هجوم حوثي يقتل بحارَين ويهدد بإغراق ثاني سفينة خلال يومين

هجوم حوثي يقتل بحارَين ويهدد بإغراق ثاني سفينة خلال يومين

دخل تصعيد الجماعة الحوثية البحري منعطفاً دامياً مع مقتل بحارين اثنين، وإصابة آخرين جراء هجوم في البحر الأحمر استهدف سفينة شحن يونانية ترفع علم ليبيريا، وسط مخاوف من تعرضها للغرق كما حدث إثر هجمات الأحد الماضي ضد سفينة «ماجيك سيز».

وأكدت مصادر غربية ويمنية الهجوم الجديد الذي يحمل بصمات الحوثيين الذين يزعمون أنهم يشنون عملياتهم لمنع ملاحة السفن المرتبطة بالمواني الإسرائيلية بغض النظر عن جنسيتها.

ونقلت «رويترز» أن وفد ليبيريا، أكد الثلاثاء، خلال اجتماع للمنظمة البحرية الدولية التابعة للأمم المتحدة، أن اثنين من أفراد طاقم سفينة الشحن «إتيرنيتي سي» التي ترفع علم ليبيريا وتشغلها شركة يونانية لقيا حتفهما جراء هجوم بزوارق مسيرة وقوارب سريعة قبالة اليمن.

وهذه هي المرة الأولى منذ يونيو (حزيران) 2024 التي يقتل فيها بحارة في هجمات على سفن في البحر الأحمر، حيث قتل حينها أربعة بحارة إثر هجوم على سفينة ترفع علم ليبيريا.

وبحسب مصادر الأمن البحري البريطانية، لا تزال السفينة، التي يبلغ طاقمها 22 شخصاً، تتعرض لهجوم متواصل منذ الاثنين، جنوب غربي مدينة الحديدة، مما خلّف «أضراراً جسيمة»، وسط مخاوف من تعرضها لمصير السفينة «ماجيك سيز» التي أكد الحوثيون غرقها.

وأوضحت هيئة عمليات التجارة البريطانية في تقرير بثته على منصة «إكس» أن «السفينة تعرضت لأضرار جسيمة، وفقدت قوة الدفع… وهي محاطة بزوارق صغيرة، وتتعرض لهجوم متواصل»، مضيفةً أن «السلطات تحقق في الأمر».

وفي وقت لم يتبن الحوثيون على الفور هذه الهجمات على السفينة، كانت هيئة الأمن البحري البريطانية «أمبري» أبلغت عن تعرض سفينة شحن ترفع علم ليبيريا لهجوم دون ذكر اسمها.

وكان المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع تبنى، الاثنين، إغراق السفينة «ماجيك سيز»، وهي سفينة شحن سائبة تملكها جهات يونانية، وترفع أيضاً علم ليبيريا.

صاروخ بحري استعرضه الحوثيون ضمن أسلحتهم المستخدمة لمهاجمة السفن (إعلام حوثي)

وقال سريع في بيان إنها تابعة لشركة انتهكت حظر الدخول إلى مواني إسرائيل، وفق زعمه، موضحاً أنه تمت مهاجمتها بزورقين مسيرين، وخمسة صواريخ باليستية ومجنحة، وثلاث طائرات مسيرة، مشيراً إلى أن جماعته وثقت غرقها بالصوت والصورة، وسمحت للطاقم بالإخلاء.

ويُعتقد أن الجماعة الحوثية حاولت قرصنة السفينة، إلا أن طاقمها الأمني رد بإطلاق النار، ما دفع الجماعة إلى استخدام الصواريخ والزوارق المسيرة المفخخة في استهدافها.

تنديد يمني

على وقع التصعيد الحوثي البحري، وصف وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني الهجوم الجديد بأنه «اعتداء إرهابي» يكشف مجدداً إصرار الميليشيا على المضي في تهديد خطوط الملاحة الدولية، وأمن الطاقة، وإمدادات الغذاء، في واحد من أهم الممرات المائية في العالم. على حد قوله.

ووفقاً للمعلومات التي أوردها الوزير اليمني، حدث الهجوم الحوثي في الساعة الثامنة مساء الأحد بتوقيت اليمن، حيث اقترب زورقان سريعان وطائرات مسيرة هجومية من السفينة، وأطلقت الزوارق النار عليها، ما استدعى رد فريق الحماية المسلحة على متنها.

وقال إن الهجوم أسفر عن إصابة اثنين من أفراد الطاقم، وفقدان اثنين آخرين، فيما يُعتقد أن محركات السفينة تعطلت، وبدأت في الانجراف، في تطور خطير يهدد بوقوع كارثة إنسانية وبيئية جديدة في البحر الأحمر. وفق تعبيره.

السفينة اليونانية «ماجيك سيز» التي تبنى الحوثويون إغراقها في البحر الأحمر (رويترز)

واتهم الوزير اليمني في تصريحات رسمية إيران بالإيعاز للحوثيين بتنفيذ هذه الهجمات، ودعا المجتمع الدولي والأمم المتحدة والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن إلى اتخاذ موقف حازم، واتخاذ إجراءات عملية لردع الجماعة الحوثية، ومحاسبتها.

وأكد الإرياني أهمية حماية حرية الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب، بما يضمن أمن واستقرار المنطقة، ويجنبها تبعات هذه الأعمال العدوانية الخطيرة.

وكانت سلطنة عمان توسطت في اتفاق بدأ سريانه في 6 مايو (أيار) الماضي تعهدت فيه الجماعة الحوثية بالتوقف عن مهاجمة السفن الأميركية في البحر الأحمر مقابل وقف الحملة العسكرية الواسعة التي أطلقها ترمب. لكن الاتفاق لم يشمل إسرائيل.

صورة قارب نجاة أثناء إنقاذ طاقم السفينة اليونانية «ماجيك سيز» وزعتها الخارجية الإماراتية (أ.ف.ب)

وشن الحوثيون أكثر من 150 هجوماً ضد السفن منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، ما تسبب في إرباك حركة الشحن الدولي عبر البحر الأحمر. وأدت الهجمات إلى غرق سفينة بريطانية، وأخرى يونانية.

كما أدت الهجمات إلى تضرر العديد من السفن الأخرى، فضلاً عن قرصنة السفينة «غالاكسي ليدر» مع اعتقال طاقمها لأكثر من عام. كما تسبب هجوم آخر على سفينة شحن ليبيرية في مقتل أربعة بحارة.

أضرار ميناء الحديدة

في اتجاه آخر، أعلنت شركة «أمبري» البريطانية للأمن البحري، الثلاثاء، أنها رصدت صوراً تؤكد تعرض أرصفة خرسانية في ميناء الحديدة اليمني لأضرار جراء غارات إسرائيلية.

وأضافت الشركة أن سفينتين تحملان علم باربادوس، على الأرجح، تضررتا جراء انفجار نتيجة الهجمات، مشيرة إلى أن السفينتين لم تبلغا عن أي إصابات بين طاقميهما.

وكان الجيش الإسرائيلي شن الاثنين الموجة الحادية عشرة من الضربات الانتقامية رداً على هجمات الحوثيين، مستهدفاً مواني الحديدة الثلاثة على البحر الأحمر، ومحطة كهرباء، وسفينة تحتجزها الجماعة منذ أواخر 2023.

السفينة اليونانية «إتيرنيتي» هاجمها الحوثيون وقتلوا اثنين من بحارتها وسط مخاوف من غرقها (أ.ب)

وأطلقت إسرائيل على عمليتها الجديدة مسمى «الراية السوداء»، وجدد وزير خارجيتها جدعون ساعر في تغريدة على منصة «إكس» تحذيراته للحوثيين وقال: «كما حذّرتُ: قانون اليمن هو نفسه قانون طهران. من يحاول إيذاء إسرائيل سيُؤذى، ومن يرفع يده ضدها ستُقطع. وسوف يستمر الحوثيون في دفع ثمن باهظ نتيجة أفعالهم».

وفي حين يهوّن زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي من أثر الضربات الإسرائيلية، تواجه تل أبيب -إلى جانب البعد الجغرافي- شحة في المعلومات الاستخبارية التي قد تمكنها من توجيه ضربات موجعة للجماعة، على غرار ما حدث مع «حزب الله»، وإيران.

وبحسب مراقبين يمنيين، دفع هذا القصور في الحصول على معلومات عن مخابئ قادة الجماعة وتحركاتهم إسرائيل إلى الاكتفاء بتكرار الضربات الانتقامية على البنى التحتية الاقتصادية الخاضعة للجماعة.