نبيل المقدم: الحرب على أيران.. والنظام العالمي الجديد

نبيل المقدم: الحرب على أيران.. والنظام العالمي الجديد

نبيل المقدم: الحرب على أيران.. والنظام العالمي الجديد

نبيل المقدم
عملت اسرائيل منذ نشأتها،على إحاطة نفسها، بقوة عسكرية تسطتيع من خلالها، تأمين تفوق استراتيجي يحفظ لها هيبتها الرادعة في المنطقة. ومنذ توليه رئاسة الوزراء في اسرائيل للمرة الاولى عام 1996، وحتى الحكومة الحكومة الاخيرة التي شكلها عام 2022 فأن شعار نتنياهوا بقي هو نفسه ولم يتغير:” أن ايران هي الخطر الفعلي على اسرائيل  ويجب تدمير برنامجها النووي.”
واليوم في عدوانها الاخير على ايران. سقطت هذه الهيبة ، حيث ظهر منذ اليوم الاول للهجوم الاسرائيلي، والرد الايراني الذي اعقبه. أن أمال اسرائيل بتحقيق النصر في الميدان دونها عقبات عديدة، ومع تصاعد حدة المواجهات. أدركت اسرائيل أن اهدافها التي كانت  تأمل في تحقيقها من هذه الحرب ، وهي ضرب القدرات النووية الايرانية، واسقاط النظام تبخرت. وأن أيران كانت في جهوزية تامة ، وقد استعدت للحرب استعداداً عالياً و استطاعت منذ اليوم الاول أن ترسم المشهد،بما يلائهما من لاستراتيجيات والتكتيكات المناسبة، والتي جعلت العدو يقف أمام الحائط المسدود، يتفرج على دفاعاته الجوية التي يفاخر بها عاجزة عن التصدي لموجات الصواريخ الايرانية، وهي تتساقط في كل انحاء فلسطين المحتلة مستهدفة مواقع استراتيجية ، تشكل عصباً حساساً في أمن اسرائيل، واقتصادها، ملحقة بها دماراً هائلاً.
كل ذلك جعل الولايات المتحدة تدرك إن اسرائيل غير قادرة على حسم المعركة وحدها، وأن استمرارها بمفردها، لن يجلب لها إلا المزيد من الخسائر، فكان أن قررت الدخول في المعركة، فأرسلت سرباً من طائرتها الفائقة التطور لضرب المفاعلات النووية  الايرانية، واضعة المنطقة، ومعها العالم كله أمام مصير مجهول.
لم تسطتع الغارات الاميركية تحقيق اهدافها، وهذا ما ثبت من تصريح الرئيس الاميركي ترامب، والذي ادعى اولاً إن تمَ تدمير البرنامج النووي الايراني بالكامل، إلا انه في الوقت نفسه دعا أيران إلى العودة إلى طاولة المفاوضات بدون أي قيد أو شرط. ماطرح السؤال التالي: لماذا الدعوة إلى المفاوضات مجدداً، مادامت المنشأت المطلوب تدميرها، قد دُمرت.
لم تتاخر ايران في استيعاب الضربة،وأعلنت سريعاَ أنها سترد. وهي نفذت تهديدها بضرب القواعد العسكرية الاميركية في قطر.وبالرغم من محدودية الضربة، فأن الولايات المتحدة استوعبت الموقف جيداً، وأدركت أن تطور المواجهات سيؤدي حكماً إلى حرب اقليمية شاملة، الامر الذي يهدد مصالح اميركا في العالم، خصوصاً أنه مازال في جعبة ايران اسلحة لم تستعملها بعد، وهي تحمل المزيد من الفعالية القتالية، والتي لن تجلب لكيان العدو الا المزيد من الارهاق، وصولاً إلى انهياره في مرحلة لاحقة. كما أنه هناك مخاوف من قيام أيران باغلاق مضيق هرمز،  والذ يعبر منه خمسي نفط العالم في طريقه إلى اسيا، اوروبا والولايات المتحدة،ما يؤثر على الاقتصاد العالمي عموماً،
والاميركي خصوصاً.
ومن هنا جاءت مسارعة الرئيس الاميركي للاعلان عن اتفاق لوقف اطلاق النار، الذي تم التوصل إليه بين طرفي القتال، بمساع اميركية – قطرية.وهذا يعني تراجعاً في الموقف الاميركي، والذي يعكس رغبة الادارة الاميركية في عدم توسيع الحرب، والتي تشكل أن استمرت ضرراً بالغاً في المصالح الاميركية في أكثر من منطقة في العالم.والسؤال الذي يطرح نفسه بعد الاعلان عن وقف لإطلاق النار.ماذ لو لم تصمد ايران وسقط النظام،كما سقط في سوريا. ماذا كانت النتيجة؟. الجواب هو أنها كانت ستدخل في حروب داخلية مستمرة دون سقف زمني لنهايتها.أما على المستوى الاقليمي والدولي، فأن المشهد الجديد،كان سيؤدي إلى اعادة رسم خريطة العالم الخارجي بأسره بما يتلاءم مع المصالح الاميركية الاسرائيلية. التحرك المنفرد للولايات المتحدة في إدارة شؤون العالم ،خصوصاً منطقة الشرق الاوسط. رفض الاتفاقيات الدولية، وأي تعاون دولي يعيق السياسة الاميركية،والمصالح الاسرائيلية. استخدام اساليب  الحروب، كاداة سياسية لمواجهة التهديدات التي تقف بوجه الولايات المتحدة. إزالة اهم عامل كبح عامل لللإسراتجية الاميركية، والتي هي ايران بعد العراق وسوريا، والعمل دون ظهورها كقوة اقليمية مرة اخرى مناهضة للمشروع الاسرائيلي.
كاتب وصحافي من لبنان

ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع
للدعم: