مريم عبد الحافظ
بين التمسك بالحياة ورفض الموت في عالم خيالي يُهيمن عليه رماد المعارك، تبحث قوى الحرب على الهارب الوحيد من قبضة الموت، بعد أن رفض الاستسلام لمصير أصدقائه، وحاول النجاة بنفسه في واقع مُشوه لا يسمح بالاختلاف.
عرضت فرقة بصيرة، مساء أمس، عرض “ثلاثية الضيف” المستوحى من رواية “ثورة الموتى” للكاتب الأمريكي آروين شو، على خشبة المسرح الصغير بمكتبة الإسكندرية.
تدور أحداث العرض حول جندي هارب من الدفن، بعد أن تلقى رصاصة أنهت حياته خلال الحرب، ولكنه رفض الاستسلام بعد أن شاهد صديقه المقرب يلفظ أنفاسه الأخيرة ورأسه تنفصل عن جسده في مشهد قاسٍ ومؤلم، فقرر الفرار بإصابته ووجد في مقابر الموتى وجهته المثالية هو وكرسيه المتحرك ليأنس بهم ويأنسوا به.
بدأ العرض بمونولوج للفنان محمد عبد الله، مخرج العرض، والذي يُجسد شخصية الجندي الهارب، وهو بين مقابر أصدقاءه وزملاءه حيث يتحدث معهم عن الحرب ونتائجه التي أوصلتهم إلى هذه النهاية، مستعيدًا ذكرياته مع صديقه المقرب “تشارل” والذي فرقهما الموت ولكنه صمم المكوث جانبه حتى وهو مجرد جثة مدفونة.
انضم إليه بعد ذلك على خشبة المسرح الفنان حسن خالد في زي المهرج، بصحبة الفنان بسام درويش الذي جسد شخصية الكلب المسعور رفيق هذا المهرج.
وخلال الأحداث، تعرف الجندي على المهرج وتبادلا أطراف الحديث في أجواء مليئة بالمرح والضحكات العالية، وعلى غرة، رفع المهرج سلاحه نحو الجندي المصاب بالشلل، لتنكشف حقيقته وأنه قوى الحرب الذي تبحث عن هذا الهارب من الدفن.
وبعد تمكن المهرج من السيطرة على الجندي، يُقرر إجراء عملية جراحية سريعة له، ليسلب منه إنسانيته وكل قيم الحب والسلام من داخله، ليزرع فيه بدلًا عنها كل ما يتعلق بالحرب والقتل والعنف، ليحوله هو الآخر إلى مسخ يُعامله معاملة الكلب الذي دخل به في بداية العرض، والذي يتضح في النهاية أنه صديقه “تشارل” ولكن بعد أن فقد إنسانيته وإرادته الحرة.
يأتي هذا العرض ضمن مشاركة فرقة “بصيرة” في مهرجان المعاهد المتخصصة، مُمثلين أكاديمية الشارقة للفنون الأدائية بالإمارات، حيث يدرس جميع أفراد الفرقة بمنحة من سمو الشيخ.
تأسست فرقة “بصيرة” على يد المخرج محمد عبد الله وهنا معتز، مديرة خشبة المسرح ومنتجة العرض. شارك في “ثلاثية الضيف” حسن خالد وبسام درويش، ورماز الجارحي المسؤولة عن تكوين المسرح، ومحمود توفيق مساعد مدير خشبة المسرح، وعبد الرحمن جمال ياقوت، مهندس الإضاءة، ومحمد عواد مهندس الصوت.
تأسست فرقة بصيرة للفنون الأدائية في سبتمبر 2024 بدولة الإمارات، على يد المخرج المصري محمد عبد الله، والمنتجة الفنية ومديرة خشبة المسرح هنا معتز. تجمع الفرقة نخبة من الفنانين الشباب من مختلف أرجاء الوطن العربي، يمثلون دول: تونس، سوريا، السودان، الأردن، فلسطين، الإمارات، واليمن، ما يمنحها طابعًا عربيًا شموليًا يثري تجربتها المسرحية.
بدأت الفرقة مسيرتها بإنتاج العرض المسرحي الأول لها ثلاثية الضيف، وهو مقتبس عن مسرحية “ثورة الموتى” للكاتب الامريكي اروين شون ، وأخرجه مؤسس الفرقة محمد عبد الله.
وقد افتتح العرض فعاليات مهرجان كلباء للمسرح في الإمارات بحضور سمو الشيخ، وحصل على جائزة لجنة التحكيم الخاصة في التمثيل للممثل التونسي أمير السعيدي.
كما شارك العرض في مهرجان خورفكان المسرحي بحضور جماهيري ضخم بلغ أكثر من 20 ألف مشاهد.
مثّلت فرقة بصيرة دولة الإمارات في مهرجان سيغناجي الدولي للمسرح بجورجيابشهر يونيو ، وهو أكبر مهرجان مسرحي في البلاد، حيث نال العرض استحسانًا واسعًا، وكتبت عنه الصحافة الجورجية مقالات عدة تشيد بمستواه الفني.
تم قبول العرض كذلك للمشاركة في مهرجان طنجة الدولي للمسرح في المغرب، ووُضع ضمن القائمة القصيرة لمسابقة مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي في مصر.
