د. الداود أبا: أمريكا تؤسس لحلفها الخاص بإفريقيا تحت شعار تجارة وليست مساعدة

د. الداود أبا: أمريكا تؤسس لحلفها الخاص بإفريقيا تحت شعار تجارة وليست مساعدة

د. الداود أبا: أمريكا تؤسس لحلفها الخاص بإفريقيا تحت شعار تجارة وليست مساعدة

 
 
ذ الداود أبا
دعت الولايات المتحدة الامريكية ممثلة في إدارة ترامب لقمة  مصغرة أفرو أمريكية  جمعت  كل من موريتانيا و السينغال و غينيا بيساو و الغابون و ليبيريا الدول  التي تتشارك في قربها الجغرافي و إطلالتها على الواجهة العربية من القارة الافريقية و الهدف من هذه القمة حسب الادارة الامريكية الانتقال من المساعدات التقليدية الى شراكات إقتصادية قائمة على المصالح المباشرة خاصة الموارد الطبيعية و الطاقة.
قمة ترامب هل هي قمت حلفاء او قمة مساعدات
حسب تروي فيترول مسؤول مكتب الشؤون الافريقية في البيت الابيض فإن خطة الصفقات التجارية ستكون الاستراتيجية الجديدة لدعم القارة الافريقية بعد تخلي إدارة ترامب عن برنامج تقديم المساعدات الخارجية USA AIDE و هو ما يحيل مباشرة الى الادارة الامريكية تبنت طرحا جديدا في تعاملها مع الدول الافريقية من منح المساعدات الى التحول الى الصفقات التجارية بعد فشل نظام المساعدات التي لم تضمن للولايات المتحدة الامريكية تواجد صلبا في القارة بعد النكسة التي عرفها لتواجد الغربي بصفة عامة عقيب التحولات التي عرفتها دول الساحل الافريقي .
و بالحديث عن إعداد دول حليفة يمكن الاعتماد عليها فإن الولايات المتحدة الامريكية تسعى من خلال هذا الطرح إنشاء حلف إستراتيجي من دول يعول عليها و ذلك بتوجهها لدول لا تدخل في تحالف بريكس و ذلك بالاعتماد على الدول التي أثبتت عدم تبعيتها لروسيا و للصين و هو ما يؤسس لتحالف جديد يمكن بتسميته بتحالف  دول الغرب لافريقي  و من سماته أنها دول تعتمد على التواجد الغربي و تسعى كذلك الى تحصين و الدفع بمكانتها داخل القارة الافريقية و هو ما لوحظ  من خلال الشراكات التي قامت بها هذه الدول مع الغرب من حيث الشراكة في مجالات الهجرة و التجارة و الاقتصاد و كذلك من حيث التعاون العسكري, و هو ما يقودنا الى وضع أساس أننا في طور إنشاء تحالف جديد في لقارة الفريقية.
هل تحاصر امريكا المد روسي في دول الساحل بإنشاء حلف دول غرب افريقيا
عرفت القارة الافريقية خلال العقد الاخير تواجدا و إنتشارا كبيرا لروسيا خصوصا في دول الساحل الفريقي و وسط افريقيا و هو ما سبب صراعا جيوسياسيا على مناطق النفوذ حيث فقدت أمريكا تواجدها داخل القارة الإفريقية و أهم مظاهر هذا الفشل خروجها من النيجر أكبر معقل للتواجد الامريكي بقواعده العسكرية البرية و الجوية  لصالح روسيا خلال فترة حكم بايدن , و لعل التحركات التي تقوم بها ادارة ترامب حاليا دليل على إنشاء تحالف غرب إفريقيا لمواجهة المد الروسي في إفريقيا و الدليل هو جغرافيا الدول الممتدة على الشريط الغربي للقارة الافريقية و الذي يبتدأ من شمال القارة موريتانيا و السنغال غينيا بيساو ليبريا حتى الغابون جنوبا, و هي دلالة واضحة على إنشاء خط دفاع جوي و أرضي و بحري متماسك يعتمد على التواصل الجغرافي و الاندماج المجالي كذلك يعتمد على درجة الاستقرار السياسي و الامني في هذه البلدان, و من حيث كذلك عدم إنحيازها الى التواجد الروسي في افريقيا  .
محاربة التمدد الصيني العسكري  و الاقتصادي  في الدول الغرب الافريقي
في قراءة ثانية يعتبر التواجد الصيني الكبير في القارة الافريقية مصدر قلق للولايات المتحدة الامريكية التي يعتبرها ترامب أكبر تهديد للولايات المتحدة الامريكية و التي لم يخفي ترامب تخوفه منها و لذلك تعتبر إستمالة هذه الدول الافريقية خطوة إستراتيجية في إطار التمهيد لحلف أمريكي إفريقي و هي سابقة تاريخية , إضافة الى التمدد الصيني في القارة الافريقية أصبح واضحا من خلال تواجدها الاقتصادي حيث أصبحت رقما صعبا في المعادلة  أيضا سيطرتها على موانئ بالجهة الشرقية من القارة الافريقية جعل أمريكا تستبق الاحداث و تغلق الباب أمام المد الصيني العسكري بعدم فتح المجال لانشاء موانئ قد تهدد التواجد الامريكي و كذلك تهدد سير الاساطيل العسكرية الامريكية.
يبرز من خلال سردية الاحداث و التطورات التي يعرفها العالم أن الرئيس الامريكي يسعى الى إعادة التوازن الاستراتيجي خصوص بعد الانسحابات التي عرفتها الولايات المتحدة الامريكية من القارة الافريقية  إضافة الى خلق نوع من التواجد الجيوسياسي يضمن للولايات المتحدة الامريكية حرية التحرك و حرية تواجدها العسكري في ضل التهديدات العسكرية التي أصبحت تجدها في بقية العالم و خصوصا بعد قصف إيران  لقاعدتها العسكرية بقطر.
بعد تجاهل القارة الافريقية في ولايته الاولى يتضح أن ترامب يسعى إلى إصلاح الخطأ من خلال تعزيز تواجد أمريكا في كافة مناطق العالم و خصوصا بعد التهديد الذي رافق تواجدها في اوروبا و أسيا و هو ما جعل الولايات المتحدة تسعى الى فتح معاقل جديدة لها في القارة الافريقية ترسخ فيها مكانتها و تحارب فيه تمدد أعدائها روسيا و الصين.
يندرج أيضا هذا اللقاء في إطار سياسة إفريقية واضحة  الهدف منها  البحث عن المناجم النادرة و التي لا ينفك ترامب أن يجعلها شعارا للشراكة حيث أكد أن دعمه لاوكرانيا مرتبط بحصته من المعادن و هو ما لم يغب عن القمة الافرو أمريكية التي عبر القادة الافارقة بصراحة عن توفر مخزون جيد من المعادن تنتظر الاستغلال في إطار شراكة أمريكية  لعل هذا الدفع بهذه الثروات الطبيعية يبين أن الافارقة إستساغو الدرس من خلال الشراكة الامريكية مع دول الخليج التي تحمي تواجدها من خلال حماية مصادر الطاقة و توفير الامن و الاستقرار لهذه الدول التي تعرف رخاءا إقتصاديا إضافة الى ان الاستغلال المفرط للمسعمر السابق و كذلك الاستغلال منطرف الصين و روسيا أثبت أن الشراكة في إستغلال الثروات الطبيعية لم يحقق غاية الدول و الشعوب الى حد الان و لعل تغير الوجهة بالولايات المتحدة الامريكية يعتبر تجربة تستحق المخاطرة.

باحث بجامعة محمد الخامس بالرباط كلية الحقوق أكدال

ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع
للدعم: