حرب الحصريات تتلاشى! كيف تتغير قواعد اللعبة بين سوني ومايكروسوفت؟ | وطني

حرب الحصريات تتلاشى! كيف تتغير قواعد اللعبة بين سوني ومايكروسوفت؟ | وطني

شهدت صناعة ألعاب الفيديو في العقود الأخيرة صراعًا محتدمًا بين عمالقة مثل سوني من خلال بلايستيشن ومايكروسوفت من خلال اكس بوكس على الهيمنة وعلى شكل “من يرضي لاعبيه أكثر” وكان سلاحهم الأبرز هو الحصريات.

كل شركة سعت لامتلاك مكتبة ألعاب لا يمكن لعبها إلا على أجهزتها لدفع اللاعبين لشراء منصاتها، ولكن يبدو أن هذه “الحرب المقدسة” إن صح التشبيه، تقترب من نهايتها، مع مؤشرات قوية لتحولات جذرية في استراتيجيات الشركتين، خاصة مع آخر التطورات المتعلقة بسوني، وقد حسمت مايكروسوفت الأمر.

مايكروسوفت كانت السبّاقة في تجاوز الخط الأحمر

بدأت شركة مايكروسوفت منذ سنوات في رسم مسار مختلف، معترفة بتحديات التفوق على بلايستيشن في مبيعات الأجهزة، وقد تمحورت استراتيجيتها الجديدة حول فكرة أن جهاز الكونسول الخاص بها Xbox لم يعد مجرد جهاز، بل هو نظام بيئي متكامل، وهذا يعني بناء خدمة اشتراك قوية Game Pass تقدم مكتبة ضخمة من الألعاب، متاحة على أجهزة Xbox، الكمبيوتر الشخصي، وحتى عبر السحابة على أجهزة الجوال والشاشات الذكية.

والخطوة الأولى والجريئة كانت في إصدار ألعابها الكبرى، حتى تلك التي كانت تُعتبر حصريات أساسية أو “خط أحمر” على منصات منافسة مثل بلايستيشن ونينتندو، وقد رأينا ذلك مع ألعاب مثل Sea of Thieves و Hi-Fi Rush والآن Indiana Jones and the Great Circle وGears of War و Forza Horizon 5 على بلايستيشن 5، والنجاح المادي كان لافتًا وأسار لعاب مايكروسوفت، حيث أصبحت Forza Horizon 5 اللعبة الأكثر مبيعًا على بلايستيشن 5 في عام 2025.

وبعد استثمار مليارات الدولارات في الاستحواذ على شركات مثل Bethesda وActivision Blizzard، يصبح من المنطقي أن تستهدف مايكروسوفت أقصى عائد مادي من هذه الألعاب الضخمة مثل سلسلة إطلاق النار Call of Duty من خلال توفيرها لأكبر قاعدة جماهيرية ممكنة.

ويمكننا تلخيص كل ما سبق ذكره، بأن شركة مايكروسوفت بكل أدواتها وإمكاناتها، أدركت أن المال يُجنى من بيع الألعاب والخدمات للجميع، وليس فقط لمن يمتلك جهازها “الذي يعاني أصلًا من نقص في المبيعات أمام منافسيه“.

مؤشرات على التحاق سوني بالركب، فهل هو تحول مفاجئ وحذر؟

سوني

لطالما تمسكت شركة سوني بسياسة الحصريات الصارمة وبيئتها المغلقة تمامًا بحائط صد منيع يشبه “سور سينا من هجوم العمالقة” والتي لا يتجرأ أحد على الاقتراب منها، معتمدة على نجاح بلايستيشن 4 و5 في جذب اللاعبين بألعاب قصصية ذات جودة عالية لا تتوفر في أي مكان آخر.

لكن مع تراجع حصريات سوني بشكل ملحوظ خلال هذا الجيل وارتفاع تكاليف تطوير الألعاب بشكل جنوني، بالإضافة إلى تباطؤ نمو المبيعات، كان من الواضح لكل مُتابع خبير أن هذا النموذج لن يصمد طويلاً. كان الحفاظ على مكانة بلايستيشن القيادية وتأمين مستقبل سوني يتطلب إعادة تقييم جذرية للتوجهات السابقة.

ومع ذلك، تشير التطورات الأخيرة التي يمكن اعتمادها كمؤشر أولي، خاصة الأخبار المتعلقة بإعلانات التوظيف الجديدة، إلى أن سوني تستعد لخطوة مماثلة، وإن كانت بحذر أكبر.

كان البحث عن مدير أول للمنصات المتعددة وإدارة الحسابات للإشراف على الاستراتيجية التجارية العالمية لعناوين PlayStation Studios عبر جميع المنصات الرقمية خارج أجهزة بلايستيشن، بما في ذلك Steam و Epic Games Store و Xbox و Nintendo والجوال، هو اعتراف صريح بضرورة هذا التوجه.

سوني بدأت بالفعل في نقل حصرياتها القديمة إلى الكمبيوتر الشخصي بعد فترة حصرية على بلايستيشن، مثل God of War و Horizon Zero Dawn، وحققت نجاحًا كبيرًا، وهذه التجربة ربما كانت دافعًا لتوسيع أماكن تواجد متنجاتها الترفيهية.

نجاح Helldivers 2 كنموذج

حصريات اكسبوكس بلايستيشن helldivers

اللعبة الوحيدة من حصريات استديوهات سوني، وصدرت من استوديوهات سوني على منصات متعددة مثل بلايستيشن 5 والحاسب الشخصي، والآن Xbox هي لعبة Helldivers 2، وهي لعبة حققت نجاحًا باهرًا، وهو أمر لا يخفى على أحد، هذا يوضح لسوني أن الألعاب التي تعتمد على نموذج “الخدمات المباشرة” (Live Service) تستفيد بشكل هائل من قاعدة لاعبين أوسع.

هذه الخطوة من سوني تعني أنها لا تزال ترى بلايستيشن كمنصة أساسية، لكنها مستعدة لفتح أبوابها لبعض الألعاب أو الأنواع الجديدة على منصات منافسة لزيادة الأرباح والوصول.

الواقع الجديد لصناعة الألعاب

إن هذه التحولات ليست مجرد تغييرات تكتيكية، بل هي تعكس فهمًا أعمق لسوق الألعاب الحديث، فاللاعب هو الرابح الأكبر في النهاية،  فكل هذه التغييرات تصب في مصلحة المستهلك، حيث لم يعد اللاعب مضطرًا لشراء عدة أجهزة للاستمتاع بجميع الألعاب التي يرغب فيها. هنا أصبح المحتوى هو الملك، والمنصة مجرد وسيلة للوصول إليه.

وبينما ستظل هناك بعض الحصريات التي تحدد هوية كل منصة، فإن عددها سيتضاءل تدريجيًا بدون أدنى شك، فالشركات تدرك أن قصر الألعاب على منصة واحدة يعني خسارة إيرادات ضخمة من ملايين اللاعبين على المنصات الأخرى، والمنافسة المستقبلية ستكون حول من يقدم أفضل خدمة اشتراك مثل Game Pass، وأفضل تجربة لعب سحابي، وأفضل مجتمع ألعاب متكامل، وليس فقط من يمتلك الجهاز الأقوى.

ستكون الشركات أكثر مرونة في تحديد أي الألعاب تستحق أن تظل حصرية لفترة، وأيها يجب أن تنطلق على الفور عبر جميع المنصات لتعظيم الربح والوصول، وهذا التوجه قد يؤدي إلى مستقبل يصبح فيه الفارق بين جهاز Xbox وجهاز بلايستيشن أقل أهمية، وتتحول المنافسة نحو من يقدم أفضل تجربة لعب بغض النظر عن القطعة البلاستيكية أو المعدنية التي تشغل عليها اللعبة.

في الختام، نحن نشهد عصرًا جديدًا في صناعة الألعاب، عصرًا يطغى فيه الوصول والتوسع على الحصرية التقليدية، وهذا التحول يعني أن اللاعبين سيكون لديهم خيارات متنوعة للغاية، وأن الشركات ستضطر إلى التنافس على جودة المحتوى والخدمة بدلاً من الجدران المغلقة.

السؤال الآن ليس من سيفوز في حرب الأجهزة؟، بل كيف ستتكيف الشركات لتقديم أفضل تجربة ألعاب للجميع في كل مكان.