زيارة جديدة إلى أحمد خالد توفيق

زيارة جديدة إلى أحمد خالد توفيق

محمد فتحي

– كواليس دعوة مَن “جعل الشباب يقرؤون” للقاء السيسي
– كيف رد الجميل لنبيل فاروق بعد 16 عامًا من قبوله في دار النشر؟

– لماذا اعتبر نفسه (نحسًا)، وكيف تنبأ بالاهتمام بأعماله بعد موته؟

– لهذا السبب توقف عن كتابة الشعر، ولا أحد يعرف أنه كان (رسامًا) في بداياته.


(1)

حين بدأ الطفل أحمد خالد توفيق الكتابة، كان متأثرًا بالمكتبة الضخمة التي ورثها عن والده، والتي تحتل جزءًا كبيرًا من بيتهم في طنطا، وعلى الرغم من صوت خبط (قشاط) الطاولة أو الدومينو في قهوة (لمنوس) تحت منزله، إلا أن المتعة الحقيقية لهذا الطفل كانت في القراءة وليست في اللعب، ثم في كتابة الأشعار، والتي كانت أغلبها حزينة أو وليدة قصص حب مراهقة غير مكتملة كما سيبدو لكل من يقرأها، لكنه كذلك جرب أن يرسم، وحلم بأن تخرج إبداعاته من (الدرج) إلى براح الكون، ويقرأه العديد من الناس. هكذا حاول في بداياته حين راسل مجلة (تان تان) الشهيرة في ترجمتها العربية التي كانت تصدر في السبعينيات، وبخلاف قصائده، ومحاولات رسومه التي لم تنشر لأنها ليست على المستوى، وضحت (عبقرية) الطفل القارئ من كشفه لزيف بعض المقالات المنشورة، وإرساله رسالة غاضبة لبريد القراء في المجلة، يفضح فيها أحد القراء الذي نشر مقالًا مسروقًا بالنص من مجلة كانت تصدر قبل الحرب!! وكان عمر أحمد خالد توفيق في هذه الواقعة 15 عامًا، وختم خطابه الذي نشر جزء كبير منها بقصيدة عنوانها: “قصة حب”، مع عنوانه كطفل من هواة المراسلة!!، وفي كلية الطب جامعة طنطا كان أحمد خالد توفيق متميزًا بقصائده، وكتاباته في مجلات الحائط، وانضمامه لفريق التمثيل، لكنه بعد تخرجه وعمله في (طب المناطق الحارة)، لم ينس شغفه الحقيقي بنشر ما يكتب، وبعد عدد من الخيبات المتتالية، نشر قصته الأولى كمحترف في عدد أول من سلسلته التي ستصبح الأكثر شهرة فيما بعد. ما وراء الطبيعة.

يبدو التمهيد السابق معروفًا، بل ومحفوظًا، عند محبي أديب الشباب الشهير أحمد خالد توفيق، والذي تحقق حلمه بعد وفاته بلافتة على قبره تصفه بكونه “جعل الشباب يقرؤون”. لكن في هذه السطور، يمكننا القيام بزيارة جديدة غير مألوفة لأحمد خالد توفيق كما عرفته واقتربت منه منذ كنت طفلًا، وحتى توفاه الله قبل سبع سنوات عجاف على قلب كل من عرفه عن قرب.

(2)

هناك قصة شهيرة رواها أحمد خالد توفيق بنفسه عن بداياته الاحترافية ككاتب في سلسلة (روايات مصرية للجيب) الشهيرة، وهي أن عمله الأول تم رفضه في هذه السلسلة، ثم قرأه صديقه فيما بعد، وبلدياته، ونجم كليته فيما قبل، نبيل فاروق، والذي كان ملئ السمع والأبصار في تلك الفترة كأبرز كتاب الشباب، وكان بمثابة الابن للناشر الشهير حمدي مصطفى، فأشاد نبيل فاروق بالعمل، وأنقذه من الرفض، لتبدأ (أسطورة أحمد خالد توفيق) كما يطلق عليها قراؤه.

سبب المنع لم يكمن في ركاكة الأسلوب، ولا في أي اعتراضات على (نوعية) كتابة أحمد خالد توفيق، وهي أدب الرعب والماورائيات، والتي لم تكن معروفة ومعتادة وقتها، وإنما – فقط – لأن عدد صفحاتها أقل من اللازم لطباعتها ككتاب، مع الشك في قدرته على كتابتها كسلسلة، ولم يكن أحمد خالد توفيق قد تقدم للنشر في مسابقة مثل نبيل فاروق وشريف شوقي مثلًا، ولكنه تشجع حين شعر أن ما يكتبه يستحق أن يرى النور الآن في هذا المكان تحديدًا، بعدما توقف عن كتابة الشعر بسبب أمل دنقل! وهكذا أعلنها أكثر من مرة: “توقفت عن كتابة الشعر لأنني وجدت أمل دنقل يكتبني”.

نبيل فاروق إذن كان جواز مرور أحمد خالد توفيق الذي صار منافسًا له في قلوب الشباب، وكان هذا يعجب نبيل فاروق نفسه، لكن جرت مياه في النهر بعد خلاف نبيل فاروق مع ناشره حمدي مصطفى، ليتحول الأمر إلى خلاف علني في الإعلام وساحات المحاكم، أخذ أحمد خالد توفيق فيه صف حمدي مصطفى، لكنه مع ذلك رفض الهجوم على نبيل فاروق، إلا أن الجفاء صار واضحًا بينهما، وكنت قريبًا من كليهما في تلك الفترة كصديق يعرفانه جيدًا، أو بمثابة ابن لهما (كما وصفني كل منهما)، و كصحفي في مقتبل العمر آنذاك (عام 2002)، وكنت شاهدًا على الجفوة التي حدثت، وهي فترة حدثت فيها (طفرة) حقيقية في أعمال أحمد خالد توفيق وسلاسله والعناية بها داخل المؤسسة لأنها الوحيدة التي كانت متاحة بعدما منع نبيل فاروق نشر أعماله قبل حل الخلاف، والذي أسفر في النهاية عن صلح كبير عاد به نبيل فاروق للمؤسسة، لكنه لم يقابل أحمد خالد توفيق لسنوات قطعتها بتنظيمي ندوة جمعتهما في معرض القاهرة الدولي للكتاب، ليتقابلا للمرة الأولى بعد القطيعة، ولم يرفض أيهما أو يعتذر أو يتحجج، بل لعل كل منهما كان أحرص على الحضور لإنهاء الخلاف الذي انتهى بمجرد أن تقابلا وتعانقا وكأن شيئًا لم يحدث، بل إنهما في كلامهما لي أوضحا أنهما لم يتعاتبا أبدًا في هذا الأمر. وقتها أراد أحمد خالد توفيق أن يخرج من عباءة (كاتب قصص الجيب)، وبدأ الأمر بترجمته لقصة (نادي القتال) للكاتب الأمريكي (تشاك بولانيك)، والتي نشرها من دار ميريت في 2005، وكان أحمد خالد توفيق حريصًا على النزول للقاهرة كل فترة وحضور الندوة الأسبوعية للكاتب (علاء الأسواني) في وسط البلد كلما تيسر ذلك، ووقتها صار أقرب للوسط الثقافي بصورته المتعارف عليها، ففي زياراته لميريت، وبلقاءاته مع (مجتمع وسط البلد) لو جاز الوصف، صار أقرب لبعض الأسماء التي عرفته وقررت إعادة قراءته، لاسيما بعد نشره لروايته الأولى (يوتوبيا) في العام 2008، وكانت الرواية حدثًا عند البعض، وصدمة عند البعض الآخر من قرائه الذين تربوا على كونه (عمو أحمد) كما وصف نفسه، ل يفاجؤوا به وقد ابتعد عن كثير من تحفظاته التي اعتادوا عليها منه في كتابات قصص الجيب، وحظيت الرواية بقراءات نقدية معتبرة، لكن مفاجأة غير منتظرة قابلها أحمد خالد توفيق في اتصال تليفوني جاءه من أستاذة جامعية شهيرة تعلمه فيها بأن روايته مرشحة لجائزة الدولة التشجيعية في أدب الخيال العلمي، وهو الفرع الذي أرهقهم (على حد وصفها) لعدم وجود أعمال جديدة على حد وصفها، وهنا تدخل أحمد خالد توفيق مصححًا، ومؤكدًا، أن روايته (يوتوبيا) لا تنتمي لأدب الخيال العلمي، وأن الأكثر ملاءمة للفوز بهذه الجائزة هو نبيل فاروق، فهو الوحيد الذي يكتب في أدب الخيال العلمي بانتظام حتى يومنا هذا، وأعطاها رقمه، لتتواصل معه، ويفوز نبيل فاروق بالفعل بجائزة الدولة التشجيعية عن روايته (س – 18) والتي لم تكن قد صدرت بالفعل !!، لكن ما لم يعلمه نبيل فاروق أن أحمد خالد توفيق هو من رشحه لهذه الجائزة في ظل عدم معرفة نقدية بكتاباته في أدب الخيال العلمي. ليبدو جليًا وكأن توفيق يرد جميل نبيل فاروق الذي أدخله لعالم النشر من أوسع الأبواب.

(3)

لم يعرف أحمد خالد توفيق بانتماءات سياسية. لم ينضم لأحزاب، ولم يدعم كيانات أو تيارات بعينها، وعلى الرغم من سعي البعض لاختطاف اسمه بعد وفاته الصادمة، وجنازته المدهشة التي سار فيها الآلاف، إلا أن هذا الرجل الذي عرفته منذ العام 1992 وحتى وفاته في 2018، وصادقته، و زاملته في كتابة مقالات الرأي في أكثر من جريدة، كان واضحًا بعدم رغبته في الانتماء لأحزاب أو كيانات، لكنه كان أقرب لليسار منه إلى اليمين في آرائه وكتاباته المليئة بالمعارضة الهادئة لو جاز الوصف، بل إن ذلك يبدو جليًا حين كتب مقالات صحفية في السياسة والشأن العام لأول مرة في جريدة التجمع لسان حال الحزب اليساري الشهير. ثم تبع ذلك بمقالات في صحف مثل الدستور والتحرير والوطن، وهي المقالات التي جمعها في أكثر من كتاب، لكنها – مثل أعماله الأدبية – لم تأخذ حظها من الاهتمام اللازم على مستوى رد الفعل، أو حتى على مستوى الرصد الواجب لمسيرة هذا الرجل، لكن، وكواحد ممن كانت مقالاتهم هي الأكثر قراءة في كل مكان كتب فيه، وبرصيده الكبير لدى أجيال تربت على قراءة أعماله، كان أحمد خالد توفيق اسمًا مهمًا تسعى إليه السلطة الذكية، لا سيما في بداية عصر جديد.

كان ذلك في ديسمبر 2014. وبإيعاز من الرجل نفسه، كانت الدائرة القريبة المحيطة بالرئيس السيسي حريصة على أن يلتقي بتيارات مختلفة في بداية فترة حكمه، وكان الرجل منفتحًا ويستمع ويفحص ويدرس ويكون آراء، بل ويتخذ أحيانًا قرارات. في تلك الفترة وصلني اتصال تليفوني من مكتب السيد رئيس الجمهورية، وكانت سمة الفترة الاستماع إلى اقتراحات عدد من أصحاب الرؤى المختلفة كما وصفوهم. سألني المتصل: لو الرئيس سيقابل عدد من الكتاب والأدباء ماذا تقترح؟ قلت للرجل – وهو حي يرزق بالمناسبة – إن اقتراحي أن يكون هناك تمثيل حقيقي للأجيال وللاتجاهات الفكرية المختلفة ولبعض من لم يعرف عنهم حضور مثل تلك اللقاءات. صرح لي المتصل ببعض الأسماء بصيغة: “ما رأيك في …. “.

أبديت احترامًا واعتراضًا. الاحترام كان لكل الأسماء، والاعتراض على تكرارهم في كل وقت وفي كل عصر وفي كل اجتماع وكأنهم هم المثقفون والكتاب، وكأن معهم صكوك الثقافة المصرية. سألني عن أسماء فاقترحت – بجوار ما ذكر – بعض الأسماء التي أذكر منها مع حفظ الألقاب: بهاء طاهر ومحمد المخزنجي والمنسي قنديل وعلاء الأسواني وأحمد خالد توفيق وعمر طاهر ونبيل فاروق وسحر الموجي وميرال الطحاوي وإبراهيم عبد المجيد وطارق إمام ومحمد صلاح العزب ومحمد الفخراني ونائل الطوخي وأحمد مراد، وأنهى صاحب المكالمة الاتصال بعد أن أمليته أرقام هواتف هذه الأسماء مؤكدًا: “طيب هندرس ونشوف”، ثم فوجئت باتصاله في اليوم التالي يسألني: “لماذا يعتذر أغلب أصدقائك”. لم يكن الجميع أصدقائي كما وصفهم، وإن كنت أتشرف، لكنه لم يبح لي بأسماء المعتذرين، وأكد فقط أنه يريد مني التواصل مع أحمد خالد توفيق لأنه لا يرد على هاتفه على الإطلاق. أبديت استعدادًا للأمر لمعرفتي التامة بأن توفيق يكره الهاتف ولا يستخدمه إلا مضطرًا، ورد الرجل ربما في المحاولة الثانية أو الثالثة بعد مرور ساعات من المحاولة الأولى للاتصال. جاءني صوته بنبرته الودودة: “إزيك يا حمودة” !، وبعد السلامات والتحيات أخبرته بأن هناك من يتواصل معه لأجل لقاء مع الرئيس. أبدى اندهاشه في البداية، ثم قال لي: صعب! ظننت أن في الأمر انشغال ما، ثم فطنت إلى أن الموعد لم يحدد أصلًا وأنني – فعليًا – لا أعرفه.

سألته عن السبب فقال: “يشكروا طبعًا كتر خيرهم.. بس أنا بقول اللي انا عايزه في المقالات.. مش محتاج اروح أقوله تاني.. يقروا”.

سألته: تحب اقولهم كده؟ صمت قليلًا ثم قال: سيساء تفسير كلامي.

سألته مخلصًا: تحب أعمل إيه؟ فرد ضاحكًا: هو انت عرفت توصلي؟

فهمت مغزاه على الفور فسألته: مين معايا ؟ النمرة غلط يا عماد.

ضحكنا، وتسامرنا في الأحوال والعيال، ولم أعد لمحدثي، لكنه سأل مرة أخرى فأخبرته أن الهاتف لا يرد، وساعدني هو حين قال: بيقولوا عليه ما بيردش على التليفون. لم أجب، وتمنيت لقاء مثمرًا.

فيما بعد عرفت أن عددًا ممن رشحتهم اعتذروا بالفعل، وأبلغوا اعتذارهم للرئاسة، ومنهم علاء الأسواني، وعمر طاهر، وكاتبنا الكبير محمد المخزنجي الذي كتب عن اعتذاره في مقال لاحق بعد عامين، وبعد أن حضر لقاء مختلفًا مع الرئيس : ” في المرة الماضية تلقيت دعوة للقاء مع الرئيس السيسي بعدد من المثقفين، واعتذرت مع كامل احترامي لمقام الرئاسة، فقد عرفت حينها أسماء المدعوين وعددهم، ونتيجة تجربة سابقة، رسخت عندي قناعة أن دعوات موسعة لعدد كبير من الناس لتبادل الآراء يرجح فيها احتمال إهدار كثير من الطاقة والوقت، دون الحصول على نتائج مجزية من مثل ذلك اللقاء، وبخاصة عندما يكون المدعوون ممن يحملون لقب “المثقفين”، وقد حضرت من قبل لقاءات جعلتني “أفر” من أخذى بسيف الحياء، وسفح طاقة صبري المحدود على مثل هذه “المَكْلَمات”. وبصراحة، لم يكن المسؤول عن هذا الانطباع السلبي لدى هو الرئيس، بل “المثقفون”.

عمومًا، لم يكن أحمد خالد توفيق يرى في نفسه قائد رأي رغم كل ما يكتبه، ولا كاتب مقالات عتيد رغم عمق ما ذهب إليه في مقالاته، لكنه بالتأكيد آمن بفكرة (بُعد) الكاتب عن السلطة، واعتبار أن ما يكتبه كافيًا لمعرفة آرائه في مختلف القضايا.

(4)

على أن الجرح الكبير في روح أحمد خالد توفيق الذي أعرفه كان جرحًا متعلقًا بالسينما. عشقه الذي لا ينتهي. كان أحمد خالد توفيق يحلم بالكتابة للسينما، وهو مشاهد شره لكل ما تتصوره وما لا تتصور أنه شاهده، وناقد كبير جمع بعض ملاحظاته في كتابيه (أفلام الحافظة الزرقاء)، إلا أن حلمة الحقيقي كان أن يقتحم السينما ككاتب سيناريو، لا سيما وأن تلاميذه بدؤوا في التميز وتقديم أعمال سينمائية مميزة. المخرج عمرو سلامة مثلًا في تجربته السينمائية الأولى (زي النهاردة) استأذنه في أن يتضمن الفيلم شخصيته الشهيرة (رفعت إسماعيل) بطل روايات ما وراء الطبيعة. ووافق بالفعل لتبدأ صداقة كبيرة بينهما، ومحاولات لتحويل قصصه وكتاباته لأعمال درامية، وكان المنتج (محمد حفظي) شاهدًا على العديد من هذه (السيناريوهات) التي كتبها بالفعل أحمد خالد توفيق، وهي سيناريوهات مجهولة لم تنشر ولا يعرف أحد عنها شيء سوى أطرافها الذين لا يزالوا يحتفظوا بها حتى الآن ولم تصل لمرحلة الإنتاج أبدًا، وهو ما أصاب كاتب الشباب الأشهر بإحباط شديد، وأذكر أننا في أحاديثنا عنه، وأثناء تحضيري لفيلم وثائقي عنه بعنوان: “يوم رحل العرّاب”. أطلعني الصديق والكاتب أحمد مراد على إيميل شخصي بعث به إليه ليشكو من تعثر أعماله السينمائية، وكتب أحمد خالد توفيق نصًا إلى أحمد مراد : ” الحقيقة أنا مندهش من اللعنة الإعريقية التي تجعل تقديمي لعمل درامي أو مسلسل مستحيلًا. وكل مرة : أصل الحاجات دي بتاخد وقت. أنا أكتر واحد عارف ان المواضيه دي بتاخد وقت. باعمل مشاريع من 15 سنة . الحقيقة أنا مندهش كيف يتم تقديم أي شيء للسينما أصلًأ ما دام الأمر بهذه الصعوبة”

ويكمل أحمد خالد توفيق “فضفضته” كما وصفها لأحمد مراد : ” تخيل واحدًا يعشق السينما منذ كان عنده 7 سنوات، وقرأ في السينما أفضل من نقاد كثيرين. مجرد ذرات التيار المتطايرة في شعاع النور تجعل قلبي يتواثب طربًا .. وبرغم هذا العمر الذي يقترب من نهايته (لاحظ حالة قلبي المتدهورة) دون تجربة واحدة”

ويستطرد أحمد خالد توفيق : “المشكلة أنه لم يعد في العمر وقت كاف للطلعات الأولى.. أنا أشعر أنني سأموت قبل أن أرى فكرة لي على الشاشة”

ويختم أحمد خالد توفيق رسالته المحبطة : ” بعد الموت بإذن الله سيقدمون كل شيء، ولسوف يجدون فيما كتبته ما يكفي 500 فيلم. تولكين الله يرحمه هو البشري الوحيد اللي ماشافش سيد الخواتم”!!

ويلوم أديب الشباب نفسه قائلًا: “هل تعرف السبب ؟ ما العيب في ؟ ما سر لعنة أحمد خالد الغريبة هذه؟ كنت لا اؤمن بالنحس بتاتًا وأعتبره خرافات، لكن لا يوجد تفسير علمي لهذا الذي يحدث. نحس .. أو عيب في كتاباتي أنا مش شايفه”

والعجيب، أن نبوءة أحمد خالد توفيق تلك قد تحققت بالفعل، فبعد رحيله ظهر مسلسل ما وراء الطبيعة، ثم مسلسل زودياك، ثم مسلسل الغرفة 207، ورغم ذلك، رغم كل ذلك، لم تقدم السينما إنتاجًا يحتوي أعمال أحمد خالد توفيق الذي أدّب المغامرة على حد وصفه، وجعل الشباب يقرؤون كما كتبوا على شاهد قبره. 

نرشح لك: عمرو منير دهب يكتب: شاعر عظيم وكفى