تمديد بعثة بوروندي بالصومال… ملء لفراغ عسكري ينتظر دعماً مصرياً

تمديد بعثة بوروندي بالصومال… ملء لفراغ عسكري ينتظر دعماً مصرياً

في ظل مخاوف من فراغ عسكري تملؤه حركة «الشباب» الإرهابية في الصومال، جاء قرار الاتحاد الأفريقي تمديد وجود القوات البوروندية في بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم الاستقرار في الصومال (أوصوم) لفترة إضافية مدتها 6 أشهر.

ذلك التمديد يراه خبير في الشأن الصومالي، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، يحمل دلالة مهمة مؤقتة في مكافحة حركة «الشباب» التي تتصاعد المواجهات بينها وبين مقديشو، مؤكداً أن ذلك الفراغ العسكري الذي تملؤه بوروندي بعدم انسحابها ينتظر دعماً مصرياً سيكون له الحضور المؤثر مع اكتمال وصول بعثته.

قادة بالجيش الصومالي يجتمعون مع ضباط من بعثة القوات الأفريقية (أرشيفية – وكالة الأنباء الصومالية)

بدأت بوروندي مشاركتها العسكرية في الصومال ديسمبر (كانون الأول) 2007 كجزءٍ من بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال. وساعدت في استعادة مواقع استراتيجية رئيسية في مقديشو، بما في ذلك مجمع وزارة الدفاع، في عمليات قتالية برية، وأعلنت أواخر عام 2024 عن خطط لسحب قواتها من البلاد بسبب الخلاف مع مقديشو حول عدد جنودها المنتظر مشاركتهم في البعثة، وفق ما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية وقتها.

وخلفاً لبعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية «أتميس»، التي انتهت ولايتها نهاية 2024، بدأت بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم الاستقرار في الصومال، المعروفة باسم «أوصوم»، عملياتها رسمياً في بداية يناير (كانون الثاني) الماضي، بعد اعتماد مجلس الأمن الدولي قراراً بشأنها في ديسمبر (كانون الأول) 2024، لفترة أولية مدتها 12 شهراً، بهدف دعم الصومال في مكافحة حركة «الشباب» الإرهابية التي تتصاعد عملياتها في الصومال منذ 15 عاماً.

وأعلن مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي عن تمديد الوجود العسكري البوروندي في الصومال لمدة 6 أشهر، ما أدى إلى تأجيل الانسحاب الكامل الذي كان مقرراً في 30 يونيو (حزيران) 2025، عقب اجتماع رفيع المستوى قيّم التأخيرات في إطلاق بعثة الاستقرار الجديدة التي حلت محل بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال «أتميص».

وتُعزى هذه التأخيرات بشكل كبير إلى «التحديات اللوجستية وتحديات الجاهزية لدى الدول المساهمة بقوات، خصوصاً مصر التي من المتوقع انضمامها إلى بعثة الاتحاد الأفريقي الجديدة لدعم الاستقرار في الصومال (AUSSOM)»، وفق ما نقله الموقع الإخباري «الصومال الجديد» السبت.

قوات بوروندية ضمن بعثة الاتحاد الأفريقي تقدم مساعدات طبية للمستشفى العام في مدينة جوهر بولاية هيرشبيلى (أرشيفية – وكالة الأنباء الصومالية)

نتيجة لذلك، ستبقى القوات البوروندية في الصومال بهدف «دعم عمليات مكافحة التمرد الجارية ضد (حركة الشباب)، وتعزيز الجهود الأمنية للحكومة الصومالية خلال المرحلة الانتقالية»، فيما يمنح هذا التمديد لمدة 6 أشهر الدول المساهمة وقتاً إضافياً لاستكمال الاستعدادات لنشر قواتها في إطار بعثة الاتحاد الأفريقي الجديدة، وفق المصدر الصومالي ذاته.

وجدد مجلس السلم والأمن الأفريقي، وفق بيان صحافي، الجمعة، «ضرورة أن تُنهي مفوضية الاتحاد الأفريقي، بالتنسيق مع الأمم المتحدة، عملية نشر القوات المصرية وإعادة القوات البوروندية إلى وطنها، ويدعو، في السياق نفسه، إلى وضع سبل دعم لاستمرار وجود القوات البوروندية».

ويرى المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «الاتحاد الأفريقي قرر تمديد بقاء قوات بوروندي في الصومال 6 أشهر لمنع تمدد (حركة الشباب)، وملء الفراغ العسكري المحتمل مع الانسحاب لعدم استغلاله من تلك الحركة»، مشيراً إلى أن «بوروندي لا تستطيع وحدها سد الفراغ العسكري، لكنها تساهم مؤقتاً بفاعلية محدودة وتنتظر البعثة دعماً مصرياً سيكون مؤثراً مع اكتمال وصول بعثتها العسكرية».

وتتكوّن القوة الجديدة للبعثة من أكثر من 11 ألف عسكري، مع انتشار مرتقب لجنود من مصر وأماكن أخرى، إضافة إلى وجود سابق لقوات مثل أوغندا وكينيا وإثيوبيا وجيبوتي، وسط تحديات بشأن استكمال عملها وفق تصريحات سابقة لمسؤول أفريقي.

وأكد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي محمود علي يوسف في اجتماع للبعثة في أوغندا في أبريل (نيسان) الماضي، على ضرورة «توفير التمويل اللازم لبعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال»، موضحاً أنه «لا تزال هناك موانع لتطبيق قرار مجلس الأمن بشأن بعثة دعم الصومال، وسيتطلب الأمر جهداً جماعياً لحشد موارد مالية تصل إلى 190 مليون دولار في عام 2025».

وأثارت الهجمات الأخيرة في المدن الرئيسية مخاوف من عودة ظهور الحركة، خصوصاً مع استهداف حركة «الشباب» الإرهابية موكب الرئيس حسن شيخ محمود في العاصمة مقديشو في مارس (آذار)، واستمرار مواجهاتها مع الجيش الصومالي بشكل لافت منذ بداية العام.

ومنذ أكثر من 15 عاماً تشنّ حركة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» تمرّداً مسلّحاً ضدّ الحكومة الفيدرالية الصومالية المدعومة من المجتمع الدولي، بهدف تطبيق الشريعة الإسلامية في بلد يُعتبر من أفقر دول العالم.

ويؤكد بري أن «البعثة الجديدة تحتاج لتعاون وثيق مع القوات الصومالية، ودعم استخباراتي، ومشاريع مجتمعية لضمان النجاح»، مشيراً إلى أن «نقص التمويل يهدد فاعلية البعثة، ويعوق العمليات الواسعة».

ويستدرك المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، قائلاً: «لكن يمكن إحراز نتائج محدودة إذا تم التركيز على مناطق استراتيجية وتنسيق جيد بين قوات البعثة، فضلاً على اكتمال البعثة المصرية، بجانب أن الحل يكمن في استراتيجية شاملة تجمع بين الأمن والتنمية، ومواجهة الفكر المتطرف».