
هل ثمّة “انقلاب” قريب يستشعره أردوغان ولماذا يُحاكم جميع مُعارضيه بـ”تُهمة إهانته”؟.. 15 رئيس بلدية زجّهم بالسجن ولماذا وصفه زعيم المُعارضة بـ”الجبان”؟.. ما قصّة قانون “إقرار صلاة الجمعة” وهل ستفرز أنقرة مُواطنيها “فرزًا دينيًّا”؟
عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:
يُوغِل الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان، فيما يبدو أكثر فأكثر في المُحاولة للسّيطرة على أركان الدولة التركية “العلمانية”، ممهدًا الطريق لتعديل الدستور، حيث بدأت أولى خطواته بالزج برئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو بالسجن، منعًا لمُنافسته على الرئاسة بالانتخابات، ثم الزج تباعًا برؤساء البلديات بتهم الرشاوى، وانتهاءً بمحاولة للزّج برئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض أوزغور أوزال هو الآخر بالسجن.
وأعلنت النيابة العامّة في أنقرة بالفعل فتح تحقيق بحق رئيس حزب “CHP” أوزغور أوزال، على خلفية تصريحاته الأخيرة التي اعتبرتها النيابة “إهانة لرئيس الجمهورية”، و”تحريضًا علنيًا على ارتكاب جريمة”، و”إهانة موظفين عموميين بسبب مهامهم”، بالإضافة إلى “التهديد”.
وكان أوزال قد وجّه انتقادات حادّة للرئيس أردوغان خلال مؤتمر صحفي، واصفًا إيّاه بـ”الجبان” لامتناعه عن الدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة.
كما تضمّنت تصريحات أوزال تلميحات اعتبرتها جهات سياسية “تهديدًا مبطنًا بالانقلاب”، حيث قال: “نحن لا نهدد أحدًا بالانقلاب، لكن إذا حاول أحدهم انتزاع الصندوق بالقوة، فإنّ هذا الشعب سيُعيده بيديه”، وكان أوزال قد أشار إلى “ميدان تحرير تركي” للإطاحة بأردوغان.
وأصدرت السلطات التركية، الثلاثاء، مذكرة باعتقال أوزغور تشيليك، رئيس فرع حزب الشعب الجمهوري في إسطنبول، أكبر أحزاب المعارضة في البلاد.
ويُحتجز حالياً 15 من رؤساء البلديات التابعين لحزب الشعب الجمهوري، احتياطياً، من بينهم رئيس بلدية إسطنبول الشهير والمرشح الرئاسي السابق أكرم إمام أوغلو، الذي تم عزله من منصبه أيضاً.
وبينما يحدث هذا التهميش في المشهد السياسي التركي لخُصوم أردوغان، يخرج إلى الضوء قانون إقرار إجازة صلاة الجمعة، والذي تقدّم به حزب هدى بار، على قاعدة إعطاء الحقوق للأغلبية المُسلمة، في بلاد تتقدّم فيها الهوية العلمانية.
وفي حال إقرار هذا القانون، سيكون الأخير سابقة في تركيا، إذ يضمن لجميع الموظفين، بمن فيهم العاملون في القطاع الخاص، فسحة زمنية لأداء صلاة الجمعة جماعيًّا.
وبما أنّ حزب هدى بار من أبرز الأحزاب الموالية للحزب الحاكم “العدالة والتنمية”، فهذا يفسّر سبب طرح القانون، ولا بد أنه يحظى بتأييده، والتحالف الحاكم.
وأكد الحزب (هدى بار) في مذكرة التبرير المرفقة بالمشروع، أن حرية العبادة حق دستوري ينبغي حمايته، وأن هذه الخطوة ستعزز الطمأنينة الروحية والسلام الوظيفي للعاملين.
ويُحاجج أنصار هذا القانون، أن التسهيلات التي أقرّتها الإدارات الحكومية سابقًا لموظفي القطاع العام خلال صلاة الجمعة كانت محدودة التأثير، وذات طابع مؤقت وغير موحدة التطبيق، كما أنها لم تشمل موظفي القطاع الخاص.
تركيا واحدة من الدول القليلة ذات الغالبية المسلمة التي تعتمد أسبوع عمل غربي (الجمعة يوم عمل عادي) مع توفير تسهيلات لأداء صلاة الجمعة أثناء الدوام، لكن هذا لا يمنع استغلال هذه التسهيلات في التهرّب من العمل، حيث لجأ أصحاب العمل لمُطالبة من يعملون عندهم، بتقديم إثبات خطّي عند خروجهم للصلاة، أو إلزامهم بإضافة مدة الصلاة إلى إجمالي ساعات العمل الأسبوعية.
تسهيلات الخُروج للصّلاة المعمول بها منذ العام 2016، يُراد لها أن تتحول إلى إلزام قانوني، يصل بالأمر إلى إجازة صلاة يوم الجمعة، الأمر الذي يدخل في تجاذبات سياسية، يعمل عليها الحزب الحاكم خلف الستار.
ويخشى المسلمون الأتراك، غير المصلين منهم، إلى أن تدخل البلاد في مسألة “الفرز الديني”، فمن سيخرج للصلاة يُكتب من المتديّنين، ومن لا يخرج قد يُوضع في دائرة “تارك الصلاة” بالنسبة للمتشددين، في بلاد يُفترض أنها علمانية!
ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع
للدعم: