
توصلت الحكومة السودانية والفصائل المسلحة المنضوية في ما يسمى «القوات المشتركة»، التي تقاتل إلى جانب الجيش ضد «قوات الدعم السريع» إلى اتفاق سياسي نهائي، يقضى باحتفاظها بـ6 حقائب وزارية محددة، بما في ذلك وزارتا المالية والمعادن في إطار الحكومة (قيد التشكيل)، وفقاً لاتفاقية جوبا للسلام 2020.
وحسب تصريحات رسمية، فقد تم الاتفاق على منح 6 وزارات اتحادية لهذه الأطراف، خُصصت خمس منها لمسار دارفور، فيما خُصصت وزارة واحدة لمسار المنطقتين (ولايتا النيل الأزرق وجنوب كردفان).
وكان رئيس الوزراء كامل إدريس قد حل الحكومة السابقة، ووعد بحكومة تكنوقراط غير حزبية، إلا أن عناصر القوات المشتركة رفضت إقصاءها من المشهد، وتمسكت بحصتها في الحكومة السابقة، وهددت بفض الشراكة مع الجيش، والانضمام للطرف الآخر، حسب ما ذكر مصدر قريب من القوات المشتركة.
ودخل رئيس مجلس السيادة، القائد العام للجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، على خط الأزمة، لإنهاء التوتر ونزع فتيل الأزمة، الذي بدأ ينعكس بوضوح على المشهد العسكري، وسط تنامي خطابات متطرفة من مؤيدي الطرفين بفض الشراكة.
واصطدمت مساعي رئيس الوزراء كامل إدريس، الذي كان يسعى لأعمال صلاحياته الممنوحة له وفق الوثيقة الدستورية في «تشكيل حكومة تكنوقراط»، دون محاصصة سياسية، بتمسك أطراف مسار دارفور في اتفاق جوبا للسلام (القوات المشتركة) بشدة بحقائب محددة، كانت تشغلها في «الحكومة المحلولة» دون تغيير.
البرهان يتدخل
وقالت مصادر في «حركة العدل والمساواة»، بقيادة جبريل إبراهيم، إن البرهان عقب عودته من المشاركة في المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية في إسبانيا، الأسبوع الماضي، «حسم الأمر». وقالت لــ«الشرق الأوسط» إنه تم التوافق على احتفاظ أطراف «اتفاق جوبا للسلام»، بذات مواقعها الوزارية في الجهاز التنفيذي، وعادت وزارة المالية والاقتصاد الوطني إلى «حركة العدل والمساواة»، برئاسة جبريل إبراهيم، فيما استحوذت حركة «جيش تحرير السودان»، بقيادة مني أركو مناوي، على وزارة المعادن مجدداً.
وأضافت المصادر أن البرهان يرى أن استمرار التحالف السياسي والعسكري مع «القوات المشتركة» أمر مهم بالنسبة له في ظل استمرار الحرب في البلاد. وأشارت إلى أن هناك مجموعات داخل الأجهزة النظامية، مدعومة من تيارات سياسية، كانت تدفع باتجاه تأجيج الصراع بين الجيش السوداني والحركات المسلحة للوصول إلى مرحلة الصدام العسكري.
وشددت أطراف اتفاقية جوبا لسلام السودان (مسار دارفور) على أهمية تنفيذ اتفاقية جوبا لسلام السودان والالتزام بتمثيل أطراف المسار في مجلس الوزراء كــ«حزمة واحدة دون تجزئة». وأكدت في بيان صحافي، الثلاثاء، «دعم القوات المسلحة والتشكيلات المساندة لها لإكمال مسيرة تحرير كل شبر من تراب الوطن».
وعقد قادة الحركات المسلحة ورؤساء التنظيمات وكبار المفاوضين في «مسار دارفور» اجتماعاً، ليل الاثنين، ناقش الأوضاع السياسية الراهنة. وأكد الاجتماع على ضرورة الشروع الفوري في استكمال وتفعيل آليات تنفيذ اتفاق جوبا لسلام السودان، وآلية رئيسية للتشاور، وتشكيل الأجهزة التنفيذية الأخرى، بما في ذلك ولاة الولايات. وخلال النقاشات التي جرت سابقاً بين رئيس الوزراء، كامل إدريس، وأطراف «اتفاق جوبا للسلام»، برزت خلافات كبيرة داخل الكتلة حول تفسير مواد الاتفاقية، إذ اعترضت فصائل مسار الشمال والوسط على احتكار الحركات الدارفورية على نسبة 25 في المائة من السلطة، وطالبت بإعادة توزيع الحقائب الدستورية لتشمل كل الموقعين.
جدل حول «اتفاق جوبا»
يأتي هذا التوافق في ظل استمرار الجدل حول تنفيذ بنود اتفاق جوبا، لا سيما ما يتعلق بتقاسم السلطة بين الأطراف الموقعة، حيث ينص الاتفاق على منح هذه الأطراف نسبة 25 في المائة من المناصب التنفيذية في الحكومة الانتقالية. وسادت خلافات في الأيام الماضية بين بعض الحركات بشأن تفسير هذه النسبة، وما إذا كانت تشمل جميع الموقعين، أو تقتصر على الحركات المسلحة التي شاركت فعلياً في العمليات العسكرية قبل توقيع الاتفاق.
وتبلغ نسبة أطراف «مسار دارفور» الذي يضم 5 فصائل مسلحة، 25 في المائة، من المناصب التنفيذية، فيما تستحوذ «الحركة الشعبية»، بقيادة مالك عقار، باعتبارها ممثلة لمنطقتي النيل الأزرق وجبال النوبة، على 4 في المائة، ما يعادل وزارة واحدة، وتم توزيع نسبة 3 في المائة المتبقية لمسارات الشرق والوسط والشمال.
وتكوّنت القوات المشتركة من الحركات المسلحة في دارفور، غرب السودان، عقب اندلاع الصراع بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» بهدف حماية المدنيين في الإقليم. وانسحب فصيل «تجمع قوى تحرير السودان»، رئيسها الطاهر حجر، و«حركة تحرير السودان» (المجلس الانتقالي)، بقيادة الهادي إدريس، من القوة المشتركة، وانضمتا لاحقاً إلى تحالف «تأسيس» إلى جانب «قوات الدعم السريع». وفي أبريل (نيسان) 2023، أعلنت «القوة المشتركة»، بقيادة حركة «جيش تحرير السودان» وحركة «العدل والمساواة» خروجها عن موقف الحياد، والقتال إلى جانب الجيش السوداني ضد «الدعم السريع».