
د. كاظم ناصر: أمريكا تعاقب فرنشيسكا البانيز على موقفها من جرائم إسرائيل
د. كاظم ناصر
انتخبت فرانشيسكا ب البانيز في مايو 2022 مقررة خاصة للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد، وأعيد انتخابها لولاية ثانية في ابريل/ نيسان الماضي من العام الجاري رغم معارضة الولايات المتحدة ودولة الاحتلال.
الحقد الصهيوني على البانيز ليس جديدا؛ فقد أثار تعيينها في ولايتها الأولى غضب إسرائيل والمنظمات الصهيونية الأمريكية بسبب التعليقات التي أدلت بها عام 2014 ووصفت فيها خضوع الولايات المتحدة وأوروبا للوبي اليهودي بسبب ” الشعور بالذنب تجاه الهولوكوست ” الأمر الذي أدى إلى اتهامها ” بمعاداة السامية.” لكن ذلك لم يثنيها عن المجاهرة بقول الحق وانتقاد الممارسات الاجرامية الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني.
ففي 22 أكتوبر 2024 أوصت البانيز في تقريرها الأول بأن تضع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ” خطة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الاستعماري ونظام الفصل العنصري ” الذي تمارسه دولة الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، وقدمت في 26 مارس 2024 تقريرا إلى الدول أعضاء الأمم المتحدة قالت فيه إن ” هناك أسبابا معقولة للاعتقاد باستيفاء الحد الأدنى الذي يشير إلى ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة”، وفي 31 أكتوبر 2024 أوصت في تقديمها تقرير عن الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين بإعادة النظر في عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة أو تعليقها إلى أن تتوقف عن انتهاك القوانين الدولية وتنهي الاحتلال.
وفي خطابها أمام مجلس حقوق الانسان في جنيف في بداية هذا الشهر قالت إن دولة الاحتلال تنفذ واحدة من أكثر عمليات الإبادة في التاريخ الحديث بدعم أمريكي أوروبي. وأصدر مكتبها تقريرا الشهر الماضي اتهم فيها أكثر من 60 شركة عالمية بدعم الجرائم التي ترتكبها دولة الاحتلال في غزة والضفة الغربية تقنيا واقتصاديا واعلاميا من بينها شركات الأسلحة الكبرى ” لوكهيد مارتن، وليوناردو، البيت ” والتكنولوجيا المتطورة ” الفابيت المالكة لغوغل، ومايكروسوفت، وأمازون” بسبب انخراطها في الاقتصاد الإسرائيلي.
مواقف ألبانيز المشرفة الداعمة للحق الفلسطيني أثارت غضب واستياء إسرائيل، واللوبي الصهيوني الأمريكي، وإدارة ترمب، وأعلن وزير الخارجية الأمريكية ماركو روبيو يوم الأربعاء 9/7/ 2025 ان الولايات المتحدة فرضت عقوبات عليها، وطلب من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إقالتها من منصبها متهما إياها ب ” معاداة السامية “، والعمل على دفع المحكمة الجنائية الدولية إلى اتخاذ إجراءات بحق مسؤولين وشركات ومديرين تنفيذيين أمريكيين وإسرائيليين.
وعلى النقيض من الموقف الإسرائيلي الأمريكي الشرس المعارض لها والمطالب بإقالتها من منصبها، يتصاعد الزخم الشعبي والسياسي حول العالم لترشيحها لنيل جائزة نوبل للسلام لعام 2026 على خلفية مواقفها الأخلاقية العادلة الداعمة للحق الفلسطيني وجهودها لتوثيق جرائم إسرائيل ومعاقبتها. وفي السياق ذاته أعلن عضو البرلمان الأوروبي، النائب السلوفيني ماتياز نيمتش عن تقدمه رسميا بمقترح يدعو لترشيحها للجائزة.
للأسف كل ذلك يحدث في غياب دعم عربي رسمي أو شعبي لها؛ فالأنظمة العربية المنشغلة في المؤامرة الأمريكية – الإسرائيلية لتصفية القضية الفلسطينية والتطبيع مع دولة الاحتلال، وفي تطويق الشعوب العربية وتغييبها وتدجينها لم ولن تفعل شيئا لدعم البانيز؛ والشعوب العربية المستسلمة للظلم والتسلط وطاعة ” ولاة الأمر “، والمنشغلة بمباريات كرة القدم ومهرجانات الترفيه وقصص الجن والشياطين وعنترة بن شداد وأبو زيد الهلالي لا يهمها أمر البانيز، ولا تدرك ما يحيق بها من أخطار ومصائب، ويبدو أنها لن تستفيق من سباتها العميق إلا بعد فوات الأوان!
كاتب فلسطيني
ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع
للدعم: