د. معن علي المقابلة: نتنياهو بين مطرقة إيران وسندان الداخل: بداية تفكك المشروع الصهيوني

د. معن علي المقابلة: نتنياهو بين مطرقة إيران وسندان الداخل: بداية تفكك المشروع الصهيوني

د. معن علي المقابلة: نتنياهو بين مطرقة إيران وسندان الداخل: بداية تفكك المشروع الصهيوني

د. معن علي المقابلة
في تصريح لافت يعكس هشاشة الموقف الإسرائيلي، أعلن الكيان الصهيوني استعداده لوقف إطلاق النار “إذا وافقت إيران”. هذا ليس مجرد عرض دبلوماسي، بل هو إقرار ضمني بأن آلة الحرب التي طالما تباهى بها نتنياهو، لم تعد قادرة على الحسم، لا عسكريًا ولا سياسيًا. بل لعلها في هذه المرحلة تتوسل مخرجًا يحفظ ماء الوجه.
ولا نقول ذلك من باب الرغائبية أو الأمنيات، بل من خلال مؤشرات ميدانية صارخة. فالحرب التي خاضها نتنياهو ضد إيران ـ والتي وُصفت بأنها “الحرب الكبرى” لمنع طهران من امتلاك القنبلة النووية ـ انتهت إلى لا شيء. فشلٌ ذريع في تدمير البنية النووية الإيرانية، بل ما هو أخطر، أن العالم بأسره اكتشف أن إيران تمتلك قدرات استراتيجية غير معلنة، أبرزها القوة الصاروخية الدقيقة التي فاجأت الجميع، بمن فيهم واشنطن، إضافة إلى تماسك شعبي صلب، خيّب رهانات نتنياهو على انتفاضة داخلية تطيح بالنظام.
وإن كانت الحرب قد كشفت عن ثغرات أمنية واختراقات استخبارية داخل إيران، فإن المؤكد أن طهران ستعالج تلك الثغرات بجدية، وهو ما سيجعلها في موقع أقوى بعد الحرب، لا أضعف. لقد أثبتت أنها خاضت معركة بحجم إقليمي، صمدت فيها، واستعدت لها مسبقًا، ونجحت في قلب قواعد الاشتباك.
أما على الجانب العربي، فإن هذا الصمود الإيراني في وجه الكيان، ومن خلفه واشنطن، سيترك أثرًا بالغًا في الوعي السياسي. إذ من المؤلم أن تُركت مهمة التصدي لإيران بيد كيان هشّ، وجهاز أمني مترنّح، فشل في حماية نفسه، وانتهى به الأمر إلى الاستنجاد بواشنطن لانتشاله من ورطةٍ صنعها بيديه.
الأخطر من كل ذلك، أن فلسطين ـ التي ظنّها البعض “أرض الميعاد” ـ باتت اليوم المكان الأخطر على اليهود الصهاينة. ليست الخطورة فقط في الصواريخ أو في تنامي قدرات محور المقاومة، بل في تآكل الشعور بالأمان، وذوبان الثقة بمشروع قُدِّم للعالم على أنه “الملاذ الآمن” لشعبٍ مضطهد. فإذا بهذا الملاذ يتحول إلى فخٍ وجودي.
إن ما نشهده ليس مجرد أزمة أمنية أو جولة صراع عابرة، بل بدايات تفكك المشروع الصهيوني برمته. مشروعٌ بُنِيَ على القوة والردع، فإذا بالقوة تُكسر والردع يُستنزف. مشروعٌ قيل إنه صامد “إلى الأبد”، فإذا به يترنح تحت ضربات المقاومة، وحسابات السياسة، وتآكل الداخل المنقسم على ذاته.
قد لا يسقط الكيان غدًا، لكن المؤشرات التي تلوح في الأفق ـ من العجز العسكري، إلى التخبط السياسي، إلى تهالك الجبهة الداخلية ـ تنذر بأن العدّ التنازلي قد بدأ. ومع كل صاروخ يسقط، وكل قائد يُغتال، وكل مجنّد يهرب من الخدمة، تتشقق الأسطورة، وتنكشف الحقيقة: أن هذا الكيان ليس أكثر من كذبة كبرى، اقترب وقت انهيارها.

باحث وناشط سياسي/الاردن
[email protected]

ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع
للدعم: