الاتحاد الأوروبي منقسم حول الرد على الرسوم الجمركية مع اقتراب المهلة النهائية

الاتحاد الأوروبي منقسم حول الرد على الرسوم الجمركية مع اقتراب المهلة النهائية

أبرزت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، في عددها الصادر اليوم الانقسامات التي بدأت تتفاقم داخل الاتحاد الأوروبي بشأن كيفية الرد على مطالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مع اقتراب المهلة النهائية التي حددها للتوصل إلى اتفاق تجاري، وسط تهديدات بفرض رسوم جمركية تصل إلى 50% على السلع الأوروبية اعتبارًا من الأسبوع المقبل.

وذكرت الصحيفة – في سياق تقرير – أنه في الوقت الذي يرفض فيه الاتحاد التوقيع على إعلان مناخي مشترك اقترحته الصين ما لم تُقدِم على خطوات إضافية لخفض الانبعاثات، تتفاقم التحديات التجارية مع واشنطن.

وذكرت تقارير أوروبية أن قادة الاتحاد الأوروبي أمام خيار صعب هذا الأسبوع: إما قبول بعض الرسوم الجمركية المرتفعة لتفادي تصعيد تجاري شامل مع الولايات المتحدة، أو الرد بالمثل للضغط على واشنطن من أجل تقديم تنازلات.

من جانبها، تواصل رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين مشاوراتها مع القادة الأوروبيين لحسم موقف التكتل، في ظل تفضيل بعض الدول الأوروبية التوصل إلى اتفاق ولو على حساب بعض التنازلات الجمركية، بينما يرى آخرون ضرورة اتخاذ موقف أكثر حزمًا.

وأضافت “فاينانشيال تايمز” أنه مع استمرار العد التنازلي نحو موعد 10 يوليو، لا يزال التكتل الأوروبي منقسمًا بشأن الاستراتيجية الأمثل في مواجهة نهج ترامب التجاري التصعيدي .. ففي حين تدفع دول تعتمد على التصدير مثل ألمانيا دولًا أخرى مثل إيرلندا والمجر نحو التوصل إلى اتفاق سريع لتفادي المزيد من الأضرار الاقتصادية، ترى دول أخرى أن الاستعجال في توقيع اتفاق قد يكون مكلفًا سياسيًا واستراتيجيًا على المدى الطويل.

وفي هذا السياق، لا تزال التعريفات القطاعية المفروضة من الجانب الأمريكي قائمة، وتشمل رسومًا بنسبة 25% على السيارات وقطع الغيار و50% على الصلب والألمنيوم، إضافة إلى ضريبة عامة بنسبة 10% على معظم الواردات الأخرى من الاتحاد الأوروبي.

وصرّح المستشار الألماني فريدريش ميرز – الذي يواجه ضغوطًا داخلية من قطاع الصناعة الألمانية المتضرر – بأن “التوصل إلى حل سريع وبسيط أفضل من اتفاق طويل ومعقد يظل حبيس طاولة المفاوضات لأشهر”.

في المقابل، تتبنى دول مثل فرنسا وإسبانيا موقفًا أكثر حذرًا، وترى أنه لا ينبغي قبول اتفاق فقط لمجرد الوصول إلى تسوية .. وتُصر هذه الدول على أن الاتحاد الأوروبي، بقوته الاستهلاكية البالغة 450 مليون نسمة، يمتلك ما يكفي من النفوذ الاقتصادي والثقل السياسي للوقوف بوجه واشنطن، والاستعداد لاستخدام أدواته الدفاعية التجارية في حال لم تستجب الولايات المتحدة لمطالب اتفاق “عادل ومتوازن”.

وبالفعل، تواصلت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، مع القادة الأوروبيين خلال اليومين الماضيين للحصول على إرشادات بشأن ما إذا كان ينبغي عليها قبول اتفاق مع بعض الرسوم الجمركية الأعلى، وهو ما يُفضّله الكثيرون، أو زيادة الضغط على الولايات المتحدة .. وقالت فون دير لاين، في الأسبوع الماضي، إنها تأمل في التوصل إلى اتفاق مبدئي يسمح للطرفين بمواصلة التفاوض على اتفاق نهائي.

ومع نفاد الوقت، أكدت الصحيفة البريطانية أنه لا يزال الاتحاد منقسمًا حول أفضل استراتيجية للتعامل مع ترامب.. علاوة على ذلك، تلوح في الأفق مشاكل في البوسنة والهرسك، بعد ثلاثة عقود بالضبط من مذبحة سربرينيتشا .. فضلًا عن أن فون دير لاين تواجه هذا الأسبوع أول تصويت بسحب الثقة من رئيسة مفوضية منذ أكثر من عقد، بنتيجة متوقعة وإن كانت تداعياتها غير واضحة.

وأشارت الصحيفة إلى أن نائبًا من اليمين المتطرف في رومانيا قدّم تصويتًا حصل على 72 توقيعًا ضروريًا لسحب الثقة وهو تصويت يتعلق ظاهريًا بتعامل فون دير لاين مع رسائل نصية خاصة متبادلة مع رئيس تنفيذي لشركة أدوية خلال جائحة كوفيد .. وقالت الصحيفة إنه من شبه المؤكد أن التصويت، الذي سيُجرى يوم الخميس المقبل بعد نقاش مباشر في قاعة ستراسبورج في وقت لاحق من اليوم، سيفشل إذ أعلنت الأحزاب الكبرى دعمها لها، وقليلون هم من يرغبون في الانضمام إلى مؤيدي هذا الاقتراح.

لكن العديد من المشرعين الذين سيصوتون لدعم فون دير لاين ما زالوا يتطلعون إلى إلامها في نقاش اليوم أملا في توجيه تحذير واضح لها عبر هذا التصويت .. كما أن هناك القليل من الود المفقود بين أعضاء البرلمان الأوروبي وفون دير لاين، حيث يرى العديد منهم أن نظامها منعزل ورافض للهيئة التشريعية للكتلة .. ويعتقد كبار مسئولي المفوضية بدورهم أن المجلس الأوروبي غير منتج ومعرقل ومُبالغ في تقدير الذات .. وعلى سبيل المثال، أدى قرار فون دير لاين باستخدام سلطات الطوارئ – متجاوزا البرلمان لتشريع مخطط القروض مقابل الأسلحة الأخير بقيمة 150 مليار يورو – إلى تحرك من قبل المجلس لرفع دعوى قضائية ضد المفوضية.