
بلدة رابا.. مخاوف فلسطينية من استيلاء إسرائيل على قمة السالمة
جنين / قيس أبو سمرة / الأناضول
في بلدة رابا بمحافظة جنين شمال الضفة الغربية المحتلة يخشى الفلسطينيون من قرار إسرائيلي بالاستيلاء على قمة جبل السالمة، الأمر الذي سيسلب البلدة مصدرا اقتصاديا ومعلما سياحيا وحيويا هاما.
الأربعاء الماضي، تسلم أهالي البلدة قرارا إسرائيليا بوضع اليد على 2400 دونم لصالح إنشاء منطقة عسكرية تشمل قمة جبل السالمة ومحيطه من حقول وسهول ومراعٍ، بحسب رئيس مجلس قروي رابا غسان البزور، في حديث للأناضول.
المواطنون أشاروا في أحاديث منفصلة مع الأناضول إلى أن الجبل ملك للبلد وتحيط به حقول من الزيتون ومساحات من المراعي.
ويعد جبل السالمة الذي يبلغ ارتفاعه 714 مترا عن مستوى سطح البحر أعلى قمة في أقصى شمال الضفة الغربية.
ومن القمة يمكن مشاهدة غالبية محافظة جنين بسهولها وقراها، ويطل على الأغوار الشمالية والحدود الأردنية شرقا، ومنه يمكن أن تشاهد قمة جبل الشيخ في الجولان السوري المحتل شمالا، والبحر الأبيض غربا، وجبال نابلس جنوبا.
وكانت بلدية رابا شقت طريقا زراعيا لقمة الجبل قبل سنوات، وعادة ما يشكل الجبل مكانا لرحلات حيث يزوره أهالي رابا والبلدات المجاورة للاستمتاع بإطلالته.
** استهداف متواصل للجبل
وقال البزور بينما كان يقف على قمة الجبل، إن الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه ومنذ زمن يستهدفون قمة الجبل باقتحامات متكررة واعتداء على المزارعين والتضييق عليهم، واليوم يقررون السيطرة على مساحات واسعة من الأرض لأغراض عسكرية.
ويشير بإصبعه إلى أقصى الشمال حيث جدار الفصل الإسرائيلي، ويقول: “سيعمل الاحتلال على شق طريق من أقصى الشمال وصولا لقمة الجبل، ويضع جدارا وبوابات في محيط البلدة، الأمر الذي يعني خسارة مزيد من الأراضي لصالح الاحتلال”.
ولفت البزور إلى أن المنطقة “زراعية بامتياز تزرع بالزيتون والعنب، وفيها مراع لتربية الثروة الحيوانية”، مبينا أن “وجود النقطة العسكرية يعني قتل المنطقة وحرمان السكان من مصدر رزقهم”.
كما بين أن “هناك مخاوف أيضا من إقامة منطقة أمنية في محيط الجبل ومنع السكان من الوصول إلى أراضيهم”، ولم يستبعد البزور “استثمار المستوطنين للقرار الإسرائيلي وإقامة بؤر استيطانية أو رعوية”.
** رمز ومكان ذو قيمة معنوية
وعن أهمية الجبل السياحية قال: “يعد أيضا رمزا ومكانا ذا قيمة معنوية للسكان وخاصة في فصل الربيع، حيث تكثر الزيارات للتنزه وتناول الطعام ومشاهدة المناظر الخلابة من أعلى قمته التي تطل على سهول جنين الشاسعة”.
وتعتمد رابا التي يبلغ تعداد سكانها نحو 5 آلاف نسمة على الزراعة السهلية والحقلية بما فيها الزيتون والعنب، وتربية الماشية.
وكانت البلدة خسرت جل أراضيها لصالح جدار الفصل الإسرائيلي بحسب البزور.
وشيدت إسرائيل جدارا فاصلا بين الضفة الغربية وإسرائيل في العام 2002، بحجة منع تنفيذ هجمات فلسطينية في إسرائيل،
والجدار الفاصل أقامته تل أبيب في العام 2002 لعزل الضفة بدعوى منع الفلسطينيين من دخول إسرائيل أو المستوطنات، في محاولة لإعاقة حياة الفلسطينيين وضم أراض من الضفة إلى إسرائيل، لكن محكمة العدل الدولية أصدرت قرارا في العام 2005 اعتبرت فيه الجدار “عملا غير مشروع”.
** سرقة أهم معالم البلدة
بدوره يقول المواطن حسام صايل (64 عاما) بينما يقف على قمة جبل السالمة: “نرفض أي وجود إسرائيلي على قمة الجبل، خسرنا آلاف الدونمات منذ الاحتلال الإسرائيلي عام 1948، ثم في جدار الفصل عام 2003، واليوم تلاحقنا إسرائيل لسرقة أهم معلم للبلدة”.
وأضاف: “عند الحديث عن السالمة تتحدث عن معلم له أهمية اقتصادية وسياحية وله رمزية للسكان”.
وتابع مستنكرا: “ما الضمانة غدا إذا ما أقيم معسكر للاحتلال أن يأتي المستوطنون ويشيدون منازل على أراضينا، ثم يبدأ بشن هجمات واعتداءات على السكان كما يحدث في بلدات نابلس ورام الله والخليل”.
وبحسب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية (حكومية)، نفذ المستوطنون 415 اعتداء ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم خلال مايو/ أيار الماضي، راوحت بين هجمات مسلحة وتخريب وتجريف أراضٍ واقتلاع أشجار واغلاقات قسرية.
ووفق تقارير فلسطينية، بلغ عدد المستوطنين في الضفة نهاية العام 2024 نحو 770 ألفا، موزعين على 180 مستوطنة و256 بؤرة استيطانية، منها 138 بؤرة تصنف على أنها رعوية وزراعية.
وتابع صايل: “الاحتلال يبدأ بقرار عسكري وأمني ثم يعطي الأرض للمستوطنين”، لافتا إلى أن “قمة الجبل وقف عام للبلدة”.
ويملك صايل أرضا بمساحة دونمين مزروعة بالزيتون مهددة بالمصادرة، ويقول: “أملك بها أوراق رسمية، ولعائلتي مساحات واسعة هنا، المكان أيضا مراعي لعدد كبير من الماشية.
** أراض معمرة منذ 80 عاما
وأما محمد البزور، الذي يملك على سفح الجبل عشرات الدونمات المزروعة بالزيتون، فيقول: “الأرض معمرة منذ أكثر من 80 عاما، وهي ملك خاص، اليوم مهددة بالمصادرة”.
وأضاف: “نحارب اليوم بكل ما نستطيع لحماية الموقع من الاحتلال، لا يمكننا أن نفرط به”، وأردف: “المصير اليوم مجهول، ونعيش خطرا حقيقيا على أرضنا”.
أما مهند البزور (59عاما) فيملك نحو 175 دونما من الأرض في الموقع، فيقول: “اليوم بات كل ما نملك مهدد بالمصادرة”.
وأضاف: “الأرض تشكل مصدر رزق وحيد لنا، وخسارتها يعني فقدان كل ما نملك”، مبينا أن “المخطط الإسرائيلي يقضي إقامة بوابات وجدار أمني، الأمر الذي يعني منع حتى الوصول للموقع، ثم المنع التام وفقدان الأرض بحجج واهية”.
وتعتبر الضفة الغربية أرضا فلسطينية محتلة وفي 19 يوليو/ تموز 2024، قالت محكمة العدل الدولية إن “استمرار وجود دولة إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة غير قانوني”.
وشددت “العدل الدولية” آنذاك على أن للفلسطينيين “الحق في تقرير المصير”، وأنه “يجب إخلاء المستوطنات الإسرائيلية القائمة على الأراضي المحتلة”.
كما ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية بقطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، خلفت أكثر من 194 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.
وبالتوازي مع إبادة غزة، صعد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة، بما فيها القدس الشرقية، ما أدى إلى استشهاد 988 فلسطينيا على الأقل، وإصابة نحو 7 آلاف آخرين، وفق معطيات فلسطينية.
ندرك جيدا أنه لا يستطيع الجميع دفع ثمن تصفح الصحف في الوقت الحالي، ولهذا قررنا إبقاء صحيفتنا الإلكترونية “راي اليوم” مفتوحة للجميع؛ وللاستمرار في القراءة مجانا نتمنى عليكم دعمنا ماليا للاستمرار والمحافظة على استقلاليتنا، وشكرا للجميع
للدعم: