
تُكثف الحكومة المصرية جهودها لتلبية احتياجات السوق المحلية من الأدوية وسط شكاوى مستمرة من «نواقص» بعض الأصناف، واتفقت «هيئة الدواء» المصرية مع ممثلي شركات التوزيع على «آليات لضمان تلبية احتياجات المواطنين من الدواء».
وخلص اجتماع لرئيس «هيئة الدواء» المصرية، علي الغمراوي، الخميس، مع ممثلي شركات توزيع الأدوية إلى «وضع استراتيجيات فعالة ومتوازنة تلبي احتياجات السوق المحلية». وناقش الاجتماع «وضع أولوية تتبنى آليات سوق مرنة وشاملة تستند إلى المعايير الدولية المحدثة، بما يساهم في دعم الشفافية واستقرار السوق الدوائية»، كما جرى «تبادل الرؤى حول سبل تعزيز التعاون بين الهيئة وشركات التوزيع لتطوير السياسات الدوائية، بما يحقق التوازن بين متطلبات التنمية المستدامة وضمان وصول الأدوية بجودة وكفاءة عالية».
تأتي التحركات الحكومية وسط استمرار شكاوى المواطنين من «نواقص» الأدوية وعدم توافر بعض الأصناف، وبدأت أزمة الدواء في مصر عقب قرارات متتابعة بتحرير سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، كان آخرها في مارس (آذار) 2024. (الدولار الأميركي يساوي 49.6 جنيه في البنوك المصرية).
«على الرغم من خفوت أزمة (نواقص) الأدوية في مصر منذ نهاية العام الماضي، فإن بعض الأصناف ما زالت غير متوفرة»، وفق عضو «لجنة الصحة» بمجلس النواب (البرلمان)، إيرين سعيد، التي قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الوضع أفضل كثيراً في الوقت الحالي، فالأصناف غير المتوفرة قليلة».
وأوضحت سعيد أنه «على الحكومة أن تبحث مع شركات الأدوية عن حلول دائمة تضمن توافر جميع أنواع الدواء، على أن يشارك في النقاشات جميع المؤسسات الرسمية ذات الصلة»، مؤكدة أن «التجاوز النسبي لمشكلة عدم توافر الدولار لاستيراد المواد الخام لصناعة الدواء يجب أن يستثمر في وضع تصورات لتطوير الصناعة بعدّها قطاعاً استراتيجياً يؤثر بشكل مباشر في حياة ملايين المصريين».
وأقر رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي في سبتمبر (أيلول) الماضي بـ«وجود نقص في 580 دواء بالسوق المصرية»، مشيراً خلال زيارته مجموعة من مصانع الأدوية حينها إلى «توفير نحو 470 دواء منها».
ووفق إفادة لـ«مجلس الوزراء المصري» أكدت «هيئة الدواء»، الخميس، أنها اتفقت مع ممثلي الشركات على «أهمية استمرار قنوات التنسيق والتواصل لمواكبة المتغيرات العالمية، وتحقيق التكامل بين السياسات الدوائية والاقتصادية بما يضمن أفضل استفادة للقطاع الصحي والدوائي، في إطار حرص (الهيئة) على تعزيز الشراكة مع الأطراف المعنية، وتطوير منظومة تسعير تواكب متطلبات التنمية المستدامة، وتخدم مصالح جميع الشركاء في القطاع الصحي والدوائي».
جانب آخر من أزمة الدواء في مصر يتطرق إليه الخبير الاقتصادي، وائل النحاس، مؤكداً أن «صناعة الدواء في مصر تواجه مشكلات كبيرة تحتاج إلى حلول جذرية»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «جوهر المشكلة أن عائد الاستثمار في صناعة الدواء أقل كثيراً من صناعات أخرى، على الرغم من تحقيق شركات الأدوية أرباحاً كبيرة، لكنهم يقارنون أرباحهم بقطاعات أخرى ويطالبون دائماً برفع أسعار الأدوية».
وبحسب النحاس فإنه «يوجد تباين وفجوة كبيرة لعوائد الاستثمار في صناعة الدواء وصناعات أخرى، لذلك يجب على الحكومة أن تقدم لشركات الأدوية حوافز استثمارية وإعفاءات ضريبية للنهوض بالصناعة دون تحميل فروق الأسعار للمواطن».
وكان رئيس الحكومة المصرية قد أثار جدلاً في سبتمبر من العام الماضي، عقب تصريحات أكد فيها أنه «تم تصدير أدوية مصرية بقيمة مليار دولار خلال 2023»، وتحدث مدبولي خلال زيارته مجموعة من مصانع الأدوية، عن استهداف الحكومة «زيادة الصادرات من الأدوية خلال عامين إلى ملياري دولار مع السعي للوصول إلى صادرات دوائية بقيمة 3 مليارات دولار قبل عام 2030».
وفي رأي الخبير الاقتصادي المصري «يشكل التوسع في التصدير أحد أسباب نقص الأدوية في السوق المحلية»، داعياً شركات الأدوية إلى «تطبيق مبدأ (التحوط) حيث يمكن تصدير نسبة لا تؤثر على السوق المحلية لتدبير عملة صعبة تستخدم لاستيراد مواد خام لإنتاج كميات إضافية من الأدوية».
ويوجد في مصر 172 مصنعاً للدواء، منها 15 مصنعاً دخلوا الخدمة آخر 3 سنوات، بالإضافة إلى 120 مصنعاً لمستحضرات التجميل، و116 مصنعاً للمستلزمات والأجهزة الطبية، و4 مصانع لإنتاج المواد الخام والمستحضرات الحيوية التي تدخل في صناعة الدواء، وفق تصريحات لرئيس الحكومة المصرية العام الماضي.