز التكاليف الفعلية للمبلغ المخصص مسبقا ضمن سياسة التحوط، مضيفا أن استمرار هذه الزيادات يجبر الشركات على إعادة النظر فى سياسات التسعير لاحقًا.
وأكد أن معظم الشركات باتت تؤجل رفع أسعار منتجاتها حفاظا على تنافسيتها داخل السوق المحلى، لا سيما فى ظل تزايد المعروض، وتراجع القدرة الشرائية لدى شريحة كبيرة من المستهلكين.