
وافق قادة حلف شمال الأطلسي “الناتو” على زيادة الإنفاق الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، وجدّدوا التزامهم بالدفاع المشترك، وذلك في خطوة تاريخية تُتخذ وسط تزايد المخاوف العدائية من قبل روسيا.
القرار الذي اتخذته الدول الأعضاء البالغ عددها 32 دولة خلال قمتها عالية المخاطر في لاهاي يشكّل انتصاراً كبيراً للرئيس دونالد ترمب، الذي طالما انتقد حلفاءه الأوروبيين على عدم إنفاقهم ما يكفي على الأمن. ووصف الرئيس الأميركي، الذي تردد في التزامه خلال الفترة التي سبقت الاجتماع، الأربعاء، القمة بأنها تجمع “هائل”، وتعهد بدعم المادة الخامسة التي تلزم الأعضاء بالدفاع عن بعضهم البعض من الهجوم.
وقال ترمب للصحفيين بعد جلسة عمل استمرت ساعتين ونصف مع قادة حلف شمال الأطلسي: “أؤكد دعمها. لهذا السبب أنا هنا”.
أشار الإعلان -الذي أُقر على مدار يومين في القمة التي عُقدت بهولندا يوم الأربعاء- إلى أن الحلفاء “يعيدون تأكيد التزامهم الصلب بالدفاع الجماعي” و”البقاء متحدين وثابتين في عزمهم على حماية مليار مواطن، والدفاع عن الحلف، وضمان الحرية والديمقراطية”.
هيمنت على القمة محاولات ضمان بقاء ترمب ملتزماً بالتحالف عبر الأطلسي، وسط مخاوف متزايدة من سعي واشنطن إلى سحب أسلحتها وقواتها من أوروبا. كما سعى حلفاء أوكرانيا إلى تقديم رد فعال على الحرب الروسية، التي دخلت عامها الرابع.
وقال الأمين العام مارك روته في مؤتمر صحفي بعد الاجتماع: “لقد وضع الحلفاء معاً الأساس لحلف شمال الأطلسي الأقوى والأكثر عدالة والأكثر فتكاً”.
أعلن البيان أن الهدف الجديد (البالغ 5%)، والذي يرتفع على الهدف الحالي البالغ 2%، يأتي رداً على”تهديدات وتحديات أمنية عميقة، لا سيما التهديد طويل الأمد الذي تشكله روسيا على الأمن الأوروبي الأطلسي، وكذلك خطر الإرهاب المستمر”.
واقترح الأمين العام للحلف مارك روته أن الكرملين ربما بات جاهزاً للنظر في مهاجمة الحلف في غضون خمس سنوات.
أكد الإعلان على دعم الحلف لأوكرانيا، لكنه خلا من العبارة التي وردت بالبيان السابق للعام الماضي والتي تفيد بأن مستقبل البلاد سيكون ضمن الحلف، مما يعكس تردد إدارة ترمب المتزايد حيال تقديم مزيد من الدعم العسكري لكييف. ومن المقرر أن يلتقي الرئيس الأميركي بنظيره فولوديمير زيلينسكي يوم الأربعاء على هامش القمة، بينما تسعى كييف لشراء المزيد من الأسلحة الأميركية.
جاء تحديد الهدف الجديد، الذي ينقسم إلى 3.5% مخصصة للإنفاق الدفاعي الأساسي، و1.5% للاستثمار في البنية التحتية والأمن السيبراني، بعد أشهر من جهود مارك روته، مما سيفتح الباب أمام ضخ تريليونات الدولارات على الإنفاق الدفاعي حتى عام 2035.
لا يزال من غير المحسوم ما إذا كان تحقيق الهدف سيحدث فعلاً، إذ تواجه عدة بلدان أوروبية حالياً تحديات على صعيد الديون العامة، كما شككت بعض الدول، وعلى رأسها إسبانيا، حيال ضرورة تخصيص هذا القدر الكبير من الأموال لشراء الأسلحة وتنفيذ قائمة طويلة من متطلبات الحلف.
واتفق الحلفاء على مراجعة “المسار وتوازن الإنفاق” بحلول عام 2029، كما سيحتسب الدعم المباشر لأوكرانيا ضمن الإنفاق الدفاعي وفق نص الإعلان.
وخلال جلسة مغلقة، قال المستشار الألماني فريدريش ميرتس للقادة إن القمة كانت تتعلق قبل كل شيء “بترجمة الأقوال إلى أفعال”. وأضاف، وفق ما نقل مسؤول حكومي، أن الرسالة التي أراد الحلفاء إيصالها للرئيس الروسي فلاديمير بوتين كانت واضحة: “لا تفتعل مواجهة مع الناتو”.