
شدد وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية في دول مجموعة العشرين على أهمية استقلال البنوك المركزية، متعهدين بتعزيز التعاون الدولي، وذلك في بيان ختامي عقب اجتماع دام يومين في مدينة ديربان بجنوب إفريقيا.
ويعد هذا البيان هو الأول للمجموعة منذ أكتوبر الماضي، أي قبل شهر واحد من فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الانتخابات، والذي مهد الطريق لاحقًا للحرب التجارية العالمية، وأشار البيان إلى حالة عدم اليقين التي يشهدها الاقتصاد العالمي، نتيجة الصراعات الجيوسياسية والتوترات التجارية وتزايد موجات الطقس المتطرفة.
وطغى موضوع استقلال البنوك المركزية على مجريات الاجتماع، خصوصًا في ظل الانتقادات المتكررة من ترامب لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي جيروم باول لعدم خفضه أسعار الفائدة، وهي انتقادات أثارت اضطرابًا في الأسواق المالية العالمية، بحسب ما نقلته صحيفة “جلوبال فاينانس ريفيو” الكندية.
وقال مارك سوبل، المسؤول السابق بوزارة الخزانة الأمريكية والرئيس الحالي للمنتدى الرسمي للمؤسسات النقدية والمالية: “أهمية هذا البيان تكمن في صدوره بالأساس، رغم طبيعته الواسعة والممتدة التي تؤكد مرة أخرى الحاجة إلى إعادة هيكلة شاملة لآلية عمل مجموعة العشرين”، مضيفا: “الدفاع القوي والمستحق عن استقلال البنوك المركزية كان لافتا، لا سيما في مواجهة هجمات ترامب غير المبررة ضد باول”.
وصدر البيان رغم غياب وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت عن الاجتماع، وهو الغياب الثاني له بعد تغيبه عن الاجتماع السابق للمجموعة في كيب تاون في فبراير الماضي، في الوقت الذي من المقرر أن تتولى الولايات المتحدة رئاسة مجموعة العشرين في ديسمبر المقبل، بينما مثّل الولايات المتحدة في الاجتماع مايكل كابلان، القائم بأعمال وكيل وزارة الخزانة للشؤون الدولية.
وذكر البيان: “تلتزم البنوك المركزية التزاما قويا بتحقيق استقرار الأسعار، بما يتماشى مع صلاحياتها، وستواصل تعديل سياساتها بناء على البيانات المتاحة، ويعد استقلال البنوك المركزية أمرا بالغ الأهمية لتحقيق هذا الهدف”.
من جانبه، أوضح نائب وزير المالية في جنوب إفريقيا ديفيد ماسوندو، أن نتائج الاجتماع التي وردت في البيان “حظيت بموافقة جميع الأعضاء”، وتركزت على “قضايا الاقتصاد الكلي الاستراتيجية”.
وفي حين لم تصدر الولايات المتحدة أي تعليق رسمي حتى الآن على نتائج الاجتماع، فقد تضمن البيان تأكيدا على “أهمية منظمة التجارة العالمية في تعزيز قضايا التجارة”، مع الإشارة إلى حاجة المنظمة إلى إصلاحات هيكلية.
ورغم أن البيان أشار إلى “الكوارث الطبيعية وموجات الطقس القاسية” كأحد التحديات الاقتصادية، إلا أنه لم يتطرق صراحة إلى قضية التغير المناخي، كما خلت صياغته من مصطلح “الرسوم الجمركية”، واكتفى بالإشارة إلى “توترات تجارية”.
وتُعد سياسات ترامب الجمركية من أبرز العوامل التي زادت من غموض المشهد الاقتصادي العالمي، حيث فرضت الولايات المتحدة رسومًا أساسية بنسبة 10% على جميع وارداتها، بالإضافة إلى نسب أعلى على سلع محددة بلغت 50% على الصلب والألومنيوم، و25% على السيارات، مع رسوم جديدة متوقعة على الأدوية، من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في الأول من أغسطس وتشمل أكثر من 20 دولة.
كما خلت الصياغة من أي إشارات مباشرة إلى حرب روسيا وأوكرانيا أو الصراع بين إسرائيل وحماس في غزة، واكتفى البيان بالإشارة إلى “الحروب والصراعات الجارية” دون تفصيل، وجاء البيان في أكثر من 2000 كلمة، أي أقل من نصف عدد كلمات البيان السابق الصادر في أكتوبر 2024، والذي تجاوز 5000 كلمة.
وبشعار “التضامن والمساواة والاستدامة”، سعت جنوب إفريقيا خلال رئاستها للمجموعة إلى تعزيز أجندة أفريقية، من خلال طرح قضايا مثل ارتفاع تكلفة رأس المال والتمويل المخصص للتغير المناخي.
وأعرب وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية في البيان الختامي عن التزامهم بمعالجة أعباء الديون في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل بشكل فعال وشامل ومنهجي.