ماكرون وزوجته في زيارة دولة «تاريخية» إلى بريطانيا

ماكرون وزوجته في زيارة دولة «تاريخية» إلى بريطانيا

بدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع زوجته بريجيت، الثلاثاء، زيارة دولة لبريطانيا، هي الأولى لزعيم أوروبي منذ الـ«بريكست»، وتستغرق ثلاثة أيام.

وكتب الرئيس الفرنسي في منشور على منصة «إكس»: «إنها لحظة كبيرة لأمّتينا»، و«هي أيضاً لحظة مهمّة لأوروبا الخاصة بنا»، مشدّداً على ضرورة أن تفتح أوروبا وبريطانيا «سبلاً جديدة للتعاون» في وجه «التحدّيات الكبيرة» على الصعيد العالمي.

ماكرون والأمير ويليام (رويترز)

وكان في استقبال الرئيس الفرنسي وعقيلته ولي العهد البريطاني الأمير وليام وزوجته كايت التي اختارت للمناسبة طقماً من توقيع «ديور»، في مدرج «قاعدة نورثولت العسكرية» في غرب لندن، حيث حطّت الطائرة الرئاسية بوجود حرس الشرف.

وتوجّه الجميع معاً إلى «قصر ويندسور»، حيث استقبلهما العاهل البريطاني الملك تشارلز الثالث المعروف بحبّه للثقافة الفرنسية وزوجته كاميلا، بعد نحو سنتين من زيارة الدولة التي قاما بها إلى فرنسا.

وبعد عزف النشيد الوطني الفرنسي، استقلوا عربات ملكية تجرها خيول في الجادة الرئيسية لويندسور، حيث ترفرف أعلام فرنسا وبريطانيا وصولاً إلى القصر، حيث مقر إقامة الرئيس ماكرون وزوجته.

وجلس العاهل البريطاني والرئيس الفرنسي في العربة الأولى، في حين ركبت الملكة كاميلا وبريجيت العربة الثانية. وقد تبادلت السيّدتان القبل خلافاً لأصول التحيّة الملكية.

العاهل البريطاني والرئيس الفرنسي في العربة الملكية (أ.ب)

بعد الجمود الذي خيّم على العلاقات بين البلدين إثر انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سنة 2020 وفي ظلّ الحكومات المحافظة السابقة، تأتي هذه الزيارة في أجواء أكثر دفئاً بين البلدين بعد تسلم حزب العمّال رئاسة الحكومة البريطانية العام الماضي.

وساهمت الحرب في أوكرانيا التي أعادت الرهانات الدفاعية والأمنية إلى قلب الاهتمامات الأوروبية،

في هذا التقارب بين الحليفين اللذين يعدّان أكبر قوّتين عسكريتين في القارة ويمتلك كلاهما السلاح النووي.

ويستضيف الملك تشارلز الثالث الرئيس الفرنسي مساء الثلاثاء حول مأدبة عشاء من المرتقب أن يتم التركيز خلالها على «التهديدات المعقّدة الآتية من كلّ الاتجاهات التي تواجه بلدينا» و«التي لا تعرف حدوداً».

وتعدّ زيارة الدولة هذه، وهي الأولى منذ زيارة الرئيس نيكولا ساركوزي سنة 2008، الأولى لزعيم أوروبي منذ تولّي تشارلز العرش، ووصفتها الحكومة البريطانية، الاثنين، بـ«التاريخية».

ملكة بريطانيا كاميلا وزوجة ماكرون بريجيت (أ.ب)

وينظر إليها من الجانب الفرنسي على أنها مؤشر إلى «إعادة تقارب» حول «مصالح مشتركة» في سياق «إعادة إطلاق» أوسع نطاقاً للعلاقات يريد رئيس الوزراء العمّالي كير ستارمر تحقيقها مع الاتحاد الأوروبي.

وفي الشقّ السياسي، من المرتقب عقد قمّة ثنائية، الخميس، لإرساء تعزيز التعاون في مجال الدفاع ومكافحة الهجرة غير النظامية.

وفي تكريم نادر من نوعه، يلقي ماكرون خطاباً في برلمان ويستمنستر أمام أعضاء مجلسي اللوردات والعموم المجتمعين في القاعة الملكية.

ومن المقرّر أن يجتمع بكير ستارمر في اليوم التالي ويشارك في فعالية حول الذكاء الاصطناعي وفي مأدبة عشاء في حيّ المال والأعمال في لندن.

وفي الملفّ الاقتصادي، تأمل باريس إحراز تقدّم في مشروع المحطة النووية «سايزويل سي» الذي ما زال بانتظار قرار نهائي بشأن الاستثمار.

وتتخلّل زيارة ماكرون أيضاً محطّة في المتحف البريطاني.

والخميس، ينضمّ إلى ماكرون وستارمر وزراء عدّة في قمّة ثنائية يؤمل منها تحقيق تقدّم، لا سيما في ملفّ الدفاع… وتتمحور القمّة حول سبل التكيّف مع الرهانات الأمنية الجديدة، لا سيّما منها التهديد الروسي، في إطار اتفاقات «لانكستر هاوس» المبرمة سنة 2010 والتي تعدّ العمود الفقري للتعاون العسكري بين البلدين.

ويترأس سترامر وماكرون المصممان على الضغط لحلحلة العقدة الأوكرانية، اجتماعاً عبر الفيديو لبلدان «تحالف العزم» الذي أنشئ لضمان أمن أوكرانيا في حال إقرار وقف لإطلاق النار.

أمير ويلز وزوجته الأميرة كيت في ويندسور (أ.ف.ب)

ولا تزال هذه المبادرة التي أبصرت النور في مارس (آذار) رهن المفاوضات التي أطلقت بين الطرفين برعاية الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

ويعقد الجانب البريطاني من جهته، آمالاً كبيرة على إحراز تقدّم في مجال مكافحة الهجرة غير النظامية بعد وصول عدد قياسي من المهاجرين عبر المانش منذ يناير (كانون الثاني).

وتضغط لندن منذ أشهر،من أجل أن تنفّذ قوى الأمن الفرنسية عمليات في المياه لصدّ الزوارق. وبموجب قانون البحار، لا تتدخّل السلطات الفرنسية حالياً في المياه إلا لتنفيذ عمليات إسعاف، غير أن باريس كشفت عن أنها تعمل على تطوير مبادئ جديدة في هذا الصدد.

وقال ناطق باسم الحكومة البريطانية، الاثنين: «نأمل أن يدخل ذلك حيّز التنفيذ قريباً».

وتناقش لندن وباريس أيضاً فكرة تبادل مهاجرين. غير أن وسائل إعلام بريطانية أفادت، بأن هذا المقترح يثير قلق بلدان أوروبية عدّة تخشى أن تعيد فرنسا هؤلاء المهاجرين لاحقاً إلى أوّل بلد وصلوا إليه في الاتحاد الأوروبي.