هل تستطيع مصر كسر حاجز العجز التجاري مع روسيا؟

هل تستطيع مصر كسر حاجز العجز التجاري مع روسيا؟

في الوقت الذي تتدفق فيه السفن المحملة بالقمح الروسي إلى الموانئ المصرية، تقف المنتجات المصرية على الرصيف تنتظر من يفتح لها الأبواب إلى السوق الروسي.

وقال مصدرون لـ “البورصة”، إن السوق المصرى يشهد حالة عزوف كبيرة من قبل المستوردين الروس، بسبب عدم تفصيلهم المنتج المصرى، على الرغم من السمعة الجيدة التى ينافس بها فى أكبر الأسواق الأوروبية والخليجية.

أوضحوا أن إجمالى الواردات المصرية من روسيا بلغت 6 مليارات دولار خلال عام 2024، مقابل صادرات لم تتجاوز 607 ملايين دولار، بعجز تجاري يقدّر بأكثر من 5.3 مليار دولار.

عيسى: الميزان التجاري مختل ومطلوب تنويع المصادر والتفكير الاستراتيجي

فى السياق ذاته، قال علي عيسى، رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، إن اعتماد مصر المفرط على الواردات الروسية من القمح والزيوت دون وجود صادرات موازية يُعمّق عجز الميزان التجاري.

ودعا إلى مراجعة سياسات التعاقدات الحكومية وتنويع مصادر الاستيراد تدريجيًا، بجانب التركيز على خلق صادرات ذات قيمة مضافة للسوق الروسي، مشددًا على أن “القضية ليست مجرد أرقام، بل إدارة ذكية للعلاقات التجارية”.

الضوي: الواردات الروسية تكتسح السوق.. والصادرات المصرية محاصرة بتكاليف الشحن

قال تميم الضوي، المدير التنفيذي للمجلس التصديري للصناعات الغذائية، إن الفجوة التجارية ترجع إلى اعتماد السوق المصري على استيراد الحبوب والزيوت الروسية، وهي سلع استراتيجية تمثل مكوناً أساسياً في الأمن الغذائي.

وأضاف لـ«البورصة»، أن مصر استوردت خلال 2024 نحو 3.1 مليار دولار من الحبوب، و1.3 مليار دولار من الحديد ومصنوعاته، إلى جانب 526 مليون دولار من الزيوت النباتية والحيوانية، و262 مليون دولار من الأخشاب والفحم الخشبي، بالإضافة إلى 205 ملايين دولار من الوقود والزيوت المعدنية.

وأوضح أن الصادرات المصرية إلى روسيا، وإن كانت تشمل فواكه وخضروات ومحضرات غذائية، إلا أن قيمة العقود التصديرية الموقعة أقل كثيرًا من مثيلاتها في دول الخليج وأوروبا، مما يدفع المصدرين لتفضيل تلك الأسواق.

وأشار إلى أن التحديات تشمل بطء التحويلات المالية، وارتفاع تكاليف الشحن، وتعقيدات نظام الدفع، ما يضغط على هامش ربح المصدر المصري.

أكد أن معالجة العجز لا يقتصر على رفع أرقام التصدير، بل يستدعي تحسين نوعية العقود والبحث عن منتجات ذات قيمة مضافة.

أوضح الضوي إن الدولة بدأت تقديم دعم للمصدرين في ملفات النقل والتأمين وسلاسل التوريد، لكن الأمر يتطلب فتح قنوات تفاوض مباشرة مع الجانب الروسي لتوسيع قوائم السلع المقبولة، وإدارة أكثر مرونة للعلاقات التجارية.

قالت مي حلمي، المدير التنفيذي للمجلس التصديري للصناعات الهندسية، إن أحد العوائق الرئيسة أمام نفاذ الصادرات المصرية للسوق الروسي هو ضعف وعي الشركات المصرية بطبيعة هذا السوق من حيث الذوق والمعايير الفنية.

وأضافت لـ«البورصة»، أن المنتج المصري قادر على المنافسة، لكن الشركات لا تجري أبحاث سوق كافية، ولا تخصص مواصفات أو تصميمات مخصصة للمستهلك الروسي، مؤكدة أن المجلس سيبدأ في تنظيم بعثات تجارية وبرامج تدريب للمصانع استعدادًا للتصدير إلى روسيا.

وشددت على أهمية الدور الحكومي في توفير خطوط شحن منتظمة وتيسير الإجراءات الجمركية عبر الاتفاقيات الثنائية.

وفي السياق ذاته، أشار مؤمن عرفات، المدير التنفيذي للمجلس التصديري للأثاث، إلى أن ضعف الصادرات المصرية في هذا القطاع يعود إلى وفرة الخشب في روسيا التي تمتلك واحدة من أكبر الغابات عالميًا، ما يقلل احتياجها للاستيراد.

وأضاف أن ضعف الاهتمام الروسي بالتصميمات الحديثة في الأثاث، وارتفاع تكاليف الشحن وطول فترة النقل، يقلل من تنافسية المنتج المصري مقارنة بدول أقرب أو ذات اتفاقيات تفضيلية.

ولفت إلى أن المجلس بدأ دراسة فرص التصنيع المشترك مع كيانات روسية، باعتبار أن نقل التكنولوجيا هو السبيل لاختراق السوق الروسي.

شلقاني: انخفاض أسعار الطاقة يمنح الحديد الروسي الأفضلية

وقال محمد شلقاني، رئيس مجلس إدارة شركة “نفرتيتي” للرخام والجرانيت، إن روسيا تمتلك ميزة تنافسية كبيرة في قطاع الحديد بفضل انخفاض أسعار الغاز، مما يمكنها من تصدير كميات ضخمة بأسعار يصعب على نظيرتها المصرية منافستها.

وأضاف أن القطاع المحلي يعاني من ارتفاع التكلفة الإنتاجية، وهو ما يفسر ضعف الصادرات المصرية إلى روسيا في قطاع الحديد.

المرشدي: المنسوجات المصرية قادرة على سد الفجوة بعد غياب المنتج التركى

قال محمد المرشدي، رئيس غرفة صناعة النسيج باتحاد الصناعات، إن الظروف الاقتصادية في تركيا فتحت نافذة أمام المنتجات المصرية للدخول بقوة إلى السوق الروسي، بعد أن كانت تركيا المورد الرئيسي لعدد من القطاعات الاستهلاكية هناك.

وأوضح أن الفرصة متاحة لمنتجات المنسوجات والكيماويات المصرية لاختراق السوق الروسي، بشرط التركيز على تلبية الذوق المحلي وتقديم جودة أوروبية بأسعار تنافسية.

وأكد أن مصر يمكنها حل محل جزء كبير من الواردات التركية إلى روسيا، لكن الأمر يحتاج إلى دعم حكومي موجه لتسهيل الشحن والتخليص الجمركي، وتفعيل دور المكاتب التجارية المصرية في موسكو.