
الصين تكشف عن أكبر سد كهرومائي في العالم
لندن-راي اليوم
في خطوة جديدة تؤكد طموحاتها لتصدر مشهد الطاقة العالمية، كشفت الصين في عام 2025 عن مشروع ضخم لبناء أكبر سد كهرومائي في العالم، بارتفاع يضاهي “برج إيفل” وامتداد جغرافي يفوق مساحة مدينة باريس بعشر مرات، ليشكل بذلك إنجازاً هندسياً غير مسبوق يُتوقع أن يعيد رسم ملامح الجغرافيا الاقتصادية والطاقة في آسيا والعالم.
يقع السد في مقاطعة ميدوغ بمنطقة التبت ذاتية الحكم، ويُقام على نهر “يارلونغ تسانغبو” – المعروف باسم “براهمابوترا” عند دخوله إلى الهند وبنغلاديش. ويُنتظر أن يولد المشروع طاقة كهربائية تزيد بثلاثة أضعاف عن تلك التي تنتجها محطة “سد الممرات الثلاثة” – الأكبر حالياً على مستوى العالم – مما يجعله مركز ثقل في خطة الصين للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2060.
إنجاز هندسي غير مسبوق
السد الجديد، الذي حصل على الموافقات الرسمية للبدء في بنائه، يُوصف بأنه أعجوبة هندسية، إذ صُمم ليولد طاقة كهربائية تعادل ما تنتجه عدة مفاعلات نووية، لكن من مصدر متجدد ونظيف. الجدار العملاق للمياه الذي سيتشكل بفضل المشروع سيحتجز خلفه بحيرة صناعية هائلة، ما يعكس قدرة الصين على الجمع بين الطموح التكنولوجي والسيطرة المائية.
فوائد هائلة… لكن بثمن باهظ
يتوقع أن تصل قدرة السد الإنتاجية إلى أكثر من 60 غيغاواط – وهو رقم يفوق إجمالي إنتاج الكهرباء في مصر من مختلف المصادر. وسيُساهم في استقرار شبكة الكهرباء داخل الصين، خصوصاً في المناطق التي تعاني من انقطاعات متكررة، كما سيوفر آلاف الوظائف المباشرة وغير المباشرة، ويخفض تكاليف الطاقة.
لكن في المقابل، يحمل المشروع تداعيات بيئية واجتماعية خطيرة، أبرزها تهجير آلاف السكان المحليين، وغمر مساحات واسعة من الأراضي الزراعية والغابات، بالإضافة إلى تهديد الأنظمة البيئية وتعطيل مسارات الأسماك المهاجرة، ما يضع المشروع تحت مجهر الجدل البيئي والحقوقي.
التكنولوجيا في خدمة السيطرة والتحكم
يعتمد السد على أحدث تقنيات البناء والمراقبة، بما في ذلك أنظمة تحكم آلية لتدفق المياه، ونماذج رقمية لمحاكاة وإدارة الموارد المائية، إلى جانب بطاريات تخزين عملاقة لضمان استقرار الإمدادات الكهربائية على مدار الساعة.
لن يقتصر تأثير السد الجديد على الأراضي الصينية، بل يُتوقع أن يمتد إلى الدول المجاورة عبر تصدير الطاقة، ما يمنح بكين ورقة ضغط جديدة على الساحة الجيوسياسية، ويعزز من مكانتها كمصدر طاقة نظيفة في المنطقة، في وقت يتزايد فيه القلق العالمي من تبعات تغيّر المناخ والاعتماد على الوقود الأحفوري.
هذا المشروع العملاق يُعد دليلاً جديداً على عزم الصين على تحويل طموحاتها البيئية إلى واقع ملموس، حتى وإن كان الثمن تغييرات جذرية في المجتمعات المحلية والأنظمة البيئية.
ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع
للدعم: