السعودية… نمو الأعمال التجارية وارتفاع التوظيف بأعلى وتيرة منذ 14 عاماً

السعودية… نمو الأعمال التجارية وارتفاع التوظيف بأعلى وتيرة منذ 14 عاماً

تحسَّنت ظروف الأعمال التجارية في القطاع الخاص غير المنتج للنفط في السعودية خلال يونيو (حزيران) الماضي، حيث ارتفع الطلب من العملاء بشكل ملحوظ وتوسع الإنتاج. وأسهمت زيادة حجم الأعمال الجديدة في تسارع نشاط التوظيف، مسجلة أكبر زيادة في مستويات التوظيف منذ مايو (أيار) 2011.

وساهم هذا الطلب القوي على الموظفين في تحقيق زيادة قياسية في تكاليف الأجور؛ ما أضاف ضغوطاً على التكاليف الإجمالية، وأدى إلى ارتفاع جديد في أسعار الإنتاج، وفقاً لأحدث بيانات مؤشر «بنك الرياض» لمديري المشتريات.

وصعد مؤشر مديري المشتريات الرئيسي من 55.8 نقطة في مايو إلى 57.2 نقطة في يونيو، وهو أعلى مستوى له في ثلاثة أشهر، في إشارة إلى تحسن أقوى في أوضاع اقتصاد القطاع الخاص غير المنتج للنفط، وجاء المؤشر أعلى قليلاً من متوسطه طويل الأجل البالغ 56.9 نقطة.

وأفادت الشركات غير المنتجة للنفط بارتفاع آخر في الطلبات الجديدة خلال يونيو الماضي، مع استمرار معدل النمو في التسارع بعد تسجيله أدنى مستوياته مؤخراً في أبريل (نيسان). وأشارت كثير من الشركات المشاركة في الدراسة إلى اكتساب عملاء جدد، إضافة إلى تحسن التسويق وتحسن ظروف الطلب. وكانت المبيعات المحلية المحرك الرئيسي لهذا الارتفاع، بينما زادت المبيعات للعملاء الأجانب بشكل طفيف.

نمو المشتريات

وأدى التحسن في الطلب إلى توسع آخر في الإنتاج بنهاية الربع الثاني، رغم أن وتيرة نمو النشاط تباطأت قليلاً لتسجل أدنى مستوى لها في عشرة أشهر. كما لوحظت زيادة كبيرة في عمليات الشراء، مع سعي الشركات لتأمين مستلزمات إنتاج إضافية لتلبية الطلبات الجديدة، وسجل معدل نمو المشتريات أسرع وتيرة له في عامين.

وفي الوقت نفسه، أظهرت الدراسة تسارعاً في معدل نمو العمالة، مع توسع سريع في فرق العمل لمواكبة حجم الأعمال الواردة؛ ما رفع مستويات التوظيف إلى أعلى معدل منذ منتصف عام 2011. وتعدّ هذه الزيادة القوية امتداداً لفترة قوية من خلق الوظائف بدأت مع مطلع عام 2025، حيث أشارت كثير من الشركات المشاركة إلى ارتفاع الطلب على الموظفين المهرة بوصفه عاملاً رئيسياً وراء تكثيف جهود التوظيف وزيادة عروض الرواتب. ونتيجة لذلك؛ ارتفعت تكاليف التوظيف الإجمالية بأسرع وتيرة منذ بدء الدراسة في 2009.

وفي ظل مواجهة الشركات ضغوطاً أكبر على تكاليف مستلزمات الإنتاج نتيجة ارتفاع أسعار المواد، أظهرت بيانات الدراسة زيادة جديدة في أسعار المبيعات للعملاء خلال يونيو، وكان هذا الارتفاع قوياً، وهو الأكبر منذ نهاية عام 2023 بعد التخفيضات المسجلة في شهرين من الأشهر الثلاثة الماضية. ويعزى هذا الارتفاع بشكل رئيسي إلى تمرير التكاليف التشغيلية الأعلى إلى العملاء، رغم أن بعض الشركات فضلت خفض الأسعار ضمن استراتيجيات تسعير تنافسية.

الظروف الاقتصادية المرنة

وفيما يخص توقعات الأعمال، ظلت الشركات غير المنتجة للنفط واثقة من تحسن النشاط خلال الأشهر الاثني عشر المقبلة، مع صعود درجة التفاؤل إلى أعلى مستوى لها في عامين، مدعوماً بالظروف الاقتصادية المحلية المرنة والطلب القوي وتحسن المبيعات. وعلى مستوى العرض، بدت الظروف مواتية أيضاً مع تحسن قوي آخر في أداء الموردين.

وقال الخبير الاقتصادي الأول في «بنك الرياض»، الدكتور نايف الغيث: «فيما يتعلق بالتوقعات المستقبلية، لا تزال توقعات الشركات غير المنتجة للنفط إيجابية للغاية. فقد ارتفعت الثقة تجاه مستقبل النشاط التجاري إلى أعلى مستوى لها في عامين، مدعومة بتدفقات الطلبات القوية وتحسن الظروف الاقتصادية المحلية».

وأكمل: «مع ذلك، ازدادت ضغوط التكلفة وضوحاً في يونيو، حيث ارتفعت تكاليف الموظفين بوتيرة قياسية مع سعي الشركات للاحتفاظ بالكفاءات، بينما شهدت أسعار المشتريات أسرع زيادة لها منذ فبراير (شباط)، مدفوعة جزئياً بارتفاع الطلب وتزايد المخاطر الجيوسياسية. وعلى الرغم من هذه التحديات المرتبطة بالتكاليف، رفعت الشركات بشكل عام أسعار البيع لتتراجع عن الانخفاضات التي شهدتها في مايو، ما يشير إلى تحسن قدرتها على تمرير التكاليف المرتفعة إلى العملاء».