الاتحاد الأوروبي يخطط لحظر العقود الجديدة للغاز الروسي 

الاتحاد الأوروبي يخطط لحظر العقود الجديدة للغاز الروسي 

تعتزم المفوضية الأوروبية اقتراح حظر على جميع العقود الجديدة الخاصة بالغاز الروسي استناداً إلى قوانين التجارة، في خطوة تهدف إلى تجاوز أي فيتو محتمل من المجر وسلوفاكيا.

ووفقاً لمسودة الاقتراح التي اطلعت عليها صحيفة “فاينانشيال تايمز” والمقرر عرضها اليوم الثلاثاء، سيُمنع على الشركات توقيع أي عقود جديدة لاستيراد الغاز الروسي، على أن يدخل القرار حيّز التنفيذ فوراً.

أما العقود القصيرة الأجل القائمة حالياً، سواء لغاز الأنابيب أو الغاز الطبيعي المسال، فسيتم إنهاؤها بحلول عام 2026، بينما تنتهي العقود المرتبطة باتفاقات طويلة الأجل في الأول من يناير 2028، بحسب ما ورد في الملخص.

وفي محاولة لاسترضاء كل من المجر وسلوفاكيا، وهما دولتان حبيستان تستوردان الغاز الروسي، سيتم منح الدول غير الساحلية إعفاء حتى عام 2027 للتخلص التدريجي من عقودها القائمة، وفقاً لما كشفه ثلاثة مسؤولين مطّلعين على تفاصيل المقترح.

وتأتي هذه المقترحات، التي لا تزال قيد النقاش وقد تخضع للتعديل، بعد أن نشرت المفوضية الشهر الماضي خطة تهدف إلى إنهاء واردات النفط والغاز الروسي إلى الاتحاد الأوروبي بالكامل بحلول عام 2027.

وتُعدّ هذه الخطوة منفصلة عن اقتراح سابق طُرح هذا الشهر لحظر استخدام خطي أنابيب “نورد ستريم” اللذين يربطان ألمانيا بروسيا، ضمن حزمة العقوبات الأوروبية القادمة رداً على الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا.

وبحسب مركز الأبحاث “إمبر”، شكل الغاز الروسي 14% من إجمالي واردات الاتحاد الأوروبي من الوقود الأحفوري في عام 2024، مقارنة بنحو 40% عند بدء الحرب الروسية ضد أوكرانيا في عام 2022.

إلا أن هذه النسبة تمثل زيادة 18% عن عام 2023، ويعود ذلك بشكل أساسي إلى ارتفاع شحنات الغاز الطبيعي المسال الروسي.

وقد أثارت هذه الزيادة تساؤلات حول كيفية تطبيق المفوضية للقرار، خاصة في ظل إعلان المجر وسلوفاكيا عزمهما استخدام حق النقض (الفيتو) ضد أي مسعى لإضافة واردات الغاز الروسي إلى قائمة العقوبات الأوروبية، والتي تتطلب إجماع الدول الأعضاء كافة.

لكن الملخص يشير إلى أن المفوضية ستستخدم قوانين التجارة بدلاً من العقوبات، ما يسمح بإقرار المقترح بأغلبية الأصوات دون الحاجة إلى إجماع كامل.

كما ستستند المفوضية إلى مواد في معاهدة تأسيس الاتحاد الأوروبي تنص على أن سياسة الطاقة الأوروبية يجب أن تضمن أمن الإمدادات.

وقال دان يورجنسن، مفوض شؤون الطاقة في الاتحاد الأوروبي، يوم الإثنين، إن المفوضية تسعى إلى “تنفيذ هذه الخطة بطريقة لا تؤثر على أمن الإمداد لدى أي دولة عضو، مع المحافظة على الأسعار في أدنى مستوى ممكن”.

لكن دبلوماسياً في الاتحاد الأوروبي أشار إلى أن الدول المستوردة لا تزال قلقة من المخاطر القانونية، واحتمال أن تضطر الشركات إلى دفع تعويضات لروسيا مقابل إلغاء العقود.

وسيتعين على الشركات تقديم معلومات مفصّلة إلى سلطات الجمارك بشأن عقود الغاز لإثبات أن وارداتها لا تأتي من روسيا.

وفي المقابل، هدّد وزير الخارجية المجري  بيتر سيارتو يوم الإثنين بقطع صادرات الكهرباء إلى أوكرانيا إذا مضت بروكسل قدماً في خطة التخلص الكامل من الوقود الأحفوري الروسي.

وتُشكّل المجر مصدر نحو 40% من واردات الكهرباء الأوكرانية من الاتحاد الأوروبي.

وقال سيارتو إن خطة الاتحاد الأوروبي “تنتهك تماماً سيادة الدول الأعضاء في تحديد سياساتها الخاصة بالطاقة”، مضيفاً أن “شحنات روسيا لطالما وصلت إلى المجر في الوقت المتفق عليه، وبالسعر المتفق عليه، وبموثوقية دائمة”.

ومن جهته، قال فلاديمير شيمونياك، نائب وزير الاقتصاد في سلوفاكيا، إن حكومته “غير راضية حقاً” عن الخطة الأوروبية، حتى مع منح بلاده فترة إعفاء حتى عام 2027.

وأضاف في تصريحات لـ”فاينانشال تايمز”: “عقدنا مع شركة ‘غازبروم’ يمتد لفترة أطول، وليس هناك وضوح كافٍ بشأن من سيتحمل رسوم الغرامات”. كما أعرب عن قلقه من غياب أي توضيح حول كيفية حصول سلوفاكيا على الغاز اللازم لاقتصادها بعد عام 2028.

ورغم أن الحكومة السلوفاكية يقودها رئيس الوزراء المقرّب من موسكو روبرت فيكو، إلا أنها دعمت حتى الآن نظام العقوبات الأوروبي ضد روسيا.

غير أن فيكو ألمح مؤخراً إلى نيته معارضة أي قيود جديدة، خاصة في قطاع الطاقة. وقال شيمونياك: “الأمر لا يتعلّق بموقفنا من روسيا، بل بمصالحنا الحيوية”.

وبموجب مقترحات منفصلة، سيكون على الدول الأعضاء أيضاً تقديم خطط توضّح كيفية تنويع مصادر إمدادات الغاز لديها إذا كانت لا تزال تعتمد على الغاز الروسي.

وتشير بيانات “إمبر” إلى أن أكبر مستورد للغاز الروسي في عام 2024 كانت إيطاليا، تلتها المجر، ثم فرنسا وإسبانيا.

وتدّعي دول ذات موانئ ضخمة مثل فرنسا وإسبانيا أن جزءاً كبيراً من الغاز الذي تستورده يتم تصديره لاحقاً إلى دول أوروبية أخرى.

وفي هذا السياق، أعرب وزير الصناعة الفرنسي مارك فيراتشي عن دعم بلاده لجهود تنويع الإمدادات. بينما اقترحت مدريد أن يتكفل الاتحاد الأوروبي بتغطية أي تعويضات تُدفع لروسيا في حال خسارة دعاوى تحكيمية.