هل تفقد الأسهم الدولارية بريقها مع تراجع سعر العملة الأمريكية؟ – وطني

هل تفقد الأسهم الدولارية بريقها مع تراجع سعر العملة الأمريكية؟ – وطني

في ظل التغيرات المتسارعة في الأسواق العالمية، والتقلبات المرتقبة في سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري، تزايدت التساؤلات حول مستقبل الأسهم المقومة بالدولار، المعروفة بـ«الأسهم الدولارية»، ومدى احتفاظها بجاذبيتها كأداة تحوط ضد تقلبات سعر الصرف.

وقال خبراء سوق المال إن بقاء الدولار في نطاق أعلى من 50 جنيهًا يعزز من مكانة الأسهم الدولارية كملاذ آمن، بينما يؤدي التحسن الملحوظ والمستدام في سعر الجنيه إلى تقليص جاذبيتها مؤقتًا لصالح الأسهم المرتبطة بالطلب المحلي.

جنينة: تركيز أكبر على قطاعات الطلب المحلي

قال هاني جنينة، رئيس وحدة البحوث بشركة الأهلي فاروس لتداول الأوراق المالية، إن الاستثمار في الأسهم الدولارية أو المرتبطة بالسلع لم يعد مفضلًا في المرحلة الحالية، موضحًا أن هذه الأسهم – وعلى رأسها «النساجون الشرقيون» – قد لا تحقق طفرات سعرية جديدة بعدما استنفدت المكاسب الناتجة عن إعادة تسعير الدولار.

وأضاف أن معظم أسهم السلع، باستثناء بعض المرتبطة بالتحول إلى الكهرباء مثل الألومنيوم والنحاس، لا تحظى بزخم كبير حاليًا، مشيرًا إلى أن أسهم الدولار لم تعد الخيار الأول للاستثمار هذا العام أو العام المقبل.

وأوضح أن المرحلة الثانية من التعافي الاقتصادي في مصر ستركز على القطاعات المعتمدة على الطلب المحلي، مثل العقارات، البنوك، التمويل، الأدوية، المستشفيات والتعليم، مؤكدًا أن رؤيته الاستثمارية تنصب على هذه القطاعات، لكونها المستفيد الأكبر من تحسن السوق الداخلي.

وتوقع جنينة تحسنًا في قيمة الجنيه بحلول نهاية العام الجاري، مدعومًا بتراجع الدولار عالميًا، لا سيما أمام اليورو، ما قد يدفع الجنيه للوصول إلى مستويات 47–48 جنيهًا للدولار بنهاية 2025.

أشار تقرير لبنك مورغان ستانلي إلى احتمال تراجع مؤشر الدولار الأمريكي بنسبة 9% ليصل إلى 91 نقطة منتصف 2026، وهو أدنى مستوى له منذ جائحة كوفيد-19، متوقعًا ارتفاع اليورو إلى 1.25 دولار والين إلى 130 ينًا.

وتوقع التقرير انخفاض عائدات السندات الأمريكية لأجل 10 سنوات إلى 4% بنهاية العام الجاري، على أن تتراجع أكثر حال خفض الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة بنحو 175 نقطة أساس.

الألفي: الفيصل هو نموذج العمل وليس تحرك سعر الصرف

وقال عمرو الألفي، رئيس استراتيجيات الأسهم بشركة ثاندر لتداول الأوراق المالية، إن تغير سعر صرف الدولار لا يمثل محفزًا جوهريًا للأسهم الدولارية، لكونها مقومة محليًا بالدولار، موضحا أن الفيصل الحقيقي هو نموذج عمل الشركة، وهل يتأثر إيجابًا أو سلبًا بتحرك الدولار.

ورجّح الألفي استمرار ارتفاع الدولار على المدى المتوسط والطويل، مدعومًا بارتفاع معدلات التضخم في مصر مقارنة بالولايات المتحدة، رغم احتمال تراجع مؤقت نتيجة تدفقات استثمارية في أدوات الدين الحكومية المصرية.

رشاد: التوقعات بارتفاع كبير للجنيه أمام الدولار غير منطقية

قال إيهاب رشاد، نائب الرئيس التنفيذي لشركة مباشر كابيتال هولدنج، إن الحديث عن تراجع كبير للدولار أمام الجنيه غير منطقي، لافتًا إلى أن السوق المصري يعاني من فجوة دولارية كبيرة، والتزامات مالية على الدولة تشمل سداد فوائد وأقساط قروض.

وأكد أن الأسهم الدولارية ستظل تحافظ على جاذبيتها، كونها تحقق للمستثمر دخلاً دولاريًا ثابتًا، وتحمي أمواله من تقلبات سعر الصرف. وشدد على أن استمرار هذه الأسهم أمر حتمي.

قال عبد الحميد إمام، رئيس قسم البحوث بشركة بايونيرز لتداول الأوراق المالية، إن فقدان الدولار دوره كمحفز رئيسي في السوق، بعد انتهاء سوق الدولار الموازي، يعني أن تحركات الأسهم الدولارية لم تعد مرتبطة بسعر الصرف، بل بالتحليل المالي ونموذج أعمال الشركات.

وأوضح أن تقييم الأسهم الدولارية يجب أن يعتمد على مؤشرات مثل هامش الربحية، وربحية السهم، والقيمة السوقية، والتسعير الحالي مقارنة بالقيمة العادلة، شأنها شأن الأسهم المقومة بالجنيه، مؤكدًا أن قرار الاستثمار بات يتطلب تحليلًا مستقلًا لكل شركة.

متولي: احتمالات ضعف العملة المحلية تزيد الطلب على أدوات التحوط

وقال علي متولي، محلل اقتصادي بإحدى شركات الاستشارات في لندن، إن التقديرات المتفائلة التي تتحدث عن وصول الجنيه إلى 42 أو 45 جنيهًا مقابل الدولار غير مرجحة في الوقت الراهن، مؤكدًا أن التوقعات الأساسية تضع السعر في نطاق 49-52 جنيهًا خلال عامي 2025 و2026.

وأشار إلى أن الأسهم الدولارية تظل أداة تحوط جيدة طالما تجاوز الدولار مستوى 50 جنيهًا، لكنها ستفقد جزءًا من جاذبيتها حال تحقق تقدير فعلي للجنيه، إذ سيؤدي ذلك إلى خسائر دفترية للمستثمر المحلي نتيجة تآكل الفارق السعري عند تحويل الأرباح.

وأوضح متولي أن المستثمر الباحث عن دخل دولاري سيظل مهتمًا بهذه الأسهم، خاصة أن كثيرًا منها يوزع عوائد نقدية تتراوح بين 5% و7% بالدولار، ما يضمن لها قدرًا من الجاذبية رغم تحركات العملة.

وأضاف أن ارتفاع الدين الخارجي لمصر، والذي تجاوز 151 مليار دولار، إضافة إلى الاحتياجات التمويلية المتزايدة، تجعل احتمالية ضعف الجنيه قائمة، وهو ما يعيد الطلب على الأسهم الدولارية كأداة تحوط.

وقال متولي إن تدفقات استثمارية مرتقبة من مشروع رأس الحكمة، وصفقات الخصخصة، والتمويلات الخليجية، قد تسهم في تثبيت سعر صرف الدولار قرب مستوى 50 جنيهًا، مؤكدًا أن اختراق هذا الحاجز هبوطًا يتطلب طفرة تصديرية واكتشافات كبيرة في قطاع الغاز.