
لا تزال الأحاديث عن مستقبل الكولومبي لويس دياز مع ليفربول مستمرة، وسط اهتمام متجدد من أندية كبرى في أوروبا. أحدث هذه المحاولات جاءت من بايرن ميونيخ، بطل الدوري الألماني، الذي اختبر موقف ليفربول الرافض بيع جناحه البالغ من العمر 28 عاماً هذا الصيف. الرد لم يختلف عمّا سمعه برشلونة الشهر الماضي: «اللاعب غير معروض للبيع» وذلك وفقاً لشبكة «The Athletic».
لكن، ما الذي يجب أن يفعله ليفربول حقاً بشأن دياز؟ سؤال يصلح تماماً لنقاش هادئ مساء الجمعة على طاولة مقهى… لكن بما أن الوقت صباح الخميس والكاتب على رأس العمل، فقد اختار أن يجري الحوار مع نفسه، مقسّماً رأيه بين شخصيتَيْ «آندي» و«آندرو»، لتناول الملف من زاويتين.
آندي: لا مجال للجدل. دياز يجب أن يبقى. لقد قدم أفضل مواسمه على الإطلاق بقميص ليفربول، مسجلاً 17 هدفاً وصانعاً 8، في 50 مباراة. شارك بفاعلية في الخط الأمامي وساهم في التتويج بلقب الدوري الإنجليزي، بدايةً جناحاً، ثم مهاجماً صريحاً (رقم 9)، حيث أصبح الخيار المفضل في هذا المركز.
المدرب آرني سلوت يثق به، وتحوّله لمهاجم زاد من قيمته الفنية والتكتيكية، إذ بات بإمكان المدرب توظيفه في خطط متنوعة وفقاً للخصم. ومع مغادرة داروين نونيز المرتقبة، واحتمال رحيل فيديريكو كييزا، وإجراء تغييرات عدة في مراكز أخرى، فإن بيع دياز سيكون مجازفة بتغيير الكثير في وقت قصير.
آندرو: لكن الأمور ليست بهذه البساطة آندي. ربما ينبغي على ليفربول التفكير في بيعه الآن وهو في ذروة قيمته السوقية. دياز يبلغ 28 عاماً، وسيكمل 29 في يناير (كانون الثاني) المقبل، ولديه عامان فقط في عقده. أيّ مبلغ يمكن تحصيله هذا الصيف سيبدأ التناقص في المواسم المقبلة.
صحيح أنه قدم موسماً ممتازاً، لكن مرّ أيضاً بفترة امتدت 19 مباراة لم يسجل خلالها سوى هدف وحيد، رغم مشاركته مهاجماً صريحاً. وإذا كان النادي يحرص على وداع جميل للاعبين المنتهية عقودهم، فإن الواقع يفرض ضرورة تحقيق عائد مادي لتمويل الصفقات. هل من الحكمة الإبقاء عليه مع احتمال رحيله مجاناً لاحقاً؟
لقد خسر النادي بالفعل فرصة بيع ترينت ألكسندر آرنولد بقيمة ضخمة بعد رحيله إلى ريال مدريد، ويبدو أن السيناريو ذاته قد يتكرر مع إبراهيما كوناتي، الذي يدخل عامه الأخير دون بوادر على التجديد. الاستمرار في هذه السياسة يبدو استثماراً سيئاً.
آندي: لكن هذا لا يبدو أنه يقلق إدارة ليفربول كثيراً. يبدو أن السماح بانتهاء العقود دون بيع أصبح جزءاً من استراتيجية النادي. قد يزعج هذا المحاسبين، لكنه يُبنى على حسابات فنية لا مالية فقط.
وفي الموسم الماضي، لم يكن المركز رقم «9» محجوزاً بأداء مقنع؛ نونيز وديوغو جوتا لم يقدّما ما يكفي، والهجوم كان يتمحور حول محمد صلاح، مع الاعتماد على الأجنحة لصناعة الفرص. إذا كان دياز قادراً على المساهمة في تحقيق البطولات، فإن ذلك قد يُفضّل على أي مقابل مادي يمكن تحصيله.
آندرو: لكن، أليس من المنطقي تجديد عقده الآن للحفاظ على قيمته السوقية، وبيعه لاحقاً؟ بدلاً من أن يرحل مجاناً في 2027؟
آندي: هذه النقطة تستحق التأمل. دياز يقدم أكثر مما يتقاضى، مما يعد مكسباً من الناحية المالية والفنية. وقد يستحق عقداً جديداً إن أراد النادي استمراره، لكن تجديد عقد لاعب يبلغ 28 عاماً 4 سنوات إضافية – كما هو متوقع – يعني بقاءه حتى سن 32 مع مضاعفة راتبه. وتاريخ ليفربول يظهر أنه لا يُمدّد عقود اللاعبين بعد الثلاثين بسهولة، إلا في حالات استثنائية مثل صلاح وفيرجيل فان دايك.
وماذا لو تعرض دياز لإصابة خطيرة؟ سيقل عدد المهتمين بضمه، وتنخفض قيمته، وقد يجد النادي نفسه عاجزاً عن بيعه.
آندرو: هذا وارد، لكن هل نحن واثقون تماماً بأن ليفربول لن يبيعه هذا الصيف؟ ماذا لو جاءت عروض بين 70 و80 مليون جنيه إسترليني من برشلونة أو بايرن أو نادٍ سعودي؟ هل يتمسك النادي بموقفه؟
من الصعب تخيّل رفض عرض بهذا الحجم. وإذا كنا نتحدث عن «فرص السوق»، فهذه إحداها.
يمكن للنادي إعادة استثمار المبلغ في لاعب مثل أنتوني غوردون، المعروف أنه محل إعجاب في ليفربول، ويشبه دياز في الأسلوب مع سرعة أكبر ومهارة أقل، لكنه أصغر سناً وضمن فئة «اللاعب المحلي»، بل قد يقدم مردوداً مشابهاً، مع هامش تطوير أوسع.
آندي: بطبيعة الحال، هناك قلة من اللاعبين لا يمكن بيعهم تحت أي ظرف. ربما صلاح وفان دايك فقط. أما البقية، فكل شيء ممكن إذا جاء العرض المناسب.
لكن يجب ألا ننسى أن الفريق أجرى تغييرات جذرية هذا الصيف: التعاقد مع ظهيرين جديدين (جيريمي فريمبونغ وميليوش كيركيز)، وصانع لعب واعد (فلوريان فيرتز)، مع احتمال ضم قلب دفاع ومهاجم جديد. كل ذلك يحتاج إلى وقت للانسجام.
المدرب سلوت تحدث سابقاً عن أهمية «التماسك»، ورغم خبرته في إعادة بناء الفرق، فإن الاستقرار يبقى عنصراً مهماً، خصوصاً قبل موسم الدفاع عن اللقب.
آندرو: صحيح، وأنا أطمح لرؤية الفريق يحافظ على لقب الدوري وربما يحصد مزيداً من البطولات. ويمكن دائماً تأجيل بيع دياز للصيف المقبل.
لكن المسألة كلها تعتمد على نية النادي التعاقد مع مهاجم صريح هذا الصيف، خصوصاً مع قرب رحيل نونيز. إن لم يتم ذلك، فدياز سيواصل شغل هذا المركز، وهو ما قد يُمثّل مخاطرة، خصوصاً في ظل عدم وجود مهاجم «كلاسيكي».
آندي: مخاطرة نعم، لكنها محسوبة. ليفربول فاز بعدد كبير من المباريات بوجود دياز في العمق.
وعندما يكون في أفضل حالاته، يقدم كرة ممتعة؛ مفعمة بالحيوية والإبداع. لذا؛ دعونا نستمتع به ما دام هنا، وإذا كرر مستواه المميز الموسم المقبل مع صانع لعب بحجم فيرتز، فسيكون قرار الإبقاء عليه هو الرابح.