من الثورة الرسومية لصراع البقاء: رحلة Crytek العظيمة ومصير Crysis 4 الغامض! | وطني

من الثورة الرسومية لصراع البقاء: رحلة Crytek العظيمة ومصير Crysis 4 الغامض! | وطني

خلال العقود الماضية، تسابقت شركات ألعاب الفيديو لتقديم تجارب بصرية وتقنية غير مسبوقة، وهنا يبرز اسم Crytek كأحد الرواد الذين دفعوا حدود الابتكار إلى أقصاها. من بدايات متواضعة مدفوعة بشغف ثلاثة إخوة، إلى تطوير ألعاب شهيرة للغاية ترك بصمتها، ومحرك رسومي أسطوري لا يزال من بين أقوى المحركات حتى يومنا هذا.

“روي قصة الشركة حكاية طموح لا يعرف المستحيل، وتحديات لم تكسر شوكة الإبداع. يأخذنا هذا المقال في رحلة عميقة لاستكشاف مسيرة هذه الشركة الألمانية، مستلهمين من تفاصيل دقيقة جاءت في الحلقة الأولى من السلسلة الوثائقية “Our Story” لشركة Crytek، والتي تحمل عنوان X-Isle: Dinosaur Island to Crysis.

البدايات الحالمة من ألعاب الطفولة إلى X-Isle

X-Isle

تأسست Crytek على يد الإخوة يالي في عام 1994، مدفوعين بشغفهم بالألعاب واستيائهم من بعض جوانبها آنذاك، حيث بدأت شرارتهم الأولى عندما أقنعوا والدهم بشراء جهاز حاسوب متطور بحجة الدراسة، وقد تحول الى منصة لعب، ثم سرعان ما تحول شغف الألعاب إلى مختبر لتجاربهم.

بدأ أحد الأخوة Yeli في استكشاف مكتبة OpenGL، ونشر لقطة شاشة لمكعب ثلاثي الأبعاد لفتت انتباه أخيه تشاد الذي رأى فيها فرصة لتأسيس شركة ألعاب صغيرة، ولكن كانت رؤيتهم واضحة تتمثل في تقديم تجارب عالم مفتوح، على عكس ألعاب الاستراتيجية و RPG المعقدة التي كانت سائدة في ألمانيا حينها.

عملوا عن بعد مع فريق دولي من حوالي 50 شخصًا، وتواصلوا عبر ICQ لبناء عرض تقني توضيحي مبهر يحمل اسم X-Isle في عام 2000، والذي أثار إعجاب ممثلي وسائل الإعلام ومهد الطريق لأول اتفاقية تجارية لهم.

أول مشروع ضخم لعبة Far Cry وميلاد CryEngine 1

Far Cry 7
Far Cry

كانت لحظة فارقة في تاريخ Crytek عندما استخدمت شركة Nvidia عرض X-Isle التقني لإطلاق بطاقة الرسوميات GeForce 3، وقد وضع ذلك فريق Crytek في قلب صناعة ألعاب الفيديو، وهو الأمر الذي لفت انتباه الشركة الناشرة Ubisoft، التي وقعت معهم لتطوير لعبة Far Cry.

وبعد ثلاث سنوات من العمل الشاق، تم إصدار Far Cry، اللعبة التي لم تكن مجرد نجاح تجاري، بل كانت ثورة في عالم ألعاب إطلاق النار، فقد قدمت تجربة عالم مفتوح غير مسبوقة في وقت كانت فيه معظم الألعاب مقيدة بممرات خطية، وتميزت اللعبة بتضاريس ضخمة ونباتات واقعية، ومياه بانعكاسات مذهلة، بالإضافة إلى ذكاء اصطناعي متقدم يمكنه سماع ورؤية اللاعب. كل ذلك أضاف عمقًا تكتيكيًا للعب، فمع Far Cry، وُلد محرك CryEngine 1، الذي أثبت قدرته على تقديم رسوميات متطورة وبيئات تفاعلية.

قمة الإبهار الرسومي تجسدت بلعبة Crysis ومحرك CryEngine 2 الأسطوري

من من اللاعبين المخضرمين لا يتذكر  “?Can it run Crysis” العبارة التي أصبحت معيارًا للعديد من بطاقات الرسومية، وأداء الحواسيب، فبعد نجاح Far Cry، لم ترضَ شركة Crytek إلا بالارتقاء إلى مستوى جديد كليًا، وقد كان هدفهم من المشروع الجديد، وهو لعبة Crysis (التي اعتبرت آنذاك ملكة ألعاب الشوتر والرسوميات)، هو الابتكار المستمر، وتقديم ميزات تقنية جديدة تضيف قيمة للعب وتجعل التجربة تقترب من السينما، وباستخدام محرك CryEngine 2، قدمت Crysis بيئة قابلة للتدمير بشكل غير مسبوق، حيث يمكن تدمير كل شيء من أشجار النخيل التي تتفاعل أوراقها بشكل فردي، إلى الأكواخ الخشبية.

اشتهرت اللعبة بمتطلباتها العالية على أجهزة الحاسب الشخصي، مما جعلها “اختبارًا حقيقيًا” لقوة أي جهاز لعقدين من الزمان. ركز المطورون على أدق التفاصيل، من نظام الإضاءة المتقدم الذي يلقي بظلاله حتى من الأوراق الصغيرة، إلى الواقعية في تصميم الأسلحة ونظام بدلة الـ Nanosuit التي منحت اللاعب شعورًا فريدًا بالتمكين والقوة وجمع كل عناصر والحرية في اللعب، وعند إطلاقها، حصدت Crysis إشادة واسعة، وأصبحت معيارًا جديدًا في الصناعة، ومحرك CryEngine 3 يتمتع بإمكانات أقوى.

من Ryse إلى Hunt: Showdown

Hunt: Showdown 1896
Hunt: Showdown 1896

لم تكن مسيرة Crytek خالية من التحديات، فبعد Crysis، سعى الفريق لتطبيق أساليب الإنتاج الضخمة المستوحاة من هوليوود، حتى أنهم تعاونوا مع الملحن الأسطوري هانز زيمر، وقد شهدت هذه الفترة مشاريع مثل Crysis 2 التي نقلت التجربة إلى بيئة حضرية ” أي في المدن، ولعبة Ryse: Son of Rome، التي ركزت بشكل كبير على التقاط الأداء لتقديم رسوميات شخصيات لا مثيل لها.

ورغم اتجاه اللعبة الخطي، فقد واجهت الشركة صعوبات مالية وتحديات في التكيف مع متطلبات السوق المتغيرة، ومع الأسف أدى ذلك إلى إلغاء بعض المشاريع وتغييرات في الاستراتيجية، ولكن مع ذلك، أظهرت Crytek مرونة كبيرة في التعافي والتكيف، ففي السنوات الأخيرة، شهدنا صدور عناوين ناجحة مثل Hunt: Showdown، وهي لعبة قدمت تجربة فريدة تجمع بين الرعب والبقاء وإطلاق النار التنافسي، وأثبتت قدرة فريق التطوير على الابتكار في أنواع مختلفة.

محرك CryEngine ومعيار التقنية الرسومية

على مر السنين، لم يكن تأثير Crytek مقتصرًا على ألعابها الخاصة، بل امتد ليشمل محركها الشهير CryEngine، وهو محرك  تطور عبر أجياله المختلفة، كان دائمًا في طليعة التقنيات الرسومية، مقدمًا أدوات قوية للمطورين في تجسيد تفاصيل واقعية ومذهلة، من نظام الإضاءة المتقدم إلى التدمير البيئي، وبالطبع فكما يعرف العديد من اللاعبين، فلطالما كان CryEngine معيارًا للتميز التقني، وما زال يشكل جزءًا حيويًا من إرث Crytek في صناعة الألعاب.

Crysis 4 وأمل ضئيل في الأفق أم نهاية حقبة رسومية؟

مع كل التطورات المثيرة في مسيرة Crytek، يظل مصير الجزء الرابع من اللعبة يلقي بظلال من القلق والتساؤلات في قلوب محبي السلسلة والمهتمين بالصناعة، فالأنباء الأخيرة حول لعبة Crysis 4 عن تسريحات الموظفين الكبيرة التي طالت حوالي 15% من القوة العاملة في Crytek (ما يقرب من 60 شخصًا)، بالإضافة إلى رحيل مدير اللعبة ماتياس إنجستروم إلى IO Interactive في نوفمبر الماضي، ترسم صورة قاتمة للغاية لمستقبل المشروع.

فقد أصبح من الصعب اليوم أكثر من أي وقت مضى تخيل استئناف تطوير Crysis 4 في المستقبل القريب، خاصة مع تحول تركيز المطورين المتبقين في الاستوديو بشكل كامل لدعم لعبة Hunt: Showdown 1896 وتحقيق الاستدامة المالية للشركة.

لقد واجهت Crytek تحديات تاريخية حتى مع عناوينها الناجحة مثل Crysis 2، حيث كانت سمعة محركها المتطلب للأجهزة عائقًا أمام تبني المطورين له على نطاق واسع، خصوصًا على منصات الأجهزة المنزلية الأقل قوة، وهذا التاريخ يضيف طبقة من القلق على الوضع الحالي. بينما كان عشاق السلسلة ينتظرون بفارغ الصبر عودة Crysis لتعزيز مكانة المحركات الذاتية الصنع في وجه هيمنة محركات مثل Unreal Engine، يبدو أن هذا الطموح قد يضطر للانتظار طويلاً.