من مستودع متواضع إلى العالمية! القصة الحقيقية وراء تسمية “ماريو” الأسطورية

من مستودع متواضع إلى العالمية! القصة الحقيقية وراء تسمية “ماريو” الأسطورية

هل تعلم أن أحد أشهر شخصيات ألعاب الفيديو في التاريخ سوبر ماريو، لم يولد اسمه الشهير من وحي الخيال مباشرة، بل من موقف حقيقي وغريب يتعلق بتسديد فاتورة إيجار؟ نعم، لسباك مملكة الفطر قصة تسمية متجذرة في الواقع، تحديدًا في مستودع لشركة نينتندو بالولايات المتحدة مطلع الثمانينات.

من “القفاز” إلى الشهرة العالمية

في تلك الحقبة، كانت شركة نينتندو تكافح لتثبيت أقدامها في سوق ألعاب الأركيد الأمريكية، وبعد تعثر إحدى إصداراتها السابقة، علقت آمال الشركة على مشروع جديد كليًا من عبقريها الصغير آنذاك، شيجيرو مياموتو، اللعبة التي أصبحت فيما بعد تُعرف باسم Donkey Kong.

لم يكن للشخصية المحورية في هذه اللعبة، والتي كانت تقفز ببراعة لتفادي البراميل وإنقاذ صديقتها من الغوريلا العملاقة، اسم رسمي ثابت لدى فريق نينتندو أمريكا، المسؤول عن إعداد اللعبة للسوق المحلي، وكانوا يشيرون إليه ببساطة بـ Jumpman (رجل القفز)، في إشارة إلى وظيفته الأساسية في اللعبة.

زيارة مفاجئة وغير متوقعة

يروي قدامى العاملين في مقر نينتندو أمريكا بواشنطن تفاصيل اللحظة الفاصلة التي منحت الشخصية اسمها الشهير، كانت الشركة تعمل تحت وطأة ضغوط هائلة ومواعيد نهائية صارمة لإطلاق Donkey Kong قبل فوات أوان النجاح في قاعات الأركيد الأمريكية، وكان مقر الشركة آنذاك مجرد مستودع كبير مستأجر في منطقة صناعية.

في يوم حاسم، وقبل فترة وجيزة من موعد الإطلاق، حضر مالك العقار شخصيًا إلى المستودع. كان هذا الرجل، واسمه ماريو سيجال – Mario Segale، رجل أعمال أمريكي من أصل إيطالي، وكانت زيارته مفاجئة وبدا عليه الغضب، إذ جاء ليطالب بسداد الإيجار المتأخر المستحق على نينتندو.

اسم البطل… من أزمة إيجار!

في خضم النقاش المحتدم حول الإيجار، والتوتر الذي كان يعيشه الفريق لإنهاء اللعبة في الوقت المحدد، وبدافع من الموقف الطريف الذي جمعهم بمالك العقار ذي الأصول الإيطالية، برز اقتراح غير متوقع:

“لماذا لا نسمي شخصيتنا الرئيسية، Jumpman، على اسم المالك الذي يقف أمامنا الآن؟”

لاقت الفكرة قبولًا سريعًا وحماسيًا من الفريق المتواجد، وربما كانت مزحة عفوية لتخفيف حدة الموقف، أو طريقة لتخليد ذكرى ذلك اليوم، أو ببساطة حلاً سريعًا وعمليًا لاختيار اسم جذاب وسهل التذكر لبطل اللعبة قبل طرحها للجمهور.

من اسم عابر إلى ركيزة تاريخية في تاريخ الألعاب

سرعان ما ترسخ الاسم الجديد، ماريو، داخل أروقة نينتندو، وعلى الرغم من أن المصمم الأصلي شيجيرو مياموتو، لم يكن حاضراً لحظة اختيار الاسم في أمريكا، إلا أنه وافق عليه لاحقاً عندما تم إبلاغه به.

مع إطلاق لعبة Mario Bros في عام 1983، أصبح اسم ماريو رسميًا وملازمًا للشخصية، ولشقيقه لويجي الذي ظهر لأول مرة. من هنا، انطلقت الشخصية في مغامراتها الأسطورية ضمن سلسلة Super Mario Bros التي حققت نجاحاً عالمياً مدوياً، ليصبح اسم ماريو مرادفًا لألعاب نينتندو ورمزاً للجودة في صناعة الألعاب.

Shigeru Miyamoto شيجيرو مياموتو
شيجيرو مياموتو

ماريو سيجال: الرجل الذي ألهم الأسطورة

عاش رجل الأعمال ماريو سيجال حياة هادئة وبعيدة عن الشهرة الصاخبة التي نالها اسم الشخصية التي تحمل اسمه، وكان معروفًا بكونه شخصية تحافظ على خصوصيتها، ولكنه توفي في أكتوبر 2018 عن عمر يناهز 82 عامًا، تاركًا وراءه قصة فريدة تربط بشكل غير متوقع بين عالم تطوير الألعاب الخيالي والعالم الواقعي للأعمال والعقارات.

وهكذا، تعود قصة اسم بطل ألعاب الفيديو الأسطوري ماريو، إلى موقف بسيط وغير تقليدي يتعلق بتسوية فاتورة إيجار في مستودع متواضع، ولتصبح هذه الحكاية جزءًا لا يتجزأ من الفولكلور الغني لتاريخ صناعة ألعاب الفيديو، وتذكيرًا بأن الإلهام يمكن أن ينبثق من أكثر الأماكن والمواقف غرابة وغير المتوقعة.