
الخامنئي يهدد “فجأة” بالرد الساحق المزلزل.. هل اقتربت الضربة الإسرائيلية “الترميمية”؟ وما هي النتائج التي ستترتب عليها؟ وكيف جاءت فضائح قاعدة “العيديد” صادمة لأمريكا وبعض العرب؟
عبد الباري عطوان
منذ اليوم الأول لشدّ بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي الرحال الى واشنطن للمرة الثالثة في ستة أشهر، أكدنا في هذا المكان ان الهدف الأساسي الذي استدعاها وسرعتها ليس اتفاق وقف اطلاق النار في غزة وانما الاعداد لعدوان امريكي إسرائيلي ضد ايران، لترميم آثار فشل العدوان الأول، الذي استمر 12 يوما، في تحقيق جميع أهدافه في تدمير القواعد النووية الإيرانية الثلاث (فوردو، أصفهان، نطنز) ونجاح الرد الإيراني الصاروخي المضاد في احداث دمار غير مسبوق في عدة مدن إسرائيلية تدميرا شبه كامل (تل ابيب، حيفا، بئر السبع، عسقلان، واسدود، وصفد)، علاوة على ثماني قواعد عسكرية واستخبارية صهيونية، ومقتل المئات، واصابة الآلاف، ولجوء سبعة ملايين مستوطن الى الملاجئ، والأهم خسارة نصف مليار دولار يوميا كخسائر مادية.
نتنياهو، وحسب تسريبات إسرائيلية متعمدة الى صحيفة “وول ستريت جورنال” المقربة من صانع القرار في البيت الأبيض، أبلغ الرئيس ترامب “بنوايا تل ابيب توجيه ضربات جديدة لإيران اذا استأنفت سعيها لإمتلاك أسلحة نووية”، وقال المسؤول الذي سرب الخبر، ويُعتقد انه نتنياهو شخصيا اثناء زيارته لواشنطن “ان إسرائيل لن تسعى للحصول على موافقة أمريكية مسبقة مثل الضربات الأخيرة”، وما يؤكد هذه النوايا العدوانية الإسرائيلية تجاه ايران، عزم “الجنرال” يسرائيل كاتس وزير الحرب الإسرائيلي على رأس وفد كبير من الجنرالات زيارة واشنطن مطلع الأسبوع المقبل للتحضير لهذه الضربة ومستلزماتها اللوجستية العسكرية مع نظرائه في البنتاغون (وزارة الدفاع) وتقديم لائحة بالأسلحة المطلوبة.
***
السيد علي خامنئي المرشد الأعلى اقدم فجر اليوم (السبت) على توجيه تهديد قوي للولايات المتحدة (ذهب الى الرأس وليس للذنب) يؤكد فيه ان ايران ستوجه ضربة صاعقة لقواعد أمريكية مهمة في المنطقة، وأضاف السيد خامنئي في هذا التهديد المباشر، والصريح، الذي نشره باللغة الفارسية على حسابه على منصة “اكس” (تويتر سابقا) مذكرا “ان ايران وجهت صفعة قاسية وساحقة الى قاعدة “عين الأسد” الامريكية في العراق (ردا على اغتيال الشهيد قاسم سليماني وابو مهدي المهندس)”، مؤكد ان الانتقام الساحق في الطريق، وحرص على التذكير مجددا “بأن صواريخ بلاده الباليستية ضربت قاعدة العيديد الجوية في قطر (الاضخم في المنطقة)، والحقت بها اضرارا كبيرة، فقدرة ايران على الوصول الى مراكز أمريكية مهمة في المنطقة متى شاءت ضخمة جدا”.
اقدام السيد خامنئي القائد العام للقوات المسلحة الإيرانية بحكم موقعه “شخصيا” على توجيه هذا التهديد، وقبل وصول نتنياهو الى تل ابيب عائدا من واشنطن، يؤكد ان ايران لا تستبعد هذا العدوان القادم المتوقع عليها فقط، وانما اثبتت انها أيضا على درجة عالية من الجهوزية للتصدي له، وبرد أضخم بكثير من نظيره الأول.
عندما يقول السيد خامنئي ان أمريكا تلقت صفعتين ساحقتين تمثلتا في الرد على قاعدتي عين الأسد في العراق، والعيديد في قطر، فانه يؤكد مجددا ان هناك 12 قاعدة أمريكية في المنطقة محيطة بايران يتواجد فيها اكثر من 50 الف جندي امريكي ستواجه المصير نفسه، ان لم يكن أضخم واكثر فداحة، ناهيك عن تدمير الاقتصاد الغربي بإغلاق مضيق هرمز وخلق أزمة طاقة عالمية، تكون خزينة الحرب الروسية الاكثر استفادة.
لم يكن من قبيل الصدفة ان يتزامن هذا التهديد في رأينا مع اعتراف المتحدث باسم وزارة الدفاع الامريكية “البنتاغون” اليوم بإصابة قاعدة العيديد بصاروخ باليستي إيراني جاء ردا على قصف القاذفات الامريكية العملاقة “بي 2” للقواعد النووية الإيرانية، وأدى هذا الصاروخ الى الحاق اضرارا كبيرة بالقاعدة (العيديد) أبرزها تدمير قبة اتصال ورصد داخل القاعدة تستخدمها القوات الامريكية في الاتصالات الآمنة (كانت أمريكا قد أخلت القاعدة من 46 طائرة وكل المعدات المهمة وآلاف الجنود مسبقا).
هذا الاعتراف “الجزئي” الذي جاء بعد نشر وكالة “الاسيوشيتد برس” الامريكية صورا حية لحجم الدمار الكبير في قاعدة العيديد يُكذّب كل التقارير الإعلامية، خاصة العربية منها، التي وصفت الرد الإيراني بقصفها، كان “مسرحية” متفق عليها، وهو الوصف نفسه الذي استخدم بُعيد القصف الإيراني بالعشرات من الصواريخ الباليستية لقاعدة “عين الأسد” في العراق.
قصف قاعدة العيديد، وتحويل تل ابيب وحيفا وبئر السبع الى مدن أشباح هو الذي أجبر ترامب وبضغط جنرالاته، وزملائهم الإسرائيليين، على استجداء وقف سريع لوقف اطلاق النار بعد اليوم الثاني عشر للعدوان الثنائي على ايران، ودليلنا ان الصواريخ الإيرانية استمرت في قصف هذه المدن حتى بعد سريان اتفاق وقف اطلاق النار، والتزام دولة الاحتلال السريع والكامل به.
***
مجرد مبادرة السيد خامنئي السريعة بإطلاق هذه التهديدات بالرد الصاعق على أي عدوان امريكي إسرائيلي هو فأل طيب بإحتمالات الرد القوي ونتائجه الموجعة، وتحقيق نصر معنوي كبير، ودون اطلاق أي رصاصة او صاروخ، لان وجود السيد خامنئي امام عجلة القيادة الإيرانية، وادارته المعركة شخصيا، هو هزيمة صاعقة للثنائي الأمريكي الإسرائيلي الذي فشل في اغتياله قبيل واثناء العدوان الأول، مثلما فشل أيضا في تغيير النظام الإسلامي الإيراني، والفضل في ذلك يعود الى وطنية الشعب الإيراني، والمعارضة فيه، والتفاف الجميع حول نظامهم وجيشهم.
العدوان القادم على ايران، سواء كان إسرائيليا بحتا، او بمشاركة أمريكية، قد يؤدي الى توجيه ايران الضربة القاضية المزدوجة لدولة الاحتلال والقواعد والنفوذ الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط، وإعادة رسم خرائط المنطقة وفق المصالح العربية والإسلامية.
صواريخ ومسيّرات إيرانية، وأسلحة أخرى لم يتم الكشف عنها واستخدامها في الرد على العدوان الأول، قد تكون مفاجأة الرد الثاني.. والأيام بيننا.
ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع
للدعم: