
بعد يومين من المشي في الصمت، والهتاف في الجبال، والنوم تحت السماء المفتوحة، عاد أبناء آيت بوكماز إلى دواويرهم محمّلين بشيء من الأمل. مسيرتهم، التي سُمّيت بـ”مسيرة الكرامة والعدالة المجالية”، لم تكن مجرد احتجاج، بل كانت إعلانًا عن وجود منسيّ، عن أصوات سئمت الانتظار.
المسيرة توقّفت مساء اليوم الخميس، بعدما استقبل عامل إقليم أزيلال ممثلين عن الساكنة المحتجة، وتعهد بالاستجابة الفورية للمطالب الأساسية. لقاءٌ أنهى الاحتجاج، لكنّه لم يُنهِ اليقظة.
اللجنة الإعلامية للانتفاضة وصفت اللقاء بـ”الجاد والمسؤول”، وأكّدت أن صوت الجبل هذه المرة وصل، لا عنفًا ولا صراخًا، بل مشيًا وكرامة. وأضافت أن “الحوار تغلّب على الجمود، والعقل انتصر على الإقصاء”.
وفي بلاغ مؤثر، وجّه أبناء آيت بوكماز رسائل شكر وامتنان إلى كل من ساندهم، من إعلام حر وضمائر حية وحقوقيين ومناضلين، داخل المغرب وخارجه. قالوا إن الدعم الذي وصلهم “دفّأ قلوبهم”، بعد ليالٍ باردة من التجاهل.
لكن الحراك لم ينتهِ، حسبهم. الانتفاضة، كما وصفوها، لن تتوقف حتى يتحقق ما هو بسيط في شكله، عظيم في أثره: طريق معبّدة، طبيب مقيم، مدرسة تليق بالأطفال، وشبكة هاتف تقطع عزلة السنوات.
المطالب لم تكن خيالية. فقط عشرة بنود، تتكرر في كل منطقة مهمّشة: بنية تحتية، نقل مدرسي، ماء، إنترنت، مركز تكوين، ملعب صغير، وسد يصدّ فيضانات الشتاء القاسية.
ما حدث في آيت بوكماز يفتح من جديد النقاش حول الفوارق المجالية، وعن مغرب بطابقين: واحد يتهيأ للمونديال، وآخر يتهيأ لتسلق الجبل من أجل حق في الحياة.
لقد تكلم الجبل، فهل يستمر الإصغاء إليه؟