
شدد سفير سريلانكا لدى البلاد، براديب راتناياكي، على عمق العلاقات الثنائية مع الكويت، والإرادة السياسية المتجددة لتوسيع مجالات التعاون، لاسيما في الصحة والتجارة والسياحة، مؤكدا أن الكويت شريكنا الرئيسي في الخليج ومواقفها من الأزمات الإقليمية تحتذى. وفي حوار مع «الجريدة»، ثمّن السفير دعم الكويت المستمر، ودورها في تعزيز الاستقرار الإقليمي والدولي، كاشفاً عن خطوات لتعزيز الأمن الغذائي والتعاون الدفاعي، وتطوير العلاقات الأكاديمية بين الجامعات في البلدين، وتحدث عن الاتفاقيات المرتقبة، وفرص الاستثمار، وأهمية الكوادر السريلانكية في سوق العمل الكويتي، لا سيما في قطاعي الصحة والعمل المنزلي… وفيما يلي التفاصيل.
• كيف تصفون العلاقات الثنائية بين سريلانكا والكويت، وما أبرز مجالات التعاون المتنامي؟
– العلاقات الثنائية بين بلدينا عريقة وودية، قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، ومنذ تأسيس العلاقات الدبلوماسية عام 1971 حافظت سريلانكا والكويت على علاقات ممتازة، وانخرط البلدان في تعاون واسع يشمل العمالة، والتنمية الاقتصادية، والاستثمار، والتبادل الثقافي.
وبدأ السريلانكيون الهجرة إلى الكويت للعمل منذ ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، وفي الوقت الحالي، يتسع التعاون بشكل خاص في مجالات الهجرة العمالية، التجارة والاستثمار، الأمن الغذائي، السياحة، وتشير اللقاءات رفيعة المستوى الأخيرة بين قيادتي البلدين إلى إرادة سياسية متجددة لتعميق التعاون، وتظل الكويت شريكا رئيسيا لسريلانكا في منطقة الخليج، لا سيما فيما يتعلق برعاية أكثر من 170 ألف عامل سريلانكي، وتعزيز الدبلوماسية الاقتصادية.
170 ألف سريلانكي بالكويت… ونشهد نمواً في الكوادر الطبية والمهنية
وغالبية أبناء جاليتنا يعملون في قطاع العمالة المنزلية، لكننا نشهد نمواً في الفئات المهنية أيضاً، فلدينا أطباء، وممرضون، ومهندسون، ومحاسبون، وطهاة، ونعمل حالياً على زيادة عدد العاملين في القطاع الصحي، إذ إن الكوادر الطبية السريلانكية معروفة عالمياً بمعاييرها العالية. وقد ناقشت هذا الأمر أخيراً عندما قدّمت أوراق اعتمادي إلى سمو الأمير، وقد وجه سموه الجهات المعنية للنظر في تعزيز التعاون مع سريلانكا في القطاع الصحي، ونحن الآن في محادثات مع وزارة الصحة الكويتية لتوقيع مذكرة تفاهم لتسهيل هذا التعاون.
سريلانكا مستعدة لتوريد اللحوم الطازجة والحية دعماً للأمن الغذائي الكويتي
• هل يمكن لسريلانكا أن تلعب دوراً في دعم استراتيجية الكويت للأمن الغذائي، وهل أنتم مستعدون لتوريد اللحوم الطازجة والحية للسوق الكويتي؟
– نعم، سريلانكا في موقع جيد لدعم استراتيجية الأمن الغذائي طويلة الأمد للكويت، لا سيما بفضل قاعدتها الزراعية الغنية ومستوياتها الصحية العالية في إنتاج اللحوم والألبان، وهناك العديد من الجهات الحكومية والخاصة القادرة على تلبية متطلبات السوق الخليجي، وتعمل سريلانكا لتنظيم سلسلة التوريد والامتثال للوائح الكويتية، ونحن على استعداد لبدء التوريد المنتظم للحوم الطازجة والحية، بما في ذلك لحوم الأبقار والدواجن، وذلك فور الانتهاء من بروتوكولات الاستيراد وشهادات الطب البيطري، وهذه فرصة ذات فائدة متبادلة.
دعوة رسمية للكويت للمشاركة في مؤتمر «غال ديالوغ 2025» الأمني
التعاون الدفاعي
• كيف تصفون التعاون الدفاعي بين البلدين، وهل هناك اتفاقيات عسكرية جديدة قيد البحث؟
– يركز التعاون الدفاعي بين سريلانكا والكويت بشكل أساسي على التبادل وبناء القدرات، والحوار في مجال الأمن البحري ومكافحة الإرهاب، ورغم أن هذا التعاون كان محدوداً تاريخياً، لكنه اكتسب زخماً في السنوات الأخيرة مع التركيز على التنسيق الأمني الإقليمي والتعاون البحري.
وفي إطار الجهود الحالية لتعزيز هذه العلاقات، وجهت البحرية السريلانكية دعوة إلى قائد القوات البحرية الكويتية لحضور مؤتمر «غال ديالوغ 2025»، وهو مؤتمر دولي للأمن البحري يعقد في سبتمبر، وسيوفر منصة لاستكشاف مجالات التعاون، مثل مكافحة القرصنة، والمراقبة البحرية، والاستجابة الإنسانية لحالات الطوارئ والكوارث، وسيشكل أيضاً فرصة بارزة لإطلاق تواصل عسكري رفيع المستوى ووضع إطار طويل الأمد للتعاون.
ولا توجد حالياً اتفاقيات عسكرية رسمية أو عقود دفاعية قيد النقاش، والتعاون العسكري الحالي لا يزال في بداياته، لكن الحوار مستمر بشكل بنّاء وواعد، ويركز بشكل أساسي على الدبلوماسية البحرية، كالحوار حول الأمن البحري، وتبادل الرؤى الاستراتيجية. وتبقى سريلانكا منفتحة على استقبال وفود دفاعية كويتية، كما ترحب ببرامج تبادل التدريب والمناورات المشتركة مستقبلاً.
الترويج السياحي
• كيف يمكنكم الترويج لسريلانكا كوجهة سياحية للكويتيين هذا الصيف؟ ما الذي يميز سريلانكا؟
– توفر سريلانكا تجربة سياحية فريدة ومتنوعة تجذب المسافرين الكويتيين الباحثين عن الطبيعة، والثقافة، والمغامرة، والهدوء. ومع وجود رحلات جوية مباشرة عبر الخطوط الجوية السريلانكية وشركات خليجية أخرى، تعتبر سريلانكا وجهة مريحة واقتصادية.
ونروج لسريلانكا كوجهة «12 في 1»، حيث تقدم شواطئ استوائية، وهضاب باردة، وحياة برية غنية، ومواقع تراثية قديمة، ومزارع شاي، وعلاجات الأيورفيدا والعافية، بالإضافة إلى ضيافة مناسبة للمسافرين المسلمين.
وما يميز سريلانكا هو أصالتها، وكرم ضيافتها، وأمانها، وأسعارها المعقولة، فضلاً عن أجوائها الروحية والهادئة التي تجذب العائلات والعرسان على حد سواء، كما أن سريلانكا وجهة مثالية للعائلات بسبب مناخها المعتدل طوال العام، وشعبها المضياف، ومواقعها التراثية، والطعام الحلال، ووجود المساجد في جميع المدن الكبرى، فيشعر الكويتي الزائر بأن سريلانكا وطن ثانٍ من اللحظة الأولى.
نطمح إلى مضاعفة عدد السياح الكويتيين إلى أكثر من 10 آلاف هذا العام
• كم بلغ عدد السياح الكويتيين الذين زاروا سريلانكا العام الماضي؟ وما توقعاتكم لأعداد السياح هذا العام؟
– في عام 2024، استقبلت سريلانكا نحو 5600 سائح كويتي، وهو انتعاش ملحوظ بعد جائحة كورونا، ورغم أن هذه الأرقام لا تزال متواضعة مقارنة بالزوار من جنوب آسيا أو أوروبا، فإن النمو مستمر بفضل الحملات الترويجية المحسّنة وتحسين وسائل الاتصال.
ونهدف هذا العام إلى مضاعفة هذا الرقم إلى أكثر من 10 آلاف سائح، خصوصاً خلال موسمي الصيف والشتاء، ونحن نعمل بشكل وثيق مع هيئة الترويج السياحي السريلانكية، ووكلاء السفر، وشركات الطيران لتعزيز حضورنا في السوق الكويتي.
راتناياكي: استثمارات كويتية تفوق 280 مليون دولار في البنية التحتية السريلانكية
الاستثمارات الكويتية
• ما حجم الاستثمارات الكويتية الحالية في سريلانكا؟ وما أبرز المشاريع السريلانكية في الكويت؟
– تركزت الاستثمارات الكويتية في سريلانكا تاريخياً في قطاعات الطاقة، والتمويل، والإنشاءات، ولعب «الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية» دوراً رئيسياً في تمويل مشاريع البنية التحتية والتنمية الريفية في سريلانكا، وقدم أكثر من 280 مليون دولار في شكل قروض ميسرة منذ سبعينيات القرن الماضي.
وتتمثل الأعمال السريلانكية بالكويت بشكل رئيسي في قطاعات الخدمات، والقوى العاملة، والخدمات اللوجستية، بما في ذلك وكالات التوظيف، وشركات التنظيف.
حالياً، نجري مناقشات مع جهات من القطاع الخاص الكويتي بشأن فرص استثمارية جديدة في البنية التحتية السياحية، والزراعة، وتجهيز الأغذية، ومن المبادرات القادمة الترويج لخدمات تكنولوجيا المعلومات في السوق الكويتي، الذي يشهد رقمنة نشطة ضمن رؤية الكويت 2035.
التعاون الأكاديمي واعد… وجامعاتنا توفر برامج في الطب والهندسة
• ماذا عن التعاون التعليمي بين الجامعات السريلانكية والكويتية؟
– التعاون التعليمي هو مجال واعد لم يستثمر فيه بعد بالشكل الكافي في العلاقات الثنائية، ولا توجد حالياً اتفاقيات رسمية بين الجامعات، لكن هناك تعاوناً فردياً وفرصاً لتبادل الطلاب قيد التطوير.
وتحتل الجامعات السريلانكية مكانة مرموقة في جنوب آسيا، وتقدم برامج بأسعار معقولة في مجالات الطب، والهندسة، وتكنولوجيا المعلومات، والإدارة، ما يجعلها جذابة للطلاب الكويتيين والخليجيين.
ونحن في طور مناقشة توقيع مذكرات تفاهم بين جامعة كولومبو، وجامعة بيرادينيا، وعدد من الجامعات الكويتية المختارة، كما نشجع التبادل الأكاديمي والبحثي، لاسيما في مجالات الطب الاستوائي والعلوم البيئية.
• ماذا عن الجالية السريلانكية ودورها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية بالكويت؟
– تضم الجالية السريلانكية في الكويت نحو 170 ألف شخص، وتلعب دوراً حيوياً في النسيج الاجتماعي والاقتصادي للدولة، وهم يعملون في قطاعات متنوعة، منها الرعاية الصحية، والإنشاءات، والضيافة، والتعليم، والخدمات المنزلية، ويُشيد أرباب العمل بانضباطهم، ومهاراتهم، وولائهم.
وقد عمل العديد من السريلانكيين في الكويت لأكثر من 5 عقود من الزمن، وأصبحوا جزءاً من النسيج الاجتماعي، ويساهمون في اقتصاد الخدمات الكويتي، بينما تدعم تحويلاتهم آلاف العائلات في وطنهم. وتعمل السفارة بنشاط على تحسين رفاههم، وتطوير مهاراتهم، وضمان حقوقهم العمالية، بالتنسيق الوثيق مع السلطات الكويتية.