
بجولات ميدانية في حواري حيّ الجمالية بالقاهرة التاريخية وأزقّته، بالإضافة إلى ورشات عمل في متحف نجيب محفوظ بتكية أبو الدهب بجوار الجامع الأزهر، حاول 30 فناناً رصد أبعاد «المتاهة السحرية» في الحيّ التاريخي، بما يتضمّنه من مبانٍ عتيقة وجوامع تاريخية وبيوت أثرية لا تزال تحتفظ بملامحها القديمة.
في المعرض الفوتوغرافي «الجمالية في عيون عشاقها»، قدَّم الفنانون المشاركون أعمالاً استطاعت أن توظّف القيمة التاريخية للمكان في إطار فنّي وفق أبعاد حداثية معاصرة، تجمع بين اللقطة الفنّية والحالة التوثيقية، للشوارع والأزقة والمباني، وأيضاً لملامح الناس وتفاصيل حياتهم اليومية.
ووفق المُشرف على المعرض، الفنان أحمد داود، التقط المصوّرون المشاركون بعدساتهم «المتاهة الساحرة» لهذا الحيّ بشوارعه الضيّقة ومبانيه العتيقة، ليرووا عبر صورهم قصصاً لا تنتهي، وجمالاً يكشفه عشاق الصورة في كل زاوية أو حجر. وقد تمكنوا من إبراز هذا الجمال بحسّهم الفنّي وروحهم الشغوفة برصد نبض المكان وتفاصيله الخفية، وهو ما يسعى المعرض إلى تجسيده على هيئة مشروع ثقافي متكامل.
وأضاف داود لـ«الشرق الأوسط»: «المعرض ثمرة لمسابقة فوتوغرافية أطلقها نادي (إن فوكس) للتصوير الفوتوغرافي بالتعاون مع صندوق التنمية الثقافية. تقدَّم لها 61 مصوراً بعدد 132 صورة، واختير للمشاركة 30 فناناً قدَّموا 38 صورة فوتوغرافية، إلى جانب مشاركة 6 فنانين من ذوي الخبرة». وأوضح أنّ المسابقة انطوت على 3 محاور رئيسية: الأول رصد تفاصيل شوارع الجمالية وأزقتها القديمة وعمارتها الفريدة التي تمزج بين الطراز الإسلامي والعثماني والمصري الشعبي. الثاني توثيق أجواء متحف نجيب محفوظ بكلّ ما يحمله من عبق أدبي وذكريات تخصُّ أحد أبرز كتّاب الرواية العربية ومرآة لرحلة أديب نوبل في حيّ طفولته. أما الثالث، فهو الدعوة إلى القراءة بوصفها فعل مقاومة وبوابة للوعي والجمال.
من جهته، قال المُشرف على متحف ومركز إبداع نجيب محفوظ، الكاتب الصحافي طارق الطاهر، إنّ «معرض (الجمالية في عيون عشاقها) يأتي انطلاقاً من فكرة أساسية يتبناها صندوق التنمية الثقافية (التابع لوزارة الثقافة المصرية) عبر متحف ومركز إبداع نجيب محفوظ، وهو إطلاق موسم نجيب محفوظ القرائي الأول، الذي يهدف إلى جذب مزيد من القراء إلى القراءة بكونها مكوّناً أساسياً في عالم نجيب محفوظ». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «فكرتُ في أن نبدأ هذه الحملة بشكل غير تقليدي وغير نمطي، من خلال إقامة معرض عن القراءة وعن الجمالية؛ المنطقة التي يقع فيها متحف نجيب محفوظ. من ثم، تكون لدينا 3 محاور في المعرض: عن المكان (الجمالية)، وعن القراءة، وعن نجيب محفوظ نفسه»، موضحاً أنّ «نادي (إن فوكس) بقيادة الكاتب والفنان أحمد داود أقام أكثر من ورشة عمل، سواء في المتحف أو خارجه، نتج عنها نحو 40 إلى 50 صورة فوتوغرافية تمثّل أحدث اللقطات عن حيّ الجمالية العريق بحاراته وميادينه وشوارعه وناسه».
أما عن محور القراءة فأوضح الطاهر أنّ ثمة مجموعة من الصور التي تبرز القراءة على أنها نشاط إنساني في شوارع الحيّ التاريخي. وبالنسبة إلى المحور الثالث، فثمة صور ترصد لقطات مختلفة من متحف نجيب محفوظ ومقتنياته. كما لفت إلى إقامة مائدة مستديرة مع نهاية المعرض في 19 يوليو (تموز) المقبل، يتحدَّث خلالها الفنانون عن أعمالهم.
الفنانة ياسمين إسماعيل بيومي، من المشاركات في المعرض، وهي مصوّرة مهتمة بتصوير الطبيعة والفلك (Astro)، قالت لـ«الشرق الأوسط»: «بدأت رحلتي مع التصوير عام 2017، ومن خلال العمل مع نادي (إن فوكس) للتصوير الفوتوغرافي بدأت أستكشف وأجرّب أنواع تصوير جديدة، مثل تصوير حياة الشارع والبورتريه البيئي، مما أسهم في توسيع رؤيتي وفتح مجالات تعبير مختلفة».
وعن نيلها الجائزة الثانية في المعرض، تابعت: «هي صورة لرجل مسنّ يقرأ القرآن، تعني لي كثيراً على المستويَيْن الإنساني والروحاني. الصورة ليست مجرّد لقطة، بل لحظة شعور وحكاية نشعر بها ونقرأها من دون الحاجة إلى كلمات».
يشارك في المعرض، الذي يستمرّ حتى 19 يوليو في متحف ومركز إبداع نجيب محفوظ بالجمالية، الفنانون: أحمد المصري، وأحمد رسول، وأسامة شريف، وأسباسيا حسن، وأسماء ممدوح، وآلاء رضوان، وحسام أحمد، وخالد دعبس، ودنيا سعيد كامل، ورؤى محمود، وريهام علي، ورزق عطية، وزينب علي، وسارة مصطفى، وسمر أحمد معاطي، وصلاح مرزوق، وعلاء حسن، وعوض عمر، ومحمد حسن، ومحمد عبد الظاهر، ومحمد عبد الله، ومحمد عبد المقصود، ومحمد كمال، ومصطفى علي، ومينا أيمن، ونومين سالم، ونهى العليمي، وهشام عبيد، وياسر إبراهيم، وياسمين إسماعيل.
كما يشارك بصفة «شرفية» 6 من الفنانين أصحاب الخبرة في مجال التصوير الفوتوغرافي؛ هم: كريم نبيل، وهشام توحيد، وأحمد داود، ومحمد عاطف، ومحمد أحيا، وحنان مأمون.